مراقبون أميركيون تحدثوا للجزيرة نت.. هل هز تمرد فاغنر مكانة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟ | سياسة


واشنطن- فشل تمرد قائد قوات فاغنر يفغيني بريغوجين، وبقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السلطة، ومع ذلك يقول البعض إن مكانة الرئيس تآكلت، ويتساءلون عما سيحدث بعد ذلك في روسيا.

ويرى مراقبون أميركيون أن ما حدث يعد بداية نهاية لعهد بوتين، في حين لا يتفق معهم آخرون في هذا التقييم، لكن هناك إجماعا بين الطرفين على أن ما ستشهده روسيا عقب محاولة تمرد فاغنر لن يكون جيدا، وسيختلف عما عرفته من قبل.

وكان بريغوجين أمر قواته بالتحرك من أوكرانيا إلى داخل روسيا بعد اتهامه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بإصدار أوامر بقصف قوات فاغنر داخل الأراضي الأوكرانية، وانتهت الأزمة بتدخل رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو بعقد صفقة قبلتها جميع الأطراف.

وفي الوقت الذي لا يجمع فيه معلقو السياسة الخارجية في واشنطن على أن تمرد بريغوجين يدل على اهتزاز حكم بوتين، أشار الكاتب بمجلة “نيويوركر” ماشا غيسن إلى أن محاولة التمرد قدمت للشعب الروسي شيئا لم يتذوقه منذ وقت طويل، ألا وهو السياسة.

وكتب غيسن أن “الروس رأوا شيئا غير عادي نهاية الأسبوع الماضي، لقد شاهدوا صراعا سياسيا حقيقيا، ورأوا شخصا آخر غير بوتين يتصرف سياسيا، والأهم من ذلك أنه يمارس القوة، وعلى الرغم من أنه على المدى القصير قد يبدو الأمر كما لو أن بوتين نجا من محاولة الانقلاب العرضية لبريغوجين فإن شيئا ما قد تغير في روسيا”.

موقف صعب

ورأى بعض المراقبين في واشنطن أنه يصعب على بوتين تصوير بريغوجين على أنه دخيل أو عدو خارجي مثل حالة الشيشان في تسعينيات القرن العشرين، أو بالطريقة التي صورت بها روسيا الأوكرانيين أو الغرب على نطاق أوسع.

فبريغوجين هو صنيعة بوتين بالكامل، وهو مدين في كل ما حققه للرئيس الروسي، ومع ذلك فشل بوتين في إخضاعه عندما بدأ التصعيد قبل عدة أشهر؛ في تطور غير مسبوق إلى حد كبير في روسيا الحديثة.

وقال المسؤول السابق بالبنتاغون والمحاضر بكلية الدفاع الوطني بواشنطن ديفيد دي روش للجزيرة نت “هذه فوضى حقيقية، لقد قال مكيافيلي في القرن 16 إن المرتزقة لا يمكن الاعتماد عليهم بطبيعتهم، رغم أنك قد تحصل على مكاسب قصيرة الأجل منهم، لقد أثبتت الأحداث في روسيا حكمته”.

وأضاف روش “لا أستطيع القول بشكل خاص إن تبعات هذا التمرد قد انتهت؛ لا أعتقد أن بوتين يمكن أن يبقى زعيما ما دام بريغوجين لم يحاكم على قيادته التمرد”.

وتابع “لقد قتلت قوات فاغنر ما لا يقل عن 13 طيارا في سلاح الجو الروسي، وأسقطت 7 طائرات روسية، منها طائرة قيادة وتحكم محمولة جوا ذات قيمة خاصة، لا أستطيع أن أرى كيف يمكن لوزارة الدفاع الروسية أن تغض الطرف عن ذلك وتنساه، معربا عن اعتقاده بأن قصة فاغنر قد توقفت مؤقتا، وسيكون الفصل التالي دمويا بشكل خاص”.

من جانبه، قال خبير الشؤون الروسية بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية نايجل غولد ديفيز إن هناك شعورا بشيء يشبه الذعر في موسكو الآن، هذه أزمة غير مسبوقة لرئاسة بوتين، وهناك سؤال لا نملك إجابة عليه الآن: لو بقي بوتين في السلطة على المدى القصير فهل يستطيع البقاء رئيسا على المدى الطويل؟

بوتين لم يضعف

واختلف تقييم الخبير الاستخباراتي الأميركي جوناثان أكوف من قسم دراسات الاستخبارات والأمن القومي بجامعة كارولينا الساحلية، الذي عمل في السابق محللا عسكريا في المكتب الوطني للبحوث الآسيوية؛ عن الرأي السائد في أعمدة أهم الصحف الأميركية، مثل وول ستريت جورنال، ونيويورك تايمز، وواشنطن بوست، إذ لا يعتقد أن الرئيس بوتين قد ضعف بشكل كبير بسبب محاولة الانقلاب.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال أكوف “كان من المرجح أن يتم عزل بريغوجين أو سجنه أو قتله قبل محاولة الانقلاب، كان وزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف انتصرا بالفعل حين طلب بوتين من جميع المتعاقدين الروس الخضوع لسيطرة وزارة الدفاع، وكان من شأن ذلك أن يضع بريغوجين تحت قيادة خصمه شويغو.

وأعرب عن اعتقاده بأن بريغوجين تصرف في محاولة عبثية لتغيير تلك النتيجة، وأنه فشله مع نشر القليل من الأصول العسكرية الروسية ضده، وعدم انشقاق أي منها علامة على أن بوتين لن يذهب إلى أي مكان.

على أميركا أن تبقى متيقظة

وكتبت ليانا فيكس ومايكل كيماج في مجلة فورين أفيرز أن “ما سيتبع محاولة التمرد تلك سيكون بداية محاولة الرئيس بوتين لإنهاء حالة عدم اليقين وإعادة الأمور إلى طبيعتها، ولكن أيضا مع الإذلال الذي تعرض له للتو من المرجح أن يجنح نحو الانتقام”.

في الوقت ذاته، طالب الكاتبان الولايات المتحدة وحلفاءها باليقظة والعمل على تخفيف عواقب أي عدم استقرار حقيقي في روسيا والاستعداد لمواجهة جميع السيناريوهات.

وكرر الكاتبان ضرورة “أن يسعى الغرب إلى الشفافية بشأن السيطرة على الأسلحة النووية الروسية، خاصة مع أنه من غير المرجح أن يبقى عدم الاستقرار في موسكو داخل حدود روسيا، إذ يمكن أن ينتشر في جميع أنحاء المنطقة؛ من أرمينيا إلى بيلاروسيا”.

ويشير كيماج وفيكس إلى أنه إذا خسر بوتين السلطة، فإن من سيخلفه قد يكون أكثر عدوانية وقومية.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post المحكمة العليا تلغي برامج العمل الإيجابي في هارفارد وجامعة الأمم المتحدة
Next post قبل النوم تؤدي اليوجا إلى فقدان الوزن والنوم بشكل أفضل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading