مراسلو الجزيرة نت
كابل- بعد عامين من وصول حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، وصل وفد دبلوماسي مصري إلى كابل بهدف تقييم الأوضاع الأمنية والميدانية والسياسية في البلاد، لبحث إمكانية استئناف عمل السفارة المصرية في كابل.
وقال مصدر حكومي أفغاني للجزيرة نت “إن الوفد المصري قدم من العاصمة الباكستانية إسلام آباد التي انتقل إليها الطاقم الدبلوماسي المصري بعد وصول طالبان إلى السلطة عام 2021.
وشدد المصدر على أن الحكومة الأفغانية قدمت للوفد المصري ضمانات أمنية في حال استئناف عمل السفارة المصرية في كابل، وستوفر لها تدابير أمنية حسب المعايير الدولية لحماية الدبلوماسيين، مشيرا إلى أن الوفد المصري التقى مسؤولين في الخارجية الأفغانية لمناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين.
يشار إلى أن السلطات المصرية تمكنت بعد 10 أيام من وصول طالبان إلى السلطة من إجلاء 43 شخصا من موظفي السفارة المصرية في كابل وأعضاء بعثة الأزهر وآخرين على متن طائرة عسكرية.
تقييم الأوضاع
ووصف مصدر في الخارجية الأفغانية للجزيرة نت الزيارة بأنها كانت جيدة، لافتا إلى أن الوفد المصري جاء لتقييم الأوضاع الأمنية والسياسية واستئناف عمل السفارة في أفغانستان.
وبخصوص الاعتراف بالحكومة الحالية في أفغانستان، صرح الوفد بأن مصر تنتظر قرار المجتمع الدولي بشأن الاعتراف ولا تستطيع القيام به بمفردها.
ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن المقاتلين العرب -خاصة المصريين- كانوا موجودين على الساحة الأفغانية منذ عقود، وبعد احتلال الأراضي الأفغانية من قبل القوات الأميركية والأجنبية عام 2001 خرج معظمهم من أفغانستان واستقروا على الشريط الحدودي بين أفغانستان وباكستان، وبعضهم لجؤوا إلى إيران.
ويقول الكاتب والباحث السياسي حكمت جليل للجزيرة نت إنه بعد وصول طالبان إلى السلطة يعتقد عدد من الدول العربية أن أتباعهم رجعوا مرة أخرى إلى أفغانستان، وعودة السفارة لها علاقة مباشرة بوجود المقاتلين.
المقاتلون المصريون
ويضيف أن “زيارة الوفد المصري وتقييم الأوضاع الأمنية والميدانية لاستئناف عمل السفارة في أفغانستان لهما علاقة مباشرة بوجود مقاتلين مصريين ومراقبتهم، رغم نفي الحكومة الحالية وجودهم في أفغانستان”.
وحسب جليل، فإن حركة طالبان تدرك أن مسألة الاعتراف بيد الولايات المتحدة، وأن دولا إقليمية وإسلامية لا تستطيع الاعتراف بالحكومة الأفغانية التي شكلتها حركة طالبان بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021، ولكنها تحاول بناء العلاقات مع دول إسلامية وعربية وإرسال الدبلوماسيين إلى السفارات الأفغانية إليها.
ويرى مدير المركز الأفغاني للإعلام عبد الجبار بهير للجزيرة نت أن الحكومة الحالية تحاول فتح صفحة جديدة مع مصر والعالم العربي، “وتأمل عودة السفارة المصرية إلى كابل، ولكن موقف مصر والمملكة العربية السعودية ليس واضحا تجاه حركة طالبان حتى الآن”.
علاقات طويلة
ويعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين أفغانستان ومصر إلى عام 1922، حيث بادر الأمير الأفغاني آنذاك حبيب الله خان بإرسال خطاب تهنئة إلى الملك فؤاد بمناسبة نيل مصر استقلالها. وأرسل المفكر الأفغاني محمود طرزي بوصفه أول وزير مفوض لها لدى القاهرة، ورفعت درجة التمثيل السياسي إلى مستوى السفارة عام 1952، وقام الأمير أمان الله خان بزيارة إلى مصر 1927.
ووقعت كابل والقاهرة أول معاهدة صداقة بين البلدين عام 1929، وتراجعت العلاقات الأفغانية المصرية بعد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان عام 1979، ودعمت مصر المقاومة ضد السوفيات.
وفتحت مصر سفارتها بعد سقوط حكومة حركة طالبان الأولى عام 2001، وقبلت تدريب القضاة وأئمة المساجد والخطباء عام 2009، وقدمت منحا دراسية كثيرة لطلاب.
وكانت خمسينيات القرن الماضي فترة ذهبية للعلاقات الثنائية بين كابل والقاهرة، ولكن تراجعت هذه العلاقات ونشاط السفارة المصرية في كابل إلى حد أدنى حسب مصادر في الخارجية الأفغانية.
يقول السفير الأفغاني السابق فضل الرحمن فاضل للجزيرة نت “بعد مرور قرن كامل على توقيع معاهدة الصداقة بين أفغانستان ومصر، تجاهل الطرفان القواسم المشتركة بين البلدين، وتسبب الاحتلال السوفياتي لأفغانستان عام 1979 في تراجع هذه العلاقات، وكانت الهند -بوصفها حامية مصالح أفغانستان في القاهرة- تشرف على الشؤون الأفغانية لسنوات طويلة”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.