تستمر الاحتجاجات التي يقوم بها الصرب شمالي كوسوفو، مطالبة بسحب قوات الشرطة من أمام المباني العامة، فما حيثيات وخلفيات النزاع الدائر في شمال كوسوفو؟ وما الأسباب التي أدت إلى اندلاع الاشتباكات؟
تعلن المظاهرات -التي اندلعت في مناطق تسكنها أغلبية صربية- رفضها تعيين عُمَد فازوا في انتخابات بلدية قاطعها الصرب بأمر من سلطات بلغراد في صربيا المجاورة، توتر دعت واشنطن والعواصم الغربية لوقفه، فيما تمسكت الحكومة بإجراءاتها.
كما تتالت الدعوات الخارجية من أجل اتخاذ إجراءات فورية تنهي التوتر المتصاعد بينهما، بيد أن تمسك الصرب بموقفهم والحكومة الكوسوفية بإجراءاتها يشير إلى أن المشكلة تعود إلى جذور عميقة تجلت في الخلاف الذي شاب الانتخابات البلدية الأخيرة.
ما جذور الخلاف؟
وفي هذا السياق، أرجع أيدن هيهير أستاذ العلاقات الدولية في جامعة وستمنستر والباحث في شؤون البلقان -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/6/1)- سبب أعمال العنف إلى الخلاف الطويل بين صربيا التي تعتبر كوسوفو جزءا من أراضيها، فيما أعلنت الأخيرة استقلالها عام 2008 باعتراف أغلب دول العالم، لكن صربيا رفضت ذلك وحاولت التدخل بشكل مستمر في الشؤون الداخلية لكوسوفو.
وأشار إلى أن أميركا حملت حكومة كوسوفو مسؤولية توتر الأحداث، معتبرا أنه من المحزن أن تتخذ واشنطن وفرنسا وبعض الدول الأخرى موقفا ضد حكومة كوسوفو، مشددا على أن صربيا كانت سباقة للهجوم، فيما تلعب أميركا لعبة مزدوجة تثبت من خلالها أن الدولتين فاشلتان ولا تستطيعان حل النزاع بينهما.
من جهته، لم يتوقع الباحث المختص في شؤون البلقان بالمعهد الإيطالي للدراسات السياسية والدولية جورجيو فروشون أن تتطور الأحداث إلى حرب جديدة في أوروبا، نظرا لعدم توفر الدولتين على الإمكانيات والميزانية العسكرية لذلك، موضحا أن المواجهة ستكون بمثابة انتحار عسكري لصربيا.
وأرجع ذلك إلى أن كوسوفو تتوفر على أكبر قوة لحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO)، أما من الجانب الدبلوماسي فكلا الطرفين يفتقر للدعم من شركائهما، ولا يمكن حتى لروسيا أن تتدخل وتدعم النزاع بشكل عسكري، معتبرا بذلك أن النزاع بين الطرفين لن يتطور إلى حرب، خاصة أنه طويل الأمد.
احتجاجات صربية
يذكر أن التوتر في شمال كوسوفو تصاعد نهاية يوليو/تموز الماضي بعد إصدار السلطات قانونا يلزم السكان بالحصول على بطاقات هوية من إصدار البلد، والاستعاضة عن لوحات السيارات القادمة من صربيا بلوحات من إصدار كوسوفو.
وبينما علق فيه رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي على موجة الاحتجاجات الصربية بالقول إن السلطة في كوسوفو يمكن الحصول عليها بالانتخابات وليس بالعنف أكد الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أن انسحاب رؤساء البلديات الجدد في شمالي كوسوفو هو الخطوة الأهم لوقف التوتر.
لكن هذه الخطوة لم تتخذ بعد وسط تحذيرات من وزارة الداخلية في كوسوفو من النفخ في نيران التصعيد، واصفة الدعوات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي للمواطنين من القومية الألبانية للتظاهر في بلدة ميتروفيتسا الجنوبية شمالي البلاد بالمشبوهة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.