تابع برنامج “للقصة بقية” (2023/6/12) التنافس بين أميركا والصين على منطقة الشرق الأوسط التي تضم أكبر عدد من مشاريع مبادرة الحزام والطريق الصينية. فهل تهدد الصين مصالح أميركا في المنطقة؟
وبحثت الحلقة مع خبراء أميركيين وصينيين أبعاد تمدد النفوذ الصيني في دول الشرق الأوسط، حيث وصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الصين في عرض لإستراتيجية بلاده تجاهها بأنها “باتت اليوم قوة عالمية ذات نفوذ وتأثير”. وعدها الدولة الوحيدة التي تنوي إعادة تشكيل النظام الدولي، واتهمها بالعمل على تقويض القوانين والمبادئ والمؤسسات التي مكنتها من تحقيق نموها الاقتصادي.
وجاء في تقرير للبرنامج أن وزير الخارجية الأميركي -الذي يعتزم زيارة الصين بعد أيام معدودات- أوضح أخيرا في تصريحات بالرياض أن بلاده لا تُخيّر أحدا بينها وبين بكين، وإنما تحاول إظهار فوائد الشراكة معها.
وفي بكين، تلقفت الخارجية الصينية هذا التصريح، مؤكدة ضرورة اقتران الأقوال الأميركية بالأفعال، داعية واشنطن إلى التوقف عن نشر ما وصفتها بالمعلومات المضللة عن الصين، وتوجيه الضربات إلى الشركات الصينية.
ماذا تريد الصين؟
وعن نوايا الصين في المنطقة، أوضح الخبير في الشؤون الصينية سامر خير أحمد أن الصين تريد مدّ نفوذها في مختلف مناطق العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، ولكنها لا تسعى إلى تحويل النظام العالمي إلى قطب أحادي تتزعمه بكين، أما أميركا -حسب سامر أحمد- فتريد الحفاظ على شكل النظام العالمي القائم منذ 30 سنة، إلا أن الصين تريده نظاما متعدد الأقطاب.
وعبر عن قناعته بأن الصين لا تريد أن تحل محل أميركا، ولكنها تستعمل مبادراتها لإقناع دول العالم بأنه من خلال العمل الاقتصادي المشترك يمكن بناء مستقبل جديد، ولكن أميركا ترى أن هذا السلوك ظاهره اقتصادي ولكن باطنه سياسي وسيؤثر على الأمن العالمي، خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تمثل مصدرا أساسيا للنفط.
أما بخصوص العلاقات بين روسيا والصين، فأشار برايان هاردينغ مستشار وزير الدفاع الأميركي السابق ومسؤول قسم آسيا بمعهد السلام الأميركي إلى أن واشنطن قلقة بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين، موضحا أن حلفاء واشنطن أيضا يخشون صعود الصين و”عدوانية” بكين في حرب جنوب الصين، وهذا ما يجعلها تركز فقط على الجانب الاقتصادي وليس القيادي، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
وبشأن سبل التعاون بين القوتين، تقول واشنطن إنه لا يوجد ما يمنع الدولتين من التعايش السلمي والمساهمة معا في التقدم البشري، إلا أن هناك دعوات في أروقة الكونغرس إلى تبني سياسة أكثر صرامة تجاه بكين، في حين يحذر خبراء أميركيون من أن المواجهة بين القوتين قادمة لا محالة، خاصة أن الصين تسعى لجعل منطقة الشرق الأوسط جبهة رئيسية تابعة لها.
صراع المصالح
كما جاء في التقرير -الذي عرضه برنامج “للقصة بقية”- أن تحليلات أميركية عديدة تجمع على أن منطقة الشرق الأوسط -وفي القلب منها العالم العربي- ستكون محورا رئيسيا في صراع المصالح بين الصين والولايات المتحدة التي ارتبطت تاريخيا بعلاقات شراكة وتحالف مع العديد من دول المنطقة، خاصة في الخليج، وتمتد علاقات الصين بدول المنطقة لعقود مضت، إلا أنها شهدت زخما في السنوات الأخيرة.
وتعود جذور هذا التعاون إلى تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي عام 2004، كإطار للتعاون الجماعي في مجالات عديدة، ثم أطلقت الصين عام 2016 وثيقة تحدثت فيها عن سياستها تجاه الدول العربية، مؤكدة أنها تقوم على الالتزام بمبادئ التعايش السلمي، والاحترام المتبادل للسيادة، والمساواة والمنفعة المتبادلة، وركزت الوثيقة على التعاون في مختلف مجالات الطاقة، والبنية التحتية وكذلك التجارة والاستثمار، والأقمار الاصطناعية.
تغلغل الصين
يذكر أنه خلال زيارة الرئيس الصيني إلى الرياض في ديسمبر/كانون الأول الماضي وقع اتفاقية للشراكة الإستراتيجية مع السعودية، في قمة جمعت البلدين وتلتها قمة صينية خليجية، وقمة صينية عربية، وتعد الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية مجتمعة، وبلغ حجم التبادل التجاري بين الطرفين 430 مليار دولار العام الماضي.
وبلغت الاستثمارات الصينية بالدول العربية نحو 214 مليار دولار بين عامي 2005 و2021، وهي بذلك أكبر مستثمر أجنبي في العالم العربي، وانضمت 21 دولة عربية إلى مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، وعمد بعضها إلى مواءمة إستراتيجيتها التنموية مع المبادرة.
وفي الشق الدبلوماسي، برز التطور الملفت في تمدد بكين في المنطقة من خلال نجاح الوساطة الصينية في مارس/آذار الماضي في التوصل إلى اتفاق بين إيران والسعودية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بعد 7 سنوات من التوتر، وإثر ذلك عرضت بكين القيام بدور في تسهيل محادثات سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وعلى الجانب العسكري، تشهد صادرات السلاح الصينية إلى الدول العربية تزايدا ملحوظا، في ظل رفض الولايات المتحدة تصدير بعض أنواع الأسلحة للدول العربية، مثل الطائرات المسيرة وطائرة “إف-35”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.