أظهرت عينات من مياه البحر أخذت بعد تصريف مياه محطة فوكوشيما النووية المعالجة في المحيط، أن الإشعاعات فيها تبقى ضمن المستويات الآمنة بحسب البيانات التي وفرتها شركة “تيبكو” المشغلة للمحطة اليابانية اليوم الجمعة.
وقال كيسوكي ماتسو الناطق باسم تيبكو بعد بدء تصريف المياه إن مستوى الإشعاع في العينات المأخوذة مطابق للتوقعات وأقل من 1500 بيكيريل في اللتر الواحد، في حين أن مستوى الأمان الوطني هو 60 ألف بيكيريل للتر.
يأتي هذا التأكيد بعد يوم من تعبير الصين ودول أخرى بالمحيط الهادي عن خشيتها من العواقب البيئية المحتملة لتصريف المياه المعالجة، في وقت تجمعت فيه حشود من جماعات حماية البيئة في فيجي ونيوزيلندا.
وأمس الخميس بدأت اليابان تصريف أكثر من مليون لتر من المياه المعالجة من منشأة فوكوشيما النووية في المحيط الهادي.
وتؤكّد طوكيو وخبراء عالميون أن لا خطورة لهذه العملية لأنّ المياه تمّت معالجتها مسبقا، والتصريف سيتمّ بشكل تدريجي، إلا أن هذه العملية تثير قلق بعض الدول المجاورة، وكذلك الصيادين في اليابان.
أضرار وتداعيات
وكانت المحطة النووية قد أصيبت بأضرار جسيمة بعد زلزال عنيف تلاه تسونامي سبّبَا حادثا نوويا يوم 11 مارس/آذار 2011 أدى إلى توقف مفاعلاتها عن العمل.
وتنتج محطّة فوكوشيما أكثر من 100 ألف لتر من المياه الملوّثة في المعدّل اليومي، وهي تتألف من مياه الأمطار والمياه الجوفية والمياه اللازمة لتبريد قلب مفاعلاتها، التي دخلت في حالة انصهار نووي بعد الحادث.
وهذه المياه تُجمّع وتعالج وتخزّن في الموقع، إلا أنّ هذا الموقع بلغ حدّه الاستيعابي الأقصى، فقد خزّن 1.34 مليون طن من المياه، أي ما يعادل نحو 540 حوض سباحة أولمبيا، في أكثر من ألف خزّان عملاق.
وبعد سنوات من التفكير، اختارت اليابان في العام 2021 حلّ المشكلة عبر تصريف المياه في البحر على بُعد كيلومتر واحد من الساحل عبر قناة بُنيت في الماء لهذا الغرض.
تصريف ومعالجة
ومن المفترض أن تستمرّ عملية التصريف حتّى بداية العام 2050 تحت إشراف الوكالة الدولة للطاقة الذرية، بمعدّل 500 ألف لتر كحدّ أقصى للتصريف في اليوم، بحسب ما أشارت شركة تيبكو المشغلة لمحطة فوكوشيما.
وتُعالج المياه عبر عملية ترشيح تسمّى “نظام معالجة السوائل المتطوّر”، مما يؤدي إلى إزالة معظم المواد المشعّة باستثناء التريتيوم الذي لم تتمكن التقنيات الحالية من إزالته.
والتريتيوم هو من النويدات المشعة الموجودة في مياه البحر، وله تأثير إشعاعي منخفض.
ويشير الخبراء إلى أنّه من الممكن أن يشكّل خطرا على صحة الإنسان فقط إذا تمّ استنشاقه أو ابتلاعه بكميات كبيرة.
وأمس الخميس، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أعطت الضوء الأخضر للمشروع الياباني في يوليو/تموز الماضي، إن التحليلات التي أجرتها على عينة من المياه من التفريغ الأول كانت نتيجتها “أقل بكثير” من 1500 بيكيريل/لتر.
وعملت شركة تيبكو على تقليل مستوى النشاط الإشعاعي للمياه إلى أقل من 1500 بيكيريل لكل لتر، أي بنسبة أقل بكثير ممّا تنصّ عليه المعايير الوطنية (60 ألف بيكيريل لكل لتر من هذه الفئة).
ردود وإدانة
وفي ردود الفعل، دانت الصين تصريف اليابان مياها معالجةً من محطة فوكوشيما النووية في المحيط الهادي.
وذكر بيان صادر عن الخارجية الصينية أن تصريف اليابان مياه فوكوشيما النووية في البحر، رغم الاعتراضات على تلك الخطوة، يُعد عملا أنانيا للغاية وغير مسؤول ويتجاهل المصلحة العامة العالمية.
وأكدت أن الصين احتجت على اليابان ودانت تصريف مياه فوكوشيما في البحر، وطالبتها بالرجوع عن هذا الخطأ.
وشددت على أن مياه الصرف المشعة في فوكوشيما تمثل مشكلة كبيرة فيما يتعلق بالسلامة النووية، وأن تأثيرها سوف يتجاوز الحدود، وبالتالي لا يمكن اعتبارها مسألة خاصة باليابان.
وأضافت “إذا أصرت اليابان على إلقاء مياه الصرف في المحيط لتحقيق مصالح أنانية، فسيكون ذلك بمثابة كارثة ثانوية من صنع الإنسان لشعوب المنطقة والعالم بأسره”.
وقرّرت بكين أمس الخميس وقف استيراد كل منتجات البحر اليابانية باسم “سلامة الغذاء”، علما أنها حظرت منذ يوليو/تموز الماضي استيراد المواد الغذائية من 10 مقاطعات يابانية بما في ذلك محافظة فوكوشيما، في حين فرضت هونغ كونغ وماكاو إجراءات مماثلة.
قلق واحتجاجات
ولم تعترض سول التي تحسنت علاقاتها مع طوكيو في الأشهر الأخيرة، إلا أنّ سكان كوريا الجنوبية يشعرون بالقلق، فقد نظمت مظاهرات في البلاد وخزّن بعض السكان ملح البحر خوفا من تلوّثه.
وأوقف نحو 10 متظاهرين أمس الخميس في سول بعد أن حاولوا دخول سفارة اليابان.
وفي سياق متصل بالاحتجاجات، تجمعت حشود من جماعات حماية البيئة في فيجي ونيوزيلندا اليوم الجمعة احتجاجا على تصريف اليابان مياه التبريد المعالجة من محطة فوكوشيما.
وخرج المتظاهرون إلى الشوارع في سوفا عاصمة فيجي، في الوقت الذي تم فيه تنظيم مظاهرات في نيوزيلندا خارج القنصلية اليابانية في أوكلاند والسفارة في ولنغتون.
في هذه الأثناء، لم يتخذ منتدى جزر المحيط الهادي، الذي يضم 18 دولة في المنطقة، قرارا رسميا بعد بشأن ما إذا كان يؤيد أو يعارض التصريف.
وقال الأمين العام للمنتدى هنري بونا اليوم الجمعة إنه “وضع الأولوية القصوى” لهذه القضية. ودعمت دول بالاو وفيجي وبابوا غينيا الجديدة وجزر كوك وولايات ميكرونيسيا المتحدة اليابان علنا، في حين أعربت كل من فانواتو وتوفالو عن معارضتها.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.