هل تتذكرين آخر مرة غيّرت فيها إسفنجة غسل الأواني التي في مطبخك؟
تداوم أغلب النساء -إن لم يكن جميعهن- على استخدام الإسفنجة لأسابيع متعددة حتى تتفتت وتتراكم بها الدهون، ولا يتذكرن آخر مرة استبدلن أخرى جديدة بها.
وتعد هذه الممارسة -وفق علماء الأحياء الدقيقة والدراسات العلمية- خطأ شائعا، إذ تحوي إسفنجة المطبخ ملايين البكتيريا التي يفوق عددها ما على مقعد المرحاض نفسه من بكتيريا، فمتى يجب عليك تغييرها؟ وهل توجد بدائل أكثر صحية من الإسفنجة التقليدية؟
مكان آمن لحياة البكتيريا
توصلت دراسة ألمانية -أجراها باحثون من جامعة فورتوانغن- إلى أن إسفنجة المطبخ المستخدمة تحوي تنوعا بكتيريا أكثر مما كان يُعتقد سابقا، وأن كل سنتيمتر مكعب فيها (بوصة واحدة) يحوي ما يقرب من 54 مليار بكتيريا.
وبحسب الدراسة التي نشرت في دورية “ساينتفيك ريبورتس” (Scientific Reports) عام 2017، فإن كثيرا من أنواع البكتيريا غير ضارة، إلا أن هناك أنواعا مسببة للأمراض وجدت في الإسفنجة، مثل بكتيريا موراكسيلة، والسالمونيلا، وكريسيوباكتيريوم، والإشريكية القولونية، والراكدة البومانية.
وشددت الدراسة على ضرورة تغيير الإسفنجة كل أسبوع، لأن البكتيريا الممرضة والفيروسات المسببة للعدوى هي الأكثر احتمالا للبقاء على قيد الحياة حتى مع التنظيف المستمر للإسفنجة.
ويوضح الدكتور ماركوس إيجيرت، أستاذ الميكروبيولوجي بجامعة فورتفانجن بألمانيا ومؤلف الدراسة، أن هناك 362 نوعا مختلفا من البكتيريا تعيش داخل الشقوق المسامية لإسفنجة المطبخ التي تعد مكانا آمنا للحياة الميكروبية، وأشار إلى وجود ما يقرب من 5.5 تريليونات بكتيريا لكل إسفنجة مستخدمة، حسب موقع “ذا هيلثي” (The healthy).
وأضاف الدكتور فيليب ديليكتا، أستاذ الميكروبيولوجي بجامعة ميشيغان الأميركية، أن هذه البكتيريا لا تكتفي بالعيش داخل شقوق الإسفنجة، بل تتكاثر وتنتشر على جميع أسطح المطبخ والأطباق التي نعتقد أننا قمنا بتنظيفها.
ووفقا للدكتور ديليكتا، “يجب عدم استخدام إسفنجة المطبخ لامتصاص السوائل والدم الذي يُفرز جراء تقطيع اللحوم والدواجن على ألواح تقطيع الطعام، لأنه يزيد من تنامي البكتيريا”، واقترح -عوضا عن ذلك- استخدام مناشف ورقية مضادة للجراثيم وبخاخات التطهير لتنظيف أسطح المطبخ.
وأوصت الدكتورة جينيفر جيه ستاغ، مديرة مركز الصحة الشاملة في آفون بولاية كونيتيكت، بالاستعاضة عن إسفنجة المطبخ التقليدية بأخرى مصنوعة من السيلكون أو فرشاة التنظيف باعتبارهما أقل مسامية وتجفان سريعا، ومن ثم لا توفران بيئة رطبة تحفز تنامي البكتيريا، كما لفتت إلى ضرورة غسل مناشف الأطباق في الغسالة في درجة حرارة مرتفعة.
متلازمة “غيلان باريه”
وعام 2012 نُشرت دراسة أجريت في جامعة أريزونا الأميركية، وتوصل فيها الباحثون إلى أن إسفنجة الأطباق تحمل بكتيريا يفوق عددها تلك الموجودة على مقعد المرحاض بما يعادل 200 ألف مرة، ووجدوا على كل بوصة مربعة منها 10 ملايين بكتيريا، حسب صحيفة “ديلي ميل” (Daily mail) البريطانية.
ونبهت الدراسة إلى أن أكثر أنواع البكتيريا الموجودة على إسفنجة المطبخ ضررا هي بكتيريا العطيفة (Campylobacter) التي تسبب متلازمة “غيلان باريه”، وهو مرض عصبي يؤدي إلى ضعف عضلي ويصيب جذور الأعصاب مسببا الشلل المؤقت، وحسب الدراسة، يتعافى المريض من العدوى بعد عدة أسابيع أو شهور وربما سنوات.
