يسبب اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD) ضعفا في مستويات الانتباه وزيادة النشاط، وهو يصيب الأطفال بنسبة تتراوح بين 5% و10% والبالغين بنسبة بين 2% و5% على مستوى العالم.
وعلى الرغم من أن مسببات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لا تزال غير معروفة، فإن العلماء خلال الأشهر الماضية كشفوا عوامل تزيد احتمال إصابة الجنين به أثناء الفترة المحيطة بالولادة، وتوفر فرصة للتشخيص والعلاج المبكّر، وتحمي الطفل من نتائج مرضه السلبية مثل الإصابات والحوادث.
عوامل للتنبؤ بالخطر
في مارس/آذار الماضي، نشرت جامعة كامبريدج البريطانية نتائج دراسة حول مدى إمكان التنبؤ باحتمال إصابة الطفل بأعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، عن طريق متابعة عوامل محددة تتعرض لها الأم قبل شهور الحمل وخلالها.
وجمع الباحثون معلومات عن فترة الحمل والولادة لأمهات 10 آلاف طفل ولدوا بين عامي 2007 و2009، وتأكدوا من البيانات عن طريق مقدمي الرعاية الطبية المباشرين للأمهات وسجلاتهن الطبية طوال فترة الحمل، وإبلاغ الأم عن نشاطاتها في تلك الفترة، بالإضافة إلى معلومات مفصّلة عن التاريخ المرضي لعائلات الأطفال.
وحصر الباحثون 40 عاملا سبق أو تبع فترة الحمل، ثم استخدموا الذكاء الاصطناعي والتقنيات الإحصائية لمقارنة البيانات، إلى أن وجدوا ارتباطا قويا بين 13عاملا فقط وبين القدرة على التنبؤ بأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) في الطفولة.
وتوصل العلماء إلى أن المشكلات الصحية التي قد تتعرّض لها الأم قبل الحمل وأثناءه، ارتبطت بدرجة كبيرة ومباشرة بخطر إصابة الطفل باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة بنسبة 86% أكثر من الأطفال الذين لم تتعرّض أمهاتهم للمشكلات ذاتها.
وسرد تقرير الدراسة تلك العوامل بالترتيب، وهي: ولادة طفل ذكر، وتدخين الأم أثناء الحمل أو تعرّضها للتدخين السلبي، وتناول الأم المسكّنات الأفيونية، وإصابتها بالتهابات أو عدوى المسالك البولية، وانخفاض مستويات الحديد أثناء الحمل، ومعاناة الأم من مضاعفات الحمل أو الولادة، وعرق الأم، وإصابتها باكتئاب الحمل، والغثيان المتكرّر أثناء الحمل، والإصابة بمرض السكري خلال الحمل، ومعاناة الأب والأم أو أحد أفراد العائلتين من مرض نفسي أو عقلي، وكون عمر الأم أو الأب أقل من 20 سنة، وانخفاض دخل الأسرة، وتناول الأم أدوية غير موصوفة.
وأكد الباحثون أن تلك العوامل قد تساعد في تحديد الأطفال الأكثر حاجة إلى الدعم، ولا سيما إذا اقترنت بعوامل أخرى مثل الوراثة أو تاريخ العائلة المرضي، علما بأنه يمكن تجنّب بعض تلك العوامل، مثل التدخين وفقر الدم.
نقص الوزن ومسكنات الألم
شهد العام الماضي تحولا كبيرا في نظرة العلماء إلى الرابط بين فترة الحمل ومرض الطفل، فتبين للباحثين في الكلية الملكية للجراحين في أيرلندا أن كل انخفاض بمقدار كيلوغرام واحد في وزن الطفل عند الولادة عن متوسط الوزن الطبيعي، يزيد خطر إصابته بالسلوكيات الشبيهة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بنسبة 2%. لكن ظلت تلك السلوكيات ضمن النطاق الطبيعي، على الرغم من زيادتها خلال فترة المراهقة.
وعلى الرغم من تحديد الدراسات للجينات المرتبطة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فإن الباحثين في مستشفى جامعة أوسلو والمعهد النرويجي للصحة العامة، كانوا أول من درسوا عوامل الخطر المؤثرة في جينات الجنين وإنتاج جين مشابه للجينات المرتبطة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
وفحص الباحثون نتائج 5 دراسات وبائية، كشفت ارتباطا ثابتا بين التعرّض الطويل الأمد لكل من “الباراسيتامول” أو “أسيتامينوفين” أو “آيبوبروفين” أثناء الحمل لمدة 20 يوما على الأقل، وبين أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، واضطرابات النمو العصبي عند الأطفال.
واهتم الباحثون بدواء الباراسيتامول المتوافر من دون وصفة طبية، لأنه الدواء الأكثر استخداما أثناء الحمل، إذ تتناوله نحو 50% من الحوامل لعلاج الحمى والصداع والآلام الأخرى.
وجمع الباحثون عيّنات حمض نووي من دم الحبل السري للأمهات الحوامل، فأظهرت حدوث تغيرات “غير جينية” في 90% منها بين الأمهات اللواتي تناولن الباراسيتامول لأكثر من 20 يوما.
استنشاق الأدخنة
وحاول الباحثون في جامعتي سول الكورية وأوتاوا الكندية تفقد أثر البيئة على صحة الجهاز العصبي للأجنّة خلال فترة الحمل، وأخذوا عيّنات دم من 51 طفلا، بينما كان عمرهم سنتين، ثم في سن 4 و6 و8 سنوات، وهي أعمار حرجة تظهر فيها أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. كما أبلغت أمهات الأطفال عن تغذيتهن أثناء الحمل، واستخدامهن المبيدات الحشرية، وتعرضهن لدخان الحرائق، والعيش في جوار منطقة صناعية.
ونشرت مجلة “نيتشر” تقرير دراسة في مارس/آذار الماضي، فظهرت في النتيجة مؤشرات لارتباط تعرض الأمهات لدخان السجائر، وثاني أوكسيد الكبريت خلال الثلث الأول من الحمل، وإصابة الأطفال باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
وقلَّ ذلك الارتباط عند تعرض الأم للدخان في الثلث الثاني والثالث من الحمل، كما أثر التعرّض قبل الولادة لثاني أوكسيد الكبريت على الحمض النووي بطريقة أكبر مما لو تعرض له الطفل بعد ولادته.
وينتج غاز ثاني أوكسيد الكبريت عن حرائق المخلفات الزراعية، وحرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.