ذكر موقع المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات في تقرير أن علاقات روسيا مع الدول الأفريقية قوية وعميقة، وستزداد قوة في المرحلة القادمة مع عقد اتفاقات جديدة تعزز ما سبق واتفق عليه في لقاءات سابقة لعل أهمها لقاء سوتشي في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وأوضح المركز أن روسيا وقعت مع القارة السمراء إثر قمة سوتشي حوالي 100 اتفاقية بقيمة تفوق تريليون روبل (نحو 11 مليار دولار)، ومذكرة حول أسس العلاقات والتعاون، وعقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقتها اجتماعات ثنائية مع قادة 16 دولة أفريقية.
وأضاف أنه طوال السنوات الأربع الماضية تغير المشهد الدولي وانفصلت روسيا سياسيا واقتصاديا عن الغرب، مما دفعها إلى إعادة توجيه سياستها بالكامل نحو جغرافيا سياسية أخرى تحتل فيها دول القارة الأفريقية مكانة رائدة.
توثيق التعاون
وتأكيدا لأهمية العلاقات الروسية الأفريقية شارك في قمة سان بطرسبورغ ممثلون عن 49 دولة أفريقية، بمن في ذلك رؤساء 17 دولة أفريقية، وبحسب الرئيس الروسي، فإن حجم المبادلات التجارية مع الدول الأفريقية لعام 2022 تجاوز 18 مليار دولار.
ويعد الأمن الغذائي والقضاء على الجوع من المشاكل الرئيسية التي تجابهها القارة الأفريقية، لذلك تعهدت موسكو بتسليم عدد من بلدان القارة السمراء القمح والشعير والذرة والمحاصيل الأخرى على أساس تعاقدي وبصفة مجانية.
وفي عام 2022 صدّرت روسيا 11.5 مليون طن من الحبوب إلى أفريقيا وحوالي 10 ملايين طن أخرى في الأشهر الستة الأولى من هذا العام، ولا تزال عمليات التسليم مستمرة.
ونقل تقرير المركز الروسي عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام قوله إن روسيا تعتبر أكبر مورّد للأسلحة في أفريقيا، ولا تزال العديد من الدول في القارة تسعى للحصول على المعدات العسكرية الروسية.
مجالات متنوعة
وخلال قمة سان بطرسبورغ أكد الجانب الروسي استعداده لمواصلة تقديم المساعدة للبلدان الأفريقية في تدريب الأطر الوطنية الأفريقية، وفي الوقت الحالي تستضيف روسيا حوالي 35 ألف طالب من القارة يخضعون لتدريب احترافي، ومع ذلك فإن الجانب الروسي لديه فرص لزيادة عددهم مع توسيع مجالات التعليم وتحسين جودته.
وبحسب التقرير، أطلقت وزارة التعليم والعلوم في روسيا في عام 2019 مشروعا تجريبيا للتعاون العلمي والتعليمي مع دول شرق أفريقيا، وتوجد مراكز علمية وثقافية روسية في كل من مصر وزامبيا والمغرب وجمهورية الكونغو وتنزانيا وتونس وإثيوبيا وجنوب أفريقيا.
وأورد تقرير المركز الروسي أن أفريقيا الحديثة تلقب بقارة الفرص الجديدة، حيث تتطور العديد من الدول ويتزايد استهلاكها وبالتالي يتزايد طلبها.
لكنه استدرك بالقول إنه مع ذلك لا ينبغي توقع رمي الأفارقة أنفسهم في أحضان الروس رغم إشادتهم بالدور الهائل للاتحاد السوفياتي في تحرير أفريقيا من الاستعمار والمساعدة التي قدمها في سبيل تنمية الاقتصاد والصناعة في العديد من البلدان.
منافسة شرسة
ومن أجل احتكار هذا السوق اليوم من الضروري مقاومة المنافسة الشرسة مع كل من الغرب والصين اللذين يصوبان أنظارهما نحو أرض الفرص التي تزخر بحوالي 30% من احتياطيات المعادن في العالم.
وأفاد التقرير بأن حجم التبادل التجاري بين الدول الأفريقية والاتحاد الأوروبي بلغ حوالي 300 مليار دولار، فيما ناهز حجم تبادل هذه الدول مع الصين حوالي 250 مليارا.
في المقابل، وعدت الولايات المتحدة باستثمار 55 مليار دولار في غضون 3 سنوات في اقتصادات الدول التي تدعم نظام زيلينسكي وتعارض روسيا، على حد تعبير المركز الروسي.
وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا وأفريقيا 18 مليار دولار العام الماضي.
وأكدت مديرة معهد الدراسات الأفريقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية إيرينا أبراموفا أن القارة الأفريقية تمثل اليوم موطن جذب يندلع من أجله صراع خطير، ويعود ذلك بالأساس إلى العوامل الديمغرافية، ذلك أن 60% من سكان القارة اليوم دون سن الـ25، مما يبشر بنمو السوق الاستهلاكية في أفريقيا بوتيرة سريعة.
وصفة الفوز
ومن أجل دحر المنافسين تحتاج روسيا إلى إثبات فعالية مقترحاتها والعمل بشكل مباشر مع نظرائها الأفارقة، بما في ذلك من خلال المنصات الدولية ودراسة العرض والطلب بعناية.
وبحسب تقرير المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات، فإن العامل النفسي يضطلع بدور مهم في التعاون مع الدول الأفريقية، وبالتالي روسيا تصوب أنظارها نحو القارة كشريك يحمل نوايا ودية، ولا تنظر إليها كمستعمرات مثلما تفعل الدول الغربية، وعليه يتعين على رجال الأعمال الذين يعتزمون الحصول على موطئ قدم في أفريقيا دراسة القارة وعادات الناس وخصائص سلوكهم.
كما أكد ستانيسلاف تكاتشينكو الأستاذ في جامعة سان بطرسبورغ أن موجات الهجرة الأفريقية لا تستهدف روسيا حاليا، لكن مع تعميق التعاون يعتقد الخبراء أن الوضع سيتغير لاحقا، مما يتطلب من موسكو الاستعداد لذلك واستقطاب أصحاب المؤهلات والمستوى التعليمي العالي ووقف محاولات انتشار التنظيمات الإرهابية.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.