ما لم نشهد ارتفاعا ملحوظا في درجة حرارة المحيطات، فإن زراعة الأعشاب البحرية توفر طريقة ليست صديقة للمناخ فحسب، بل لمقاومة التغيرات المناخية.
للمساعدة في حل مشاكل الجوع وسوء التغذية مع إبطاء تأثيرات تغير المناخ، يمكن لبعض المزارعين التحول من الزراعة على اليابسة إلى الزراعة في البحر، وفقا لدراسة حديثة.
ونُشرت الدراسة في عدد يونيو/حزيران من مجلة “غلوبال فود سيكيورتي” (Global Food Security)، وتشير إلى أن زراعة الأعشاب البحرية يمكن أن تتيح فرصا غير مسبوقة لمعالجة مشكلة الجوع وتغير المناخ وتحسين دخل المزارعين في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
البديل الأكثر استدامة
وتشير نتائج الدