على مر القرون تطورت العمارة الدينية لتجسد قيما دينية وإنسانية وتراثية مختلفة، وفي أوروبا -التي شهدت تحولات وتغيرات عديدة في عصرها الحديث- تعبر مجموعة من المباني التاريخية -التي استُخدمت مساجد وكنائس في أوقات مختلفة- عن الإبداع والإتقان والروحانية والجمال.
شكلت الأديان المجتمعات وتعيش آثارها العمرانية داخل العمارة الدينية التي تعكس هذه التفاعلات، وفي هذا الموضوع نستعرض بالصور -التي وفرتها الكاتبة كيري أولم لشبكة التراث الأوروبي الرقمي (يوروبينا)- 5 مبانٍ وهياكل في أنحاء أوروبا كانت مساجد وكنائس خلال فترات مختلفة من تاريخها.
جامع السليمية في نيقوسيا القبرصية
تم إنشاء هذا المبنى بين القرنين الـ12 والـ14 ككنيسة قوطية على يد مهندسين فرنسيين، ربما تم تشييده في موقع كاتدرائية بيزنطية سابقة، ويقع ملاصقا للخط الأخضر من العاصمة المقسمة نيقوسيا، وهو تابع لقبرص الشمالية التركية.
كانت كاتدرائية القديسة صوفيا -كما كانت تعرف آنذاك- مكان تتويج ملوك جزيرة قبرص حتى استولت جمهورية البندقية على الجزيرة عام 1489.
بعد حصار عام 1570 أصبحت قبرص تحت سيطرة العثمانيين الذين حولوا المبنى إلى مسجد، وأضافوا مئذنتين إلى الخارج، ولا تزالان قائمتين حتى يومنا هذا.
كاتدرائية إشبيلية
أقيم المبنى -الذي أدرجته اليونسكو على قائمتها للتراث العالمي كجامع ومئذنة- في عهد الأندلس الإسلامية، ويعد الآن جزءا من كاتدرائية إشبيلية (أكبر كاتدرائيات القرون الوسطى القوطية)، وتم الانتهاء من تشييد المبنى -الذي أطلق عليه “المسجد الجامع بالقصبة” (جامع إشبيلية الكبير)- في عام 1176، ولم يكتمل بناء المئذنة حتى عام 1198.
بعد حصار إشبيلية أثناء ما عرفت بـ”حروب الاسترداد” أصبحت إشبيلية تحت سيطرة المسيحيين عام 1248، وقاموا بتحويل المسجد إلى كنيسة تحتوي على مجموعة من المصليات العائلية الصغيرة، تم إهمال المبنى في وقت لاحق ثم تضرر خلال زلزال عام 1356.
وخلال القرنين الـ15 والـ16 تمت الاستعاضة عن الكنيسة بالمبنى الحالي، مع إضافة برج جرس كنسي أعلى المئذنة السابقة تعلوها منحوتة برونزية مميزة.
كنيسة البلد- السيدة العذراء في بيتش المجرية
كان هذا المبنى -الذي يقع في ساحة سيتشاني في بيتش المجرية- مسجدا في البداية وبناه الحاكم العثماني غازي قاسم باشا واكتمل في عام 1546.
تم الاستيلاء على بيتش من قبل مملكة المجر في عام 1702، وجرى تحويل المسجد إلى كنيسة رومانية كاثوليكية، وتم تغيير التصميم الداخلي والخارجي بشكل كبير منذ ذلك الحين.
ورغم هدم المئذنة القديمة في عام 1766 فإن البناء لا يزال واحدا من أهم المباني العثمانية المتبقية في المجر محتفظا بملامح تلك العمارة الفريدة.
كنيسة القديس نيكولاس في خانيا اليونانية
تعاقبت 3 ديانات على هذا المبنى في جزيرة كريت اليونانية، في البداية كان كاتدرائية كاثوليكية في أوائل القرن الـ14.
وخلال حروب كريت في القرن الـ17 ضم العثمانيون مدينة خانيا، وتم تحويل المبنى إلى مسجد يعرف باسم “مسجد السلطان” (هونكار جامع).
في عام 1918 تم تحويل المبنى إلى كنيسة مسيحية أرثوذكسية خلال حقبة التبادل السكاني بين المسيحيين والمسلمين عام 1923 بين اليونان وتركيا، وأخذ المسلمون المغادرون معهم بعض متعلقات المسجد.
آيا صوفيا في سلانيك
تم تشييد المبنى الموجود على لائحة التراث العالمي لليونسكو وتصميمه على غرار آيا صوفيا في إسطنبول في القرن السابع بعد أن دمر الزلزال الهيكل الذي كان مكانه في السابق.
في عام 1430 ضم العثمانيون المدينة وحولوا المبنى إلى مسجد، وفي عام 1912 بعد معركة يانيتسا بين اليونان والأتراك أصبحت سلانيك جزءا من اليونان، وتم تحويل المبنى إلى كنيسة مسيحية.
هذه المجموعة ليست سوى عدد قليل من المباني والهياكل العديدة التي تعاقبت عليها الأديان خلال التاريخ الأوروبي، وفي حين أن العديد من هذه التغييرات جاءت مع تحولات سياسية وصراعات كبرى فإن المباني بقيت راسخة مكانها شاهدة على تواريخ متقلبة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.