مراسلو الجزيرة نت
واشنطن- خلصت نتائج تقرير -نشره مركز بحثي أميركي لمحاكاة حرب أميركية صينية في حال إقدام الصين على غزو تايوان- إلى توقّع نتائج كارثية خلال أيام بعد بدء القتال.
وأجرى مركز الأمن الأميركي الجديد “سي إن إيه إس” (CNAS) محاكاة لكيفية استخدام الولايات المتحدة الأدوات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية لإيقاف وهزيمة غزو صيني متوقع لتايوان، وتم تقديم الدراسة للجنة مجلس النواب المعنية بالمنافسة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين.
ورأى المركز (المعروف بقربه من الحزب الديمقراطي وإدارة الرئيس جو بايدن) أن الحرب مع الصين ستشهد نفاد ذخائر الولايات المتحدة المفضلة في الأيام الأولى من الصراع، وأن القاذفات الإستراتيجية والغواصات الأميركية ستمنح واشنطن ميزة فريدة وغير متماثلة في الصراع المحتمل مع الصين، كما أن التواجد العسكري في منطقة المحيطين الهندي والهادي يمنح القوات الأميركية وضعا أفضل للدفاع عن تايوان.
وركّزت المحاكاة على عملية صنع القرار الإستراتيجي في واشنطن وبكين، وسعت إلى تقديم رؤى حول ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة للانتصار في حالة فشل ردع الصين عن القيام بمثل هذه الخطوة.
وسعت المحاكاة إلى تزويد أعضاء مجلس النواب بفهم لمجموعة من الخيارات الصينية المحتملة بما يتماشى مع توجيهاتهم الإستراتيجية وعقيدتهم العسكرية.
خسائر باهظة
ووفقا لنموذج المحاكاة، فإن الصين إذا قررت غزو تايوان وتدخلت الولايات المتحدة لمنعها من السيطرة على هذه الجزيرة، فإن التكاليف البشرية والاقتصادية والعسكرية ستكون هائلة لجميع الأطراف المعنية.
ومن المرجح أن تنهار الأسواق مع وجود اثنين من أكبر الاقتصادات عالميا في حالة حرب مع بعضهما البعض، وتتوقف الحركة البحرية والجوية التجارية في المنطقة بسبب ارتفاع أسعار التأمين والخوف من الوقوع في مرمى النيران، كما سيكون الصراع نفسه مختلفا عن أي شيء شهدته الولايات المتحدة أو الصين في تاريخهما الحديث.
ووفقا للنموذج، فإن القوات الأميركية تتعرض للهجوم في أكثر من 10 قواعد، وتفقد أكثر من 90 طائرة نفاثة، وتتدمر غواصتان هجوميتان لها، إلى جانب تضرر 3 غواصات هجومية أخرى، وغرق سفينتين برمائيتين، وتضرر حاملة طائرات واحدة، وهذا بعد أسبوع واحد فقط من القتال.
وعلى الجانب الصيني، فقدت بكين أكثر من 150 طائرة و15 غواصة وأكثر من 100 سفينة سطحية وحاملة طائرات واحدة. إلا أنها تمكنت من إنزال نحو 50 ألف جندي في تايوان.
ويرى معدّو المحاكاة أن هذه الخسائر المروعة والمبدئية تُصعّب تحمس أي من الدولتين لخوض صراع عسكري قد يطول مداه ويأتي بنتائج كارثية لكلا الطرفين.
4 مراحل للصراع
خلصت المحاكاة إلى أنه لا يمكن لأي من الجانبين هزيمة الآخر بسرعة، وأن الغزو الصيني لتايوان من المرجح أن يصبح صراعا طويل الأمد.
ويرى معدو المحاكاة أنه مع الحاجة إلى مزيد من العمل لتحديد الإستراتيجيات التي تمكّن الولايات المتحدة من الانتصار على المدى الطويل، تم تحديد 4 أطر زمنية مختلفة لهذه الصراع على النحو التالي:
- مرحلة ما قبل الحرب: حيث يجب أن تركز الإجراءات الأميركية على تعزيز الردع التقليدي. وستحتل الدبلوماسية مركز الصدارة، حيث ستحتاج الولايات المتحدة إلى بناء دعم دولي لردود اقتصادية وعسكرية قوية على العدوان المحتمل، كما في نهج إدارة بايدن خلال الفترة التي سبقت غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وسيحتاج المسؤولون الأميركيون إلى مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع الحلفاء والشركاء لإقناعهم بأن الهجوم محتمل.
