بمجرد البدء في إدخال الوجبات الصلبة للطفل الرضيع، تبدأ مخاوف بعض الأمهات، ويتلقين الكثير من الآراء والمعلومات المتضاربة بشأن كمية الملح المضافة لوجبات الطفل، فما كمية الملح المناسبة والآمنة للأطفال؟ وما مخاطر تجاوز هذه الكمية؟
أهمية الملح
يتكون الملح من عنصري الصوديوم والكلوريد (NaCl)، وهما مادتان كيميائيتان ضروريتان لصحة الإنسان ولكن بكميات محدودة، إذ يحافظ الصوديوم على توازن السوائل داخل الجسم وينظم وظائف الأعصاب والعضلات.
ويعمل الكلوريد على حفظ حامض المعدة والتخلص من السموم في الجسم، ويوجد العنصران بشكل طبيعي في معظم أنواع الفاكهة والخضروات واللحوم والأسماك والألبان، وهذا ما يفسر إمكانية الاستغناء عن ملح الطعام.
ولأن الملح هو المصدر الرئيسي للصوديوم في نظامنا الغذائي، أصبح كل من الصوديوم والملح يستخدمان بالتبادل على الملصقات الغذائية التعريفية، لهذا يعتقد الكثيرون أن محتوى الصوديوم والمحتوى الملحي هما الشيء نفسه، في حين أن كل غرام من الصوديوم يكافئ 2.5 غرام من ملح الطعام (الرقم مضروبا في 2.5)، ولهذا أكدت لائحة الاتحاد الأوروبي لعام 2011 بضرورة كتابة المحتوى الملحي بشكله النهائي على ملصقات الأطعمة.
متوسط الجرعة اليومية من الملح
بحسب التوصيات الأميركية لمعهد الطب التابع للأكاديمية الوطنية للعلوم، يحتاج الطفل في الأشهر الستة الأولى إلى 110 مليغرامات من الصوديوم يوميا، ويحتاج 370 مليغراما من 7 إلى 12 شهرا، أما من عام حتى عمر 3 سنوات فيمكن أن يتناول 800 مليغرام، أي غرامين من ملح الطعام.
لا ينبغي إضافة الملح خلال العام الأول
تقول طبيبة الأطفال بريتي باريك إنه لا ينبغي إضافة الملح إلى الأطعمة الصلبة للأطفال قبل إتمام عامهم الأول، وتوضح “يستمد الطفل ما يكفيه من الملح من حليب الأم أو الحليب الصناعي، وإضافة الملح إلى وجباته تؤدي إلى تجاوز الكمية الموصي بها من قبل المنظمات الصحية”، بحسب موقع فري ويل فاميلي.
ومن جانبها، ترى خبيرة التغذية كريستيان موري أن إضافة الملح للنظام الغذائي للطفل في عامه الأول يضر كليتيه غير المؤهلتين لمعالجة الملح الزائد بكفاءة، وتضيف “عدم إضافة الملح إلى أطعمة الطفل يساعد في توجيه حاسة التذوق لديه واستخدام وجبات قليلة الملح مدى حياته.
مخاطر صحية
بحسب الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، فإن إضافة الملح إلى الطعام مجرد تعود، وتوصي الأكاديمية بتجنب إضافة كميات زائدة عن الموصى بها، لأن تفضيلات الذوق في الأطفال تتشكل في عُمر مبكر، كما أن زيادة الجرعة اليومية من الملح يؤدي إلى أضرار صحية، وهي وفقا لموقع فرست كراي:
التأثير على وظائف الكلى: لا تستطيع كليتا الطفل معالجة الملح الزائد في الدم مما يؤدي إلى إجهاد الكلى.
حصوات الكلى: استهلاك كمية تزيد عن الحد المسموح به من الملح يحفز الجسم لإفراز المزيد من الكالسيوم في البول ويتسبب في تكوين حصوات الكلى.
ارتفاع ضغط الدم: تشير أحد الأبحاث العلمية أن تناول الملح بكميات كبيرة في عمر مبكر يؤدي إلى آثار صحية سلبية مثل ارتفاع ضغط الدم الذي يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
الإصابة بالجفاف: يتسبب تناول كميات زائدة من الملح في فقدان الجسم للماء على شكل بول وعرق، ولن يتمكن الأطفال من الإشارة إلى إحساسهم بالعطش حتى تظهر عليهم أعراض الجفاف الخطيرة والتي قد تسبب حصوات الكلى وتلف المفاصل والعضلات.
