عمّان- عقب بيان عمّان الذي تلا اجتماع 5 وزراء خارجية عرب لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية الممتدة منذ أكثر من عقد، رجّح محللون عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وسط توقعات بمشاركة رئيس النظام السوري بشار الأسد في القمة المزمع عقدها في الرياض منتصف مايو/أيار الجاري.
وعُقد أمس الاثنين في العاصمة الأردنية اجتماع مغلق لوزراء خارجية الأردن أيمن الصفدي والعراق فؤاد حسين والسعودية فيصل بن فرحان ومصر سامح شكري، استكمالا لاجتماعات تشاورية بشأن الأزمة السورية، وبمشاركة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد.
واصل نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين @AymanHsafadi، اليوم، اتصالاته الهاتفية مع وزراء خارجية دول شقيقة وصديقة ومسؤولين إقليميين ودوليين، لإطلاعهم على مخرجات الاجتماع الذي استضافته #المملكة_الأردنية_الهاشمية، اليوم، لوزراء خارجية #المملكة_العربية_السعودية، و… pic.twitter.com/UoNL1PZR5Y
— وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية (@ForeignMinistry) May 1, 2023
وثيقة للمتحفظين والمتحمسين
ورأى المحلل السياسي عريب الرنتاوي، أن بيان عمان وضع بين يدي الدول المؤيدة بتحفّظ وتلك المتحمسة لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وثيقة تستند إليها في الدفاع عن وجهات نظرها.
ورأى أن لقاء عمان التشاوري أجاب عن هواجس ومخاوف ظهرت خلال لقاء جدة في 14 أبريل/نيسان الماضي، “ورسم خريطة طريق لعودة سوريا للبيت العربي، بعدما بدد تحفظات بعض الدول على هذه العودة ولا سيما قطر”.
ووفق البيان الختامي للقاء أمس الاثنين في عمّان، “أكد الوزراء على أولوية إنهاء الأزمة السورية وكل ما سببته من قتل وخراب ودمار، ومن معاناة للشعب السوري، ومن انعكاسات سلبية إقليميا ودوليا، وذلك عبر حل سياسي يحفظ وحدة سوريا وتماسكها، ويلبي طموحات شعبها.. ويسهم في تعزيز الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين، وبما يفضي إلى خروج جميع القوات الأجنبية ذات الوجود غير المشروع من البلاد، وبما يحقق المصالحة الوطنية، ويعيد لسوريا أمنها واستقرارها وعافيتها ودورها”.
واتفق الوزراء العرب ووزير الخارجية السوري على أجندة المحادثات التي ستتواصل وفق جدول زمني متفق عليه، وبما يتكامل مع جهود أممية في السياق ذاته لبحث الوضعين السياسي والأمني في سوريا.
إجراءات ملموسة
ويأتي اجتماع عمّان قبيل القمة العربية المزمع عقدها في الرياض في 19 مايو/أيار الحالي، في الوقت الذي لا تزال فيه عضوية سوريا معلّقة في جامعة الدول العربيّة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
ويقول الرنتاوي إن البيان تضمن إجراءات ميدانية وعملية ملموسة لتمكين الدولة السورية واللاجئين من تنفيذ العودة الآمنة والطوعية، وتحدث عن عملية سياسية تنسجم مع قرار مجلس الأمن رقم (2254) في 18 ديسمبر/كانون الأول 2015 والمتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا.
وقال إن “التفاهم العربي على ملف تهريب المخدرات وضبط الحدود والمليشيات وإخراج كل القوات غير المشروعة من الأرض السورية جاء في إطار جملة من التسويات”. وتساءل إن كانت الدول العربية ستكتفي بهذا الالتزام السوري أم أنها ستطلب فترة انتظار لرؤية خطوات عملية ملموسة قبل عودة سوريا للجامعة.
ولدى سؤاله ما الذي يستدعي العودة السورية للجامعة الآن؟ أجاب المحلل السياسي أن “جميع الأطراف لا تريد أن تبقى سوريا معلقة وغارقة في أزماتها، إذ لا شك أن لاستمرارها انعكاسات وتداعيات على الإقليم”، وذكر أن “لبنان قد انفجر أو كاد. كما أسهمت الأزمة السورية في ضائقة الأردن الاقتصادية، وتعاظم مشكلة تهريب المخدرات، وظهور “داعش”، فضلا عن أنه لا أحد يريد حلا عسكريا في سوريا، فالجميع يريد الحل السياسي”.
ترجيح المشاركة في قمة الرياض
من ناحية أخرى، يقول الوزير الأسبق وأمين عام حزب الميثاق الأردني محمد المومني، إن المجتمع الدولي لا يمتلك خطة سياسية للتعامل مع الأزمة السورية، وهذا ما يضرّ بالجوار والإقليم ويعزز عدم الاستقرار. ويضيف “لا بد من خطة لمساعدة أبناء الشعب السوري”.
ورجح المومني في حديث للجزيرة نت، مشاركة سوريا في قمة الرياض القادمة، “بعد أن نضجت كل الظروف، وهو ما يتسق مع المصالح العربية في سوريا موحدة لتخرج منها جميع القوات الأجنبية”.
أما المعوقات أمام عودتها، فيلخصها المومني بـ “قضايا الحدود والمخدرات والمليشيات واللاجئين، وهي ملفات أساسية تتطلب تعاونا وإسنادا عربيا، ولا بد أن تخطو سوريا خطوات للتعامل معها”.
اشتراطات لعودة سوريا
لكن المحلل السياسي والأمني عمر الرداد، وإن رأى انفتاحا عربيا “مجانيا” على دمشق بدا واضحا -كما قال- من خلال المداولات التي جرت في جدة وعمّان، إلا أنه تحدث عن جملة من الاشتراطات العربية لعودة سوريا للجامعة العربية.
وفي طليعتها، “وقف عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية السورية، والتي ثبت أنها تصدر لدول الخليج، إلى جانب موافقة الجانب السوري على عملية سياسية متكاملة تنهي الأوضاع القائمة حاليا وحالة الفوضى، وتعيد الأمور إلى نصابها ضمن وحدة الدولة السورية”.
وتساءل الرداد حول مدى استجابة القيادة السورية لأية تنازلات قد تطلب منها فيما يتعلق بالمعارضة، وبعلاقتها الإستراتيجية مع إيران، ولا سيما مع الزيارة المرتقبة للرئيس الإيراني إلى دمشق، بعد شعور القيادة الإيرانية باحتمالية أن يقدم النظام السوري على بعض التنازلات بخصوص علاقتهما الإستراتيجية، وخاصة إثر توجه الأسد بعد عودته من موسكو ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين مؤخرا إلى أبو ظبي بدون زيارة طهران، ما يعني -وفق الرداد- أن هناك توافقا بين القيادتين السورية والروسية على ترتيبات خاصة حول مستقبل العلاقة العربية مع سوريا، والتي ربما لا تكون في مصلحة إيران.
ولا يستبعد الرداد مشاركة سوريا في قمة الرياض القادمة، مع خفض التمثيل الدبلوماسي، وإن كان قرار المشاركة من عدمه رهنا بالمستجدات القادمة، كما قال.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.