هدم الاحتلال منازلهم وشردهم.. “نابلس عزها بأهلها” حملة فلسطينية لإعادة بناء منازل المقاومين | سياسة


نابلس– جنبا إلى جنب وقف الفلسطينيان “هاني جوري” و”علاء الطويل” والدا الأسيرين كمال وأسامة عند دوار الشهداء وسط مدينة نابلس رفقة المنظمين لحملة “نابلس عزّها بأهلها” التي انطلقت اليوم نصرة وتضامنا معهما لإعادة بناء منزليهما اللذين هدمهما الاحتلال الإسرائيلي قبل أكثر من شهر.

وعند دوار الشهداء وسط مدينة نابلس، كبرى مدن شمال الضفة الغربية، وعلى وقع الأغنية الثورية “كبروا الصغار يا جبل النار وصاروا ثوار”، وبحضور جماهيري وإعلامي؛ أطلقت صباح أمس السبت “الحملة الشعبية لإعادة بناء منازل الأحرار الثانية” تحت شعار “نابلس عزها بأهلها”، حيث ستستمر الحملة أسبوعا كاملا.

وتهدف الحملة لجمع أكبر قدر من التبرعات المالية لدعم عائلتي الأسيرين كمال جوري وأسامة الطويل واللذين يتهمها الاحتلال الإسرائيلي بقتل جندي إسرائيلي العام الماضي قرب مستوطنة “شافي شمرون” غرب نابلس، حيث يسعى الاحتلال للضغط المستمر على عوائل المقاومين لعقابهم ولردع غيرهم، وهو ما تسعى الحملة لكسره أساسا.

نصرة للمقاومة

وبصلابة ورباطة جأش وقف والدا الأسيرين على رأس الحملة آملين خيرا في أهل مدينتهم خاصة وبعموم شعبهم الفلسطيني الذي لن يتركهما وحدهما؛ يصارعان همّ الهدم لمنزليهما والعيش بالأجرة، فضلا عن همّ الأسر الذي يواجهه 5 من أبنائهما في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وعن ذلك يقول الأب المكلوم هاني جوري، للجزيرة نت، إن الاحتلال شرَّد عائلته بعد أن هدم منزله واعتقل ولدَيه كمال ومحمد، حيث أُجبِر بعدها على الانتقال والعيش ببيت للأجرة متحملا “ألم الذكريات” بمنزله الذي أقام فيه منذ 16 عاما.

بيد أن جور الاحتلال لم يثبط عزيمة جوري الذي يقول “هدم الاحتلال حجارة منزلنا ولم يهدم عزيمتنا ولا معنوياتنا، وأكثر ما يؤلمنا الذكريات التي سنظل نعيشها، هذه الحملة ستصل رسالتها للاحتلال وتغيظه، وتريه كيف يقف الناس لجانب المقاومين وأهاليهم”.

ويتفق علاء الطويل مع جوري فيما ذهب إليه بأن الحملة “ستغيظ الاحتلال” معتبرا أنها “أقل واجب” تقدمه نابلس وشبابها لمن ضحوا وعملوا بما يُشرفهم ويشرّف فلسطين بمقاومتهم، مستذكرا -في حديثه للجزيرة نت- معاناته بعد هدم منزله وانتقاله للعيش بمنزل بالأجرة، مبينا أنه عانى من حالة من التوتر والقلق؛ ليس على المنزل المهدم وخوفه من مصير مجهول يواجه أبناءه الثلاثة المعتقلين لدى الاحتلال، بل على زوجته وابنته الوحيدة، التي بددت قبل أيام خوفهم وأثلجت صدورهم بتفوقها -من بين الأنقاض- بامتحان الثانوية العامة (التوجيهي).

عاطف دغلس- الحملة أطلقت بحضور شعبي ومؤسساتي من مدينة نابلس- الضفة الغربية- نابلس- وسط المدينة- الجزيرة نت1
الحملة أُطلقت بحضور شعبي ومؤسساتي من مدينة نابلس بالضفة الغربية وسط إقبال شعبي على تقديم الدعم والمشاركة (الجزيرة)

شعبية الحملة ونجاحها

إضافة لعائلتي جوري والطويل، أخطرت إسرائيل بهدم 5 منازل أخرى لشهداء بنابلس، كإجراء عقابي للمقاومين، إذ يشير مرصد شيرين الإلكتروني (أطلق حديثا تخليدا للزميلة شيرين أبو عاقلة) إلى أن الاحتلال هدم منذ بداية العام الجاري 15 منزلا كإجراء عقابي بسبب أعمال المقاومة، وذلك من أصل 583 منشأة فلسطينية تم هدمها ككل، بينها 214 منزلا (168 من هذه المنازل كانت مسكونة)، الأمر الذي تسبب بتشريد 951 فلسطينيا بالمجمل.