هشاشة العظام: يؤدي استهلاك الملح بكثرة إلى زيادة مستويات الصوديوم في الدم وهذا بدوره يدفع الجسم لإفراز المزيد من الكالسيوم الذي يفقده الجسم دون الاستفادة منه.
العادات الغذائية السيئة: يعتاد الطفل الأطعمة المالحة مما يؤثر على جودة نظامه الغذائي ويميل إلى تفضيل الأطعمة المصنعة التي تشكل 80% من مدخول الملح، بحسب منظمة الصحة العالمية .
السمنة وزيادة الوزن: يشير بحث علمي نشر في 2021 على موقع المكتبة الوطنية الطبية الأميركية بوجود علاقة إيجابية بين تناول الصوديوم وزيادة الوزن بين الأطفال والمراهقين، ويفسر البحث أن الطعام المملح يحفز الدوبامين في الدماغ ويعزز الشهية كما يؤدي إلى احتباس الماء داخل الجسم.
ضعف الجهاز المناعي للطفل: وجد بحث علمي نشر عام 2020 في مجلة علوم الطب الانتقالي أن تجاوز كميات الملح الموصي بها يعمل على إضعاف خلايا العدلات التي تساعد الجسم في مكافحة العدوى ومكافحة أنواع محددة من البكتيريا مثل الإشريكية القولونية والليستريا المستوحدة.
فرط صوديوم الدم: في حالات نادرة يصاب الطفل الذي يتناول الكثير من الملح في نظامه الغذائي بفرط صوديوم الدم الذي يسبب شعورا بالتهيج والخمول والنعاس ويحتاج الطفل إلى رعاية طبية عاجلة، وفي الحالات الشديدة يؤدي إلى الغيبوبة حتى الموت.
نصائح للحد من الملح
يحصل الطفل أحيانا على كميات إضافية من الملح دون وعي من الأم، وقد توصل باحثون في جامعة بريستول البريطانية إلى أن 70% من الأطفال بعمر 8 أشهر يتناولون الملح بكميات أعلى من الموصي بها بسبب الأطعمة التكميلية، وكذلك بسبب تناول حليب الأبقار الذي يحتوي على 55 مليغرام من الصوديوم لكل 100 غرام في حين يحتوي حليب الأم على 15 مليغرام لكل 100 غرام.
وتقدم أخصائية التغذية سارة ألموند مجموعة من الإستراتيجيات لتقليل الملح في طعام الطفل كما يلي:
- تجنبي إضافة الملح لطعام طفلك في عامه الأول واستبدلي الملح ببعض المنكهات كالأعشاب والبهارات مثل القرفة والكمون والكزبرة والهيل.
- تحققي من الملصقات الموجودة على عبوات الطعام لتعزيز خيارات الأطعمة منخفضة الصوديوم.
- اغسلي الأطعمة المعلبة مثل الفول والعدس والحمص والبازلاء بالماء قبل تقديمها لتقليل محتوى الصوديوم بها.
- تجنبي إضافة صلصة الصويا لطعام طفلك ويمكن استبدالها بأحماض جوز الهند.
- لا تقدمي لطفلك المنتجات الغذائية الغنية بالملح مثل البسكويت والمخبوزات الجاهزة ورقائق البطاطس واللحوم المصنعة والكاتشب.
- تجنبي استخدام صودا الخبز أو بيكربونات الصوديوم كوصفة لعلاج مغص الأطفال لاحتوائها على نسبة عالية من الصوديوم وإساءة استخدامها قد يؤدي إلى فرط صوديوم الدم أو التسمم.
وتستخدم شركات الأغذية ألوانا لتوضيح كمية الملح في منتجاتهم الغذائية، اللون الأحمر يعني منتجات مضاف إليها الكثير من الملح، والأصفر يدل على محتوى ملحي متوسط، أما اللون الأخضر فيشير إلى مستويات منخفضة من الملح.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.