وتتطلب مرحلة ما قبل الحرب أيضا اتخاذ خطوات لتعزيز الردع التقليدي، وهذا يستدعي استعداد القوات الأميركية للنجاة من الضربة الصينية الأولى، والدفاع بشكل فعال عن تايوان في حالة فشل الردع.
وستحتاج الولايات المتحدة إلى بناء قوات وإمدادات في المنطقة، وتأمين الوصول إلى القواعد الرئيسية، وتوزيع قواتها بطريقة مرنة. - مرحلة الأيام والأسابيع الأولى من الحرب: التي سيتم التركيز فيها على تبادل إطلاق النار بعيد المدى. ومن المرجح أن تعتمد كل من الصين والولايات المتحدة بشكل كبير على الهجمات الصاروخية ضد كل من القوات والقواعد الميدانية.
وفي هذه المرحلة من المتوقع أن يمكّن مخزون بكين المتزايد من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى الجيش الصيني من مهاجمة أراضٍ تابعة للولايات المتحدة، مثل جزيرة غوام وجزر ماريانا عدة مرات. ومع ذلك، فإنه في كلا الجانبين ستنفد الصواريخ بعيدة المدى سريعا. - مرحلة حرب استنزاف طويلة: تبدأ مع استنفاد مخزون الولايات المتحدة والصين من الصواريخ بعيدة المدى. ومن المحتمل أن تؤمن الصين رأس جسر في تايوان بعشرات الآلاف من القوات، ولكن بعد ذلك ستواجه تحديا للحفاظ على قواتها وهي تواجه مقاومة تايوانية شرسة وهجمات مستمرة من قبل القوات الأميركية.
وفي هذه المرحلة، ستكون الولايات المتحدة قادرة على دفع أسطولها البحري واستخدام الطائرات المقاتلة قصيرة المدى بشكل أكثر فعالية بعد تضاؤل تهديد الصواريخ بعيدة المدى، لكنها ستعاني لإيجاد طرق لاستنزاف قوات الجيش الصيني بشكل فعّال ودعم الجهود الدفاعية التايوانية بأسلحة قصيرة المدى. - مرحلة الحرب الاقتصادية طويلة الأمد: قد تمتد شهورا أو حتى سنوات، ومن المرجح أن تستخدم بكين نفوذها الاقتصادي لإلحاق الضرر بالولايات المتحدة والدول الأخرى التي تدعم تايوان. وفي المقابل، ستستخدم واشنطن وحلفاؤها العقوبات وضوابط التصدير المتقدمة لتقويض القوة الاقتصادية للصين.
وإذا اتخذت واشنطن أو بكين خطوات تهدف إلى انهيار اقتصاد الطرف الآخر، فمن المرجح أن يسود الذعر في السوق العالمية؛ مما يؤدي إلى انهيار الاقتصاد العالمي.
خبر سار
وتشير المحاكاة إلى أن الحرب الاقتصادية سلاح ذو حدين، وأن الجهود الأميركية لإضعاف الاقتصاد الصيني والحد من قدرته على تمويل الحرب وخوضها من شأنها أن تخلق رد فعل سلبيا بالنظر إلى الاعتماد المتبادل بين اقتصاد الدولتين؛ وهذا يشير إلى أنه من المرجح أن تتكيف كل من الصين والولايات المتحدة وتجد طرقا لتعديل اقتصاديهما بحيث يمكنهما العمل من دون بعضهما البعض في حالة استمرار الصراع.
وخُتم التقرير بخبر سار وهو أن هذا السيناريو الكارثي لا يحتاج إلى أن يتحقق، بل يمكن تفاديه إذا اتخذت الولايات المتحدة خطوات فورية لتعزيز الردع وتحسين قدرة الجيش الأميركي على الدفاع عن تايوان من خلال إعداد قواته بشكل أفضل لتحمل ضربة وقائية ثم الرد على غزو صيني محتمل للجزيرة، وهو ما يمكن به ردع بكين عن التفكير في أي تحرك عسكري ضد تايوان.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.