ورغم ذلك، لن ينال الهدم من المقاومين وعوائلهم، كما يقول مازن الدنبك، منسق حملة “نابلس عزّها بأهلها”، ويؤكد أن رسائلهم للاحتلال عديدة عبر هذه الحملة، أهمها أن نابلس كانت ولا تزال عصية على الاحتلال، وستبقى خلف المقاومة، مضيفا “كلما هدموا سنبني، وكلما قلعوا سنزرع”، مشيرا إلى أن مثل هذه الحملات الشعبية تعد الأقدر والأنجح على تحقيق الأمل للعائلات المستهدفة، لا سيما أن سكان نابلس جربوها لأكثر من مرة، حيث أعادوا منذ عام 2003 تشييد 3 عمارات سكنية هدمها الاحتلال، كما استطاع أهل نابلس عام 2016 جمع أكثر من 250 ألف دولار أميركي لإيواء 4 عوائل أسرى هدم الاحتلال منازلهم بعد أن نفذوا عملية إيتمار وقتلوا مستوطنَين اثنين.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول الدنيك إن “شعبوية” الحملة وبُعدها عن الجهات الرسمية أو المؤسسات؛ تجعلها مرغوبة أكثر وتحظى بدعم الناس وتبرعاتهم السخية، مضيفا أنه رغم تنسيقهم مع محافظ نابلس وبعض المؤسسات الرسمية بالمدينة، فإن “طابع الحملة شعبي وبعيد عن أية تدخلات او دعم رسمي”.

ويختتم حديثه عن الحملة والتبرعات بالقول “اعتمادنا بعد الله على حب الناس لفعل الخير وتفاعلهم مع ذلك بالتبرعات، إضافة لحبهم للمقاومة، والأهم أن تبرعهم ليس صدقة ولا منَّة، بل واجب وطني وأخلاقي وديني، وعلى كل فرد أن يتحمل مسؤوليته”.

عاطف دغلس- طفل يقوم بالتبرع خلال اطلاق الحملة- الضفة الغربية- نابلس- وسط المدينة- الجزيرة نت4
طفل يشارك بالتبرع في حملة “نابلس عزها بأهلها” (الجزيرة)

آلية العمل

ومن خلال اعتماد آلية محددة، سيتم جمع الأموال التي ستوفرها الحملة وستوضع في حساب مصرفي رسمي قبل أن تُقسَّم وتوزع على أصحابها عبر شراء منازل جديدة لهم في المواقع التي يختارونها وضمن المبلغ المرصود، وذلك وفق يزن جبر المنسق في الحملة عن نقابة المهندسين بنابلس، الذي قال إنهم سيعملون على الضغط على أصحاب العقارات لتوفير منازل بأسعار مناسبة تتوافق مع ما سيتم جمعه من أموال.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول جبر إنه رغم أن الحملة تتزامن مع ظروف اقتصادية صعبة يعيشها الفلسطينيون، غير أنها قادرة على أن تحقق هدفها المنشود، مستدلا على ذلك بحملة “فزعة نابلس جبل النار” التي أطلقوها إثر العدوان الأخير على مخيم جنين واستطاعوا عبرها وخلال ساعات محدودة تسيير نحو 40 شاحنة ومركبة محملة بجميع المستلزمات الغذائية والدوائية إلى مخيم جنين، إضافة لما شهدته مدينة نابلس من حملات إعمار سابقة.

وما إن وُضعت صناديق التبرعات حتى بادر الناس -صغارا وكبارا- لمد يد العون، وشوهد الأطفال وهم يقدمون كل ما بحوزتهم لدعم الحملة. وتقول أم عدي -وهي إحدى المتبرعات- للجزيرة نت إن هذه الحملات ليست غريبة على الشعب الفلسطيني ونابلس خاصة، وإن هذا “أقل واجب، نساند فيه المقاومين وأسرهم ونساند بعضنا بعضا”.

وعلى غرار نابلس أُطلقت بمدينة جنين ومخيمها وبمواقع أخرى بالضفة الغربية حملات شعبية مماثلة لمساندة أصحاب المنازل المهدمة، وبسبب عفويتها وبساطتها، حظيت تلك الحملات بقبول ودعم جماهيري واسع النطاق.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post حظر فرض رسوم جديدة على المستثمرين إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للاستثمار
Next post انطلاق الموسم الثانى لبرنامج “كابيتانو مصر” لاكتشاف مواهب كرة القدم بالبحيرة اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading