قصة نجاح مثيرة للتونسية إكرام كروات.. أول عربية تعتلي عرش بطولة العالم للملاكمة | رياضة


تونس- عندما قررت لاعبة الجودو التونسية إكرام كروات عام 1993 تغيير اختصاصها والتوجه لممارسة الملاكمة، لم تكن تدري أن الأقدار ستحمل لها مفاجآت غير متوقعة وستضعها يوما ما على منصة التتويج ببطولة العالم لرياضة تبدو للوهلة الأولى عصية على الجنس الناعم.

لكن الفتاة اليافعة مضت في طريق صعب ومليء بالتحديات والطموحات التي استمرت لأكثر من 20 عاما، قبل أن تعتلي عرش الملاكمة النسائية العالمية، وتصبح أول امرأة عربية تتوج بطلة للعالم للملاكمة المحترفة (WBF)، بعد فوزها في نزال قوي على حاملة اللقب الأرجنتينية كلوديا أندريا لوبيز بالنقاط نهاية الأسبوع الماضي في ألمانيا.

ووفقا للاتحاد -وهو إحدى الهيئات الدولية الرسمية المشرفة على تنظيم وتصنيف نزالات الملاكمة المحترفة في مختلف الأوزان- فقد استطاعت كروات البالغة من العمر 39 عاما، والتي تتدرب تحت إشراف الأميركي روي جونز جونيور أن تحسن تصنيفها الدولي إلى مؤشر (13 ـ 3)، وذلك بعد إحرازها لقب بطولة العالم 2023 (وزن بين 63 و67 كيلوغراما).

سابقة عربية

وقالت إكرام كروات عقب فوزها على كلوديا أندريا لوبيز، “الحمد لله على هذا التتويج، أول لقب عالمي في مسيرتي لأصبح بطلة للعالم في الملاكمة، شكرا لمدربي روي جونز جونيور، شكرا لعائلتي وللاتحاد الدولي للملاكمة، ولكل من دعمني في هذا المسار”.

وتابعت، في تدوينة على حسابها في موقع فيسبوك، “ممتنة كثيرا لكل من رافقني على امتداد فترة تحضيراتي للنزال القوي، أشكر كل أصدقائي، لقد كانت مناسبة رائعة في مسيرتي الاحترافية أن أحرز هذا اللقب”.

بدوره، أكد رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة المحترفة، هاوارد غولدبيرغ، أن “إكرام قامت بعمل جبار ومذهل قادها لإحراز بطولة العالم، كانت مجهوداتها الكبرى وعزيمتها القوية وحرصها على تطوير مستواها من العوامل الفارقة على طريق أن تصبح أول تونسية وعربية تحقق هذا الإنجاز اللافت”.

وقال غولدبيرغ، في تصريحات خاصة للجزيرة نت، “تعد إكرام من بين أفضل الملاكمات في وزن بين 63 و67 كيلوغراما، جاء تتويجها السبت الماضي ليؤكد أنها امرأة بطلة. كان فوزها على الأرجنتينية لوبيز مستحقا. وكونها أول تونسية وعربية تصبح بطلة عالمية في الملاكمة يعد بمثابة الفخر لبلادها وللملاكمة النسائية العربية رغم أن عدد الملاكمات العربيات المحترفات قليل”.

وبخصوص إمكانية احتضان تونس لنزالات الملاكمة العالمية التي يشرف عليها اتحاده قال غولدبيرغ للجزيرة نت إن “الأمر لا يبدو سهلا، نحن نحتاج إلى شركة راعية لمثل هذه النزالات الكبرى، فضلا عن موافقة سلطات البلاد حتى تستطيع إكرام كروات مثلا أن تدافع عن لقبها في تونس”.

الصعود إلى القمة

وفي الحقيقة، لا يبدو تتويج إكرام كروات بلقب بطولة العالم للملاكمة حدثا عابرا بقدر ما يخفي قصة مثيرة ومليئة بالتحدي والعزيمة كتبت أول فصولها في مدينة باجة التونسية عندما قررت وهي في الأصل لاعبة جودو، ممارسة الملاكمة التي لا تعد من الرياضات التي لا تحظى بقدر من الإقبال والاهتمام من قبل التونسيات اللاتي يختار معظمهن طرق أبواب ألعاب أخرى مثل كرة اليد والسلة والطائرة والتنس وألعاب القوى وغيرها.

وشقت اللاعبة طريقها بثبات في حلبات الفن النبيل منذ سن التاسعة، لكن هجرتها مع عائلتها إلى ألمانيا عام 1997 كان منعرجا حاسما في مسيرتها، حيث بدأت رحلة شاقة وممتعة صنعت منها نجمة لها مكانتها في الملاكمة النسائية.

ومنذ سن الـ13، قررت إكرام كروات بعد نصيحة من أفراد عائلتها الالتحاق بإحدى الجمعيات الألمانية للملاكمة لتبدأ خوض مشوار صعب بهدف إثبات ذاتها في اختصاص لم يكن يستهوي كثيرا الجنس الناعم.

وفي 2003، بدأت الملاكمة المغمورة -آنذاك- بالمشاركة في مباريات للهواة في ألمانيا، وأحرزت لقب بطولة “الراين”، لتحتل بذلك المرتبة الثالثة في بطولة ألمانيا، قبل أن تراكم النجاحات عند انتقالها للعيش والتدرب في برلين، إذ حصلت على المركز الثالث في بطولة ألمانيا سنة 2010.

وقررت كروات في 2015 دخول عالم الاحتراف، وذلك عندما خاضت أول نزال للملاكمة المحترفة في قاعة يونيفرسال في برلين أمام ساندي ويبر، في مباراة أوقفها الحكم منذ الجولة الأولى بسبب عدم تطابق وتقارب المستوى ليعلن فوز الملاكمة التونسية.

وبعد 3 سنوات من ذلك، فازت إكرام على الملاكمة الأميركية أنجل غلادناي في مباراة أقيمت بفلوريدا، لتحصل بذلك على لقب المجلس العالمي للملاكمة للوزن الخفيف.

وعلى امتداد مسيرتها الاحترافية، خاضت إكرام كروات 16 نزالا، فازت في 13 منها وخسرت في 3، أما أفضل ترتيب فكان حلولها في المركز الـ13 عام 2018، كما حققت عدة انتصارات بالضربة القاضية.

يشار إلى أن تونس تعد من الدول العربية التي كانت سباقة في إنشاء نوادٍ ومنتخبات للملاكمة النسائية، كما كانت الأولى في المشاركة في الألعاب الأولمبية منذ اعتماد هذه الرياضة رسميا للمرة الأولى في أولمبياد لندن 2012.

لكن رغم ذلك، لم تحقق الملاكمات التونسيات نتائج تذكر في البطولات العالمية والأولمبية، وهو ما فسره خبراء في رياضة الفن النبيل بغياب خطة واضحة من الاتحاد التونسي للملاكمة لتطوير هذا الاختصاص، فيما يعمل مجلس الإدارة الجديد للعبة على تكوين بطلات في الملاكمة قادرات على اقتفاء أثر إكرام كروات.




اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post تواجه الولايات المتحدة عطلة نهاية أسبوع مليئة بالطقس ، بما في ذلك درجات الحرارة الشديدة والعواصف الشديدة
Next post خبراء يحذرون.. المناخ يقترب من نقطة اللاعودة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading