كشف الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية، عبد الرزاق مقري في حديثه لبرنامج “المقابلة” تفاصيل تتعلق بمراحل ظهور التيار الإسلامي في الجزائر وبالأزمة الدموية التي حصلت بعد إلغاء الانتخابات التشريعية في 1992.
وعن بداية ظهور الحركات الإسلامية، يقول في حديثه لحلقة برنامج “المقابلة” بتاريخ (2023/7/2) إنه كانت هناك 3 حركات سرية تسمى إخوان مسلمين، حركة الشيخ عبد الله جاب الله وحركة الجزأرة التي عرفت باسم الشيخ محمد السعيد (وهو ليس مؤسسها) وحركة مجتمع السلم بقيادة الشيخ محفوظ نحناح.
وكان الشيخ عبد الله جاب الله يتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في بداية السبعينيات، ولما خرج الشيخ محفوظ نحناح من السجن صار هو الأكثر تعريفا باسم “الإخوان المسلمين”.
وبالإضافة إلى تيار الإخوان المسلمين، كانت هناك جماعة الدعوة والتبليغ، في حين أن الحركة السلفية لم تكن موجودة في الجزائر في نهاية السبعينيات وحتى بداية الثمانينيات. وكان هناك أيضا الحركات الصوفية التقليدية التي لها تاريخ عريق وكانت أول من تصدى للاستعمار.
أما الإباضية -يواصل ضيف “المقابلة”- فلها حضور مميز وخاص وتتمركز في ولاية غرداية بجنوب الجزائر، ولها تنظيمها الخاص وأسسها الاجتماعية الخاصة، ولها شبكاتها الخاصة سواء في التعليم أو في التجارة أو غير ذلك من المجالات، والجميع مسلم بخصوصيتها بما في ذلك السلطات الرسمية.
وأشار إلى أنه في العموم يترشح الإباضيون، وهم مجتمع متدين ومحافظ، في قوائم مستقلة وفي أحزاب السلطة مثل حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.
وبحسب مقري -وهو أيضا الأمين العام لمنتدى كوالالمبور- فقد كانت العناوين الرئيسية للحركات الإسلامية في نهاية السبعينيات تركز على معارضة الحزب الواحد ومعارضة الاتجاه الاشتراكي، كاتجاه علماني وكاتجاه اقتصادي.
ويشير إلى أن الحركة الإسلامية التي كانت هي الأقوى في الشارع والأكثر تأثيرا كانت هي الأبرز خلال الأحداث التي عرفتها الجزائر في 5 أكتوبر/تشرين الأول 1988 والتي انفجرت بعد أن اجتمع الاستبداد مع الظلم الاقتصادي، لافتا إلى أن الشيخ عباس مدني وعلي بلحاج التقطا حينها الخيط من الشارع، بينما لم تشأ الحركة الإسلامية المنظمة قيادة الحراك.
وينوّه السياسي والبرلماني الجزائري إلى أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ (المنحلة) التي تأسست بعد تغيير الدستور في أعقاب أحداث 1988 كان فيها تنوع كبير جدا، حيث رأسها هو عباس مدني، وكان منتخبا في جبهة التحرير الوطني ويمثل الجناح المتدين والمحافظ في الجبهة، وعلي بلحاج الذي كانت له جذور سلفية.
كما كان هناك مكون آخر في جبهة الإنقاذ، وهي الحركات التي تنتمي للتيار الإخواني بشكل عام منها شخصيات أساسية كانت مع الشيخ عبد الله جاب الله أبرزهم عبد القادر حشاني وعلي جدّي، بالإضافة إلى جماعة الجزأرة التي دخلت بكل زخمها، ومن قدموا من تيار مسلح تأسس عام 1985 ودخل في مواجهة مع السلطة.
وبسبب خطاب جبهة الإنقاذ الذي كان متشددا ضد النظام السياسي استطاعت الجبهة أن تستقطب كل الطبقات الشعبية المعارضة للسلطة، ويشير مقري إلى أن هذا التنوع داخل الجبهة لم يكن يسمح بوحدة القرار ولذلك حدث انشقاق في صفوفها، وبعد إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية لعام 1992 صارت الحجة عند الجماعات المسلحة أكثر من السياسيين.
فرصة كبيرة جدا ضاعت على الجزائر
ويكشف مقري أن الحركات الإسلامية الأخرى كانت ضد إلغاء نتائج الانتخابات، ولكنها كانت غير موافقة على نهج الجبهة الإسلامية للإنقاذ، باعتبار أنه لا يحقق الأهداف المرجوة وسيضيّع الفرصة على المشروع الإسلامي، ويقول إنه شخصيا دخل بتكليف من حزبه في 5 جولات حوار سرية مع عبد القادر حشاني (اغتيل لاحقا) وأخبره بأن هذا الخط سيضع الإسلاميين جميعا في مأزق.
ويؤكد أنه بعد إلغاء الانتخابات وبداية الأزمة في الجزائر، كانت هناك فرصة للحوار ومبادرات للحل، مؤكدا أن الرئيس السابق اليمين زروال أعلن استعداده لإطلاق سراح جميع السجناء والسماح للجبهة الإسلامية بتأسيس حزب بشرط أن يتبرؤوا من الإرهاب بشكل واضح وأن يغيروا اسم الجبهة.
ويرى ضيف المقابلة أن ما حصل في الجزائر أضاع فرصة كبيرة جدا، ولو حصل التحول السياسي في 5 أكتوبر/تشرين الأول 1988 دون عنف ودون صدام ربما كانت الجزائر اليوم واحدة من واحات الديمقراطية في العالم العربي وربما بمستوى ماليزيا وإندونيسيا وتركيا.
كما يتطرق لتأسيس حركة مجتمع السلم عام 1991 ومشاركتها في الحكومات الجزائرية، مؤكدا أن الهدف من تأسيسها كان إنقاذ ما يمكن إنقاذه والحفاظ على المشروع الإسلامي من الضياع.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.