تتعارض النتائج مع التصور الشائع بأن الغطاء النباتي يعمل دائما على تقليل التآكل على الكثبان الرملية.
أشارت دراسة جديدة إلى أن النباتات المزروعة حديثا على الكثبان الرملية الساحلية يمكن أن تسرّع عملية التعرية من الأمواج الشديدة. ولاحظ المؤلفون في الدراسة التي نشرت يوم 14 يونيو/حزيران الجاري في دورية “ساينس أدفانسز” (Science Advances) أن النتائج تتعارض مع التصور الشائع على نطاق واسع بأن الغطاء النباتي يعمل دائما على تقليل تآكل الكثبان الرملية، وهو الخط الأول للدفاع عن المناظر الطبيعية أمام العواصف.
وقد تضمنت التجارب بناء مجسمات للكثبان الشاطئية بطول 70 مترا وارتفاع 4.5 أمتار وتعريضها لموجات العاصفة في مجرى بطول 104 أمتار في جامعة ولاية أوريغون (Oregon State University) الأميركية.
تجربة خارج المألوف
سبق للعلماء أن درسوا الكثبان الرملية في المختبر عن طريق إنشاء كثبان نباتية في أحواض معدنية تسمى خزانات الأمواج. وأظهرت تلك التجارب أن النباتات تبطئ الأمواج وتمنع تآكل الرمال. وتزداد الفائدة مع وجود نباتات أكبر وأطول. لكن خزانات الموجة صغيرة نسبيا، طولها عادة بضعة أمتار، وتستمر التجارب غالبا أقل من ساعة، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع “يوريك ألرت” (EurekAlert).
وفي الدراسة الجديدة، طرح المؤلفون تساؤلا حول ما يحدث إذا تعرضت الكثبان الرملية لموجات أكبر وعلى مدى فترة زمنية أطول. لذلك، نفذ فريق العمل في جامعة ولاية أوريغون، بمجرى مائي بطول 104 أمتار، يعد أكبر مختبر موجات تجريبي في الولايات المتحدة.
بعد ذلك، قاموا بنقل 500 متر مكعب من الرمال وقضوا أسابيع في عملية تجريف الشاطئ وتجهيز الكثبان الرملية لتبدو وكأنها حقيقية على شاطئ حقيقي، ومن ثم قاموا بزرع نبات الثمام (Panicum amarum)، وهو نبات شائع في بيئة الكثبان الرملية، وتركوه ينمو وتمتد جذوره داخل الكثيب لمدة 6 أشهر.
وأوضح روستي فياجن المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ الجغرافيا والدراسات البيئية في جامعة تكساس الأميركية، أنه بمجرد أن استقر العشب، قاموا بتشغيل آلة الموجة لمحاكاة إعصار ساندي، الذي ضرب شمال شرق الولايات المتحدة في عام 2012. واستمرت عملية المحاكاة لمدة 19 ساعة متواصلة على مدار شهر كامل.
وقال فياجن، في تصريح للجزيرة نت، “بعد كل نصف ساعة من تعريض الكثبان لموجات العاصفة، كنا نتوقف لفحص شكل الكثبان باستخدام الليزر لتقدير مستوى النحت”.
تدهور الكثبان الرملية
وأضاف الباحث أن الأمواج كانت ترتطم بجسم الكثيب الرملي من الأعلى إلى الأسفل، وفي طريقها كانت تزيل أجزاء من الكثيب تدريجيا خاصة من المنطقة التي يقع فيها النبات.
ويوضح فياجن “كانت الأمواج تنحت جسم الكثيب في موضع زرع النباتات، ومن ثم تحدث تشققات في الكثيب عند هذا الجزء إلى أن تتآكل تماما، حيث تركزت طاقة التآكل في منطقة أصغر، لأن العشب يسد جزءا من كل موجة. وبعد 14 ساعة، نحتت الأمواج وزادت سرعة التعرية لأن الأمواج تقوض المقطع الرأسي للرمال، بارتفاع 79 سنتيمترا، وأثبتت التجربة فشل النباتات في التصدي للموجات العاتية والحفاظ على جسم الكثيب”.
وبحلول نهاية العاصفة، احتفظت الكثبان الرملية الخالية من النباتات برمال أكثر من نظيرتها ذات الأعشاب التي فقدت 22% من الرمال.
وقال فياجن “وجدنا في بحثنا أن الكثبان الساحلية المزروعة حديثا والتي لا تحتوي على بنية جذرية راسخة للغاية، تم تجريفها بشكل أسرع من الكثبان الرملية بنفس حجم الرمل والضغط”.
وشدد الباحث على أننا ما زلنا بحاجة إلى معرفة المزيد حول كيفية تأثير المستويات المختلفة للغطاء النباتي على تعرض الكثبان الساحلية للتعرية التي تحركها الأمواج، رغم أن النتائج التي قدمتها الدراسة الحالية هي خطوة مهمة نحو فهم الدور الذي تلعبه النباتات في العمليات الساحلية.
ولفت فياجن إلى أن الدراسة لا تنفي دور النباتات في حماية الكثبان الرملية من العواصف، لكنها تكون فعالة فقط في حالة العواصف المعتدلة وليس العواصف العاتية.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + يوريك ألرت
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.