أظهر سعر صرف الجنيه السوداني في الفترة الأخيرة ثباتا أمام العملات الأجنبية، رغم الاشتباكات التي دخلت شهرها الثالث في العاصمة الخرطوم، واتسعت رقعتها لتشمل عددا من الولايات غربي البلاد ووسطها.
ووصف مراقبون ثبات سعر صرف الجنيه السوداني بالمفاجأة غير متوقعة، وفق ما أورده تقرير لوكالة الأنباء القطرية (قنا).
ويحوم سعر صرف العملة السودانية حول 600 جنيه للدولار الواحد، في استقرار نسبي، مستفيدا من تعهد المانحين في مؤتمر جنيف للاستجابة الطارئة للأزمة في السودان -الذي عقد في يونيو/حزيران الماضي- بتقديم مساعدات إنسانية بنحو 1.5 مليار دولار.
ويأتي هذا الاستقرار رغم دخول الأسواق السودانية في حالة انكماش كبيرة، وتزايد الأسعار، وتوقف المصانع تقريبا عن العمل في ولاية الخرطوم وتدمير جزء منها؛ إثر تفجر الأوضاع في 15 أبريل/نيسان الماضي.
وكان الجنيه السوداني واصل تراجعه إلى مستويات قياسية خلال الأشهر الـ24 التي سبقت توتر الأوضاع، لينخفض سعره أمام الدولار بنحو 700% من 55 إلى 375 جنيها، إثر قرار للحكومة السودانية في 21 فبراير/شباط 2021 بتحرير سعر صرفه (التعويم)، وأشارت يومها إلى أن “القرار يهدف إلى القضاء على التشوهات الحالية في الاقتصاد السوداني عبر ردم الهوة الكبيرة بين السعرين الرسمي البالغ 55 جنيها للدولار والموازي البالغ نحو 370 جنيها قبل القرار”، بجانب المساعدة “في جلب المنح والاستثمارات الأجنبية وإعفاء ديون البلاد الخارجية المقدرة بنحو 70 مليار دولار”.
وعزا محللون هذا الاستقرار النسبي إلى:
- انحصار الاقتتال مع استثناءات قليلة في العاصمة الخرطوم، وهي ولاية واحدة من أصل 18 ولاية يضمها السودان؛ أسهم في الاستقرار النقدي والمالي داخل البلاد.
- السودان يعتمد على الاستثمار المحلي عوضا عن الاستثمار الأجنبي الذي تراجع إلى ما دون 500 مليون دولار أميركي عام 2021، من نحو 2 مليار دولار عام 2012.
- دور البنك المركزي السوداني في تعزيز الثقة في القطاع المصرفي السوداني، وتوحيد سوق النقد الأجنبي، وطمأنة المودعين وأصحاب الحسابات المصرفية بأن أموالهم في أمان.
- تعزيز البنك المركزي السوداني الاستقرار المالي بالعمل على خفض معدل التضخم بنسبة 25% مع نهاية عام 2023.
- حظر المركزي السوداني على المصارف تمويل المتاجرة في العملات الأجنبية وشراء الأسهم والأوراق المالية.
استقرار هش
في المقابل، رأى محللون آخرون أن ثبات سعر صرف العملة المحلية مؤخرا أمام العملات الدولية -لا سيما الدولار- لا يعكس أي نوع من التعافي الاقتصادي، في ظل ارتفاع مستويات التضخم الذي وصل لمستويات عالية جدا.
وأرجعوا “الثبات النسبي” لسعر صرف الجنيه السوداني إلى عوامل عديدة؛ منها توقف حركة الاستيراد بشكل شبه كامل، مما يعني انحسار الطلب على الدولار على نحو كبير جدا.
ومع اتساع الاشتباكات في الأيام الأخيرة لتشمل عددا من الولايات في غرب البلاد ووسطها، يبقى الاستقرار الحالي لسعر صرف الجنيه السوداني هشا، ويخشى من أن يؤدي تمدد الاقتتال إلى مزيد من تراجعه وتدهور الوضع المعيشي أكثر للمواطن السوداني.
ويحذر “برنامج الغذاء العالمي” التابع للأمم المتحدة مؤخرا من أن الاقتتال الدائر بالسودان قد يرفع أسعار المواد الغذائية هناك بشكل كبير، ويضع أكثر من مليوني شخص في دائرة الجوع خلال الأشهر المقبلة؛ مما يرفع عدد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى 19 مليونا من أصل عدد السكان البالغ نحو 45 مليون نسمة.
ووفقا للمعطيات الاقتصادية، فإن السودان يعد بلدا غنيا بالمعادن والثروة الحيوانية والمائية؛ إذ يعد ثالث أكبر منتج للذهب في أفريقيا باحتياطي يصل إلى 1550 طنا، ويستحوذ على 40% من الأراضي الزراعية في العالم العربي.
ورغم ذلك، فقد وصل معدل التضخم به إلى 63%، وفقا لبيانات فبراير/شباط 2023، وبلغت نسبة البطالة 40%، في حين يصل حجم ديونه الداخلية والخارجية إلى 75 مليار دولار، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 34 مليار دولار.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.