وفي دراسة معملية لمؤسسة الصحة العامة وتنظيم السلامة (NSF International) تابع فيها الباحثون أماكن تركز الجراثيم والبكتيريا في المنزل، تبين أن 77% من إسفنج تنظيف الأطباق تحتوي على بكتيريا القولونيات (coliform) المسببة لحمى التيفوئيد والتهاب المعدة، في حين أن نسبة هذه البكتيريا لم تتعد 5% في المراحيض الخاصة بالمشاركين في الدراسة.
واستنادا إلى بحث علمي آخر نشرته مجلة الصحة البيئية عام 2012 واعتمد على اختبار 26 من الأدوات المنزلية اليومية لـ22 أسرة مختلفة لتحديد مستويات البكتيريا في كل عنصر، فإن إسفنجة الأطباق أكثر العناصر تلوثا في المنزل تليها فرشاة الأسنان، وحددت الدراسة القولونيات كأكثر أنواع البكتيريا انتشارا في المطبخ.
كيف تنظفين إسفنجة المطبخ
وحتى تحافظي على الصحة العامة لأفراد أسرتك وتتجنبي خطر انتشار البكتيريا على إسفنجة الأطباق وأسطح المطبخ، يقدم موقع “مارثا ستيوارت” (Marthastewart) مجموعة من النصائح:
- احرصي على إزالة بقايا الطعام من الإسفنجة بعد كل استخدام مع تنظيفها بسائل غسيل الأطباق وعصرها جيدا.
- انقعي الإسفنجة في محلول تطهير مكون من ربع لتر من الماء الدافئ ونصف ملعقة صغيرة من المبيض المركز، أو انقعيها في كوب من الخل لمدة 5 دقائق.
- نظفي قطع الإسفنج في غسالة الأطباق على درجة حرارة 60 درجة مئوية (140 درجة فهرنهايت) باستخدام منظف يحتوي على مادة مبيضة قوية.
- ينصح الخبراء بتعقيم الإسفنجة (شرط أن تكون مبللة جيدا) داخل الميكروويف لمدة دقيقتين، حيث تؤثر الحرارة والإشعاع على العمليات الحيوية للبكتريا. وقالت وزارة الزراعة الأميركية (USDA) إن هذه الطريقة قد تقلل البكتيريا، ولكنها غير كافية لضمان تقيل انتقال الثلوث.
- استخدمي قطع إسفنج مختلفة لمهام محددة لمنع انتشار التلوث وتكاثر البكتريا.
- أعيدي استخدام إسفنجة المطبخ في أغراض أكثر اتساخا، مثل تنظيف الحمامات أو السيارة.
- تخلصي من الإسفنجة فور ظهور أي رائحة كريهة، وينصح الخبراء باستبدالها كل أسبوعين على الأكثر. وفي هذا الصدد، أوصت دراسة -أجراها المركز النرويجي لأبحاث الغذاء عام 2021- باستخدام فرشاة غسيل الأطباق كبديل أكثر أمانا من الإسفنج، الأمر الذي يرجع إلى قابلية فرش المطبخ للجفاف سريعا بعد كل استخدام وعدم احتفاظها بالماء، مما يقلل فرص احتضانها البكتيريا مقارنة بالإسفنجة التي لا تجف أبدا مع الاستخدام اليومي المتكرر.
بدائل صديقة للبيئة
ويشير خبراء الحياة المستدامة إلى بدائل للإسفنج التقليدي مصنوعة من مواد طبيعية قابلة للتحلل بشكل كامل وتقلل من انتشار البكتيريا.
وتقدم كرستينا توديني اختصاصية التغذية مجموعة من البدائل المستدامة:
قطع الإسفنج الطبيعي: تصنع من لب الخشب وتحتوى على شقوق وثقوب صغيرة تسمح بامتصاص السوائل مثل الماء والصابون.
الإسفنجة القماشية: تصنع من القطن والأقمشة الطبيعية وهي سهلة التنظيف وتدوم لفترة طويلة بدلا من الإسفنج التقليدي الذي يستبدل خلال أسابيع.
فرشاة الأطباق الخشبية: وهي ذات شعيرات مصنوعة من مواد طبيعية من أشجار جوز الهند والخيزران.
قطعة قماش: يمكنك إعادة تدوير الأقطان التي لديك في المنزل واستخدامها في تنظيف الأطباق، وهو بديل صديق للبيئة وإن بدا تقليديا.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك توجها عالميا لاستخدام قطع اللوف المصنوعة من أحد النباتات القرعية، وقد تبدو خشنة ولكن مع إضافة الماء وسائل تنظيف الأطباق تصبح ناعمة ومناسبة لأغراض المطبخ.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.