صحيفة تركية: مراسم تنصيب أردوغان تسلط الضوء على مسار رؤية “القرن التركي” | سياسة


يقول تقرير نشرته صحيفة تركية إن الحضور الكثيف والنوعي للقادة الأجانب المشاركين في مراسم تنصيب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سلط الضوء على الطبيعة متعددة الجوانب للسياسة الخارجية التركية وقدرتها على التركيز في نفس الوقت على العديد من القضايا العالمية.

وأوضحت صحيفة “يني شفق” التركية أن حضور ممثلين عن عدد كبير من الدول يؤكد فاعلية السياسة التركية ودبلوماسيتها العالمية الناجحة على مدى أكثر من عقدين.

ويجمل الكاتب مراد يشيل تاش الذي أعد التقرير وصف الحضور بأنهم حوالي 100 ضيف أجنبي من 81 دولة، بينهم 50 رئيسا للدول والحكومات. قدمت المراسم أدلة على ماضي السياسة الخارجية التركية ومستقبلها، وليس فقط من الناحية السياسية الداخلية.

دعوة للمصالحة الاجتماعية

ويرى تاش أنه يجب النظر بعناية إلى الرسائل التي قدّمها أردوغان في السياق الداخلي، مشيرا إلى أن أكثر موضوع حظي بأهمية كبيرة هو دعوة الرئيس إلى “الأخوة” التي تشمل 85 مليون مواطن، قائلا إن هذا النهج هو واحد من المرجعيات المهمة لفكر أردوغان وممارساته السياسية. ومع ذلك، يقول الكاتب، إن الطبيعة المتناقضة للظروف والأجواء الانتخابية المشحونة التي مرت بها تركيا في السنوات الأخيرة أدت إلى استبدال التنافس بهذا الخطاب.

وقال إن الرسالة المهمة التي أرسلها أردوغان حاليا هي أن الشعب التركي قد انتهى من عملية الانتخابات ودخل في فترة جديدة، لذلك يجب التركيز على المستقبل ووضع الصراع والتنافس جانبا.

ووصف تاش هذه الدعوة بأنها دعوة جديدة للمصالحة الاجتماعية، قائلا يجب، بالطبع، ألا تكون هذه المصالحة أحادية الجانب بل يجب أن تكون متبادلة، خاصة أن جو الانتخابات قسّم تركيا إلى شريحتين متعارضتين وإن المشاكل المعقّدة التي تواجهها تركيا والظروف الدولية تتطلب الابتعاد بسرعة عن ممارسة الاستقطاب وبناء لغة توافقية جديدة في الحاضر، وبالطبع، تتحمل المعارضة أيضا مسؤولية كبرى هنا.

فسيفساء تاريخية تمتد لقرون

وأشار الكاتب إلى أن المراسم قد أنشأت تقليدا سياسيا وممارسة جديدة. فباستثناء عام 2018، كانت عملية التنصيب في السابق تقتصر على الجانب القانوني والإجرائي مثل القَسَم البرلماني وزيارة ضريح أتاتورك والاستقبالات التي تُقام في القصر، لكن أردوغان أنشأ حاليا إطارا سياسيا جديدا لهذه العملية الإجرائية والقانونية يحدد معايير لإعادة بناء التقاليد وتذكيرها، وكذلك لتحديد معايير للمراسم المقبلة لبدء الخدمة.

وعلى هذا النحو، لم يكن من قبيل المصادفة، أن أولئك الذين رافقوا الرئيس عندما كان يخاطب الحاضرين يمثلون الحضارة والثقافة الفسيفسائية في تركيا منذ قرون. فعندما دعا إلى الأخوة، تحدث أردوغان وهو يحمل معه التراث التاريخي الممتد لعدة قرون.

شبكة دبلوماسية حقيقية

وتطرق الكاتب إلى السياسة الخارجية والعمق الجيوسياسي المتزايد لتركيا، قائلا إنها قد اكتسبت بُعدا عالميا في السنوات الأخيرة. فقبل كل شيء، يُظهِر عدد المشاركين القدرة الهيكلية للسياسة الخارجية التركية متعددة الأطراف وقدرتها على التركيز في نفس الوقت على العديد من القضايا العالمية.

ويشير حضور قادة من أميركا اللاتينية وأفريقيا والبلقان وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأوروبا إلى مدى متانة الشبكة العالمية الدبلوماسية التي بنتها تركيا على مدار الـ21 عاما الماضية.

ويضيف الكاتب أن المبادرة الأفريقية، التي تم تنفيذها في عام 2005، لم تكن مجرد مبادرة قائمة على الاقتصاد كما فهمها المشاركون في المراسم، بل كانت أيضا مبادرة حاولت ترسيخ الروابط بين تركيا وأفريقيا خارج أقواس الممارسات الاستعمارية في القارة.

ملامح سياسة جديدة

وأكد تاش أن تركيا قدمت، فعليا، ملامح سياسة جديدة تتحدى الصورة الاستعمارية، فقد زادت من عدد أصدقائها، وأصبحت حاضرة في مزيد من المجالات، وأثبتت أنها ليست دولة متعالية تنظر إلى أفريقيا من علٍ، بل على قدم المساواة، وأن المشاركة الأفريقية الواسعة في المراسم تعكس ذلك بوضوح.

Inauguration ceremony of Turkish President Erdogan in Ankara
جانب من حفل تنصيب الرئيس أردوغان (رويترز)

وأضاف أن أردوغان عقد مباحثات مع كل رئيس دولة، ما جعله محبوبا ومنح سياسة تركيا الخارجية الإنسانية تقديرا عاليا، مشيرا إلى أن تركيا وأردوغان دائما في الصدارة عندما يتعلق الأمر بحل النزاعات ومساعدات الإغاثة وتيسير نقل صوت أفريقيا إلى المجتمع العالمي. وقد كان هو الزعيم الأكثر زيارة لأفريقيا، وبالمثل، لم تترك أفريقيا الرئيس بمفرده وأصبحت القارة التي قدمت أكبر قدر من التمثيل في مراسم التنصيب.

تأثير “مادورو” رمز المقاومة

وبيّن الكاتب أن حضور رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو مراسم التنصيب قد عزز صورة تركيا لدى العالم اللاتيني، لأن مادورو يرمز إلى المقاومة ضد الهيمنة الأميركية، وهو من بين القادة الذين قدموا دعما صريحا لتركيا في ليلة انقلاب 15 يوليو/تموز.

من جانب آخر، يشير تاش إلى أن حضور رئيس الوزراء الأرميني باشينيان، وبناء على ما جرى منذ 2020، يُعد حقا خطوة مهمة ستسهم في توطيد السلام الإقليمي، وفي الفترة المقبلة، ستكون إحدى العمليات المهمة للسياسة الخارجية التركية هي التطبيع بين تركيا وأرمينيا.

ويضيف الكاتب أنه كانت هناك شخصيات مهمة من أوروبا بينهم رؤساء دول وحكومات والأمين العام لحلف الناتو، ومع ذلك، من السابق لأوانه القول إن الاتفاق بين تركيا وأوروبا سيتشكل بسرعة، لكن التهاني التي وصلت بمناسبة فوز أردوغان تعزز الأمل في هذا الاتفاق.

وختم تاش تقريره بالقول إن مراسم التنصيب تسلط الضوء على مستقبل تركيا القريب سواء من الناحية السياسية الداخلية أو الخارجية.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post إعادة فتح محكمة الإسكان في ديترويت مع تغييرات كبيرة ومخاوف من المزيد من عمليات الإخلاء
Next post أخبار نادى الأهلى اليوم الثلاثاء 6 / 6 / 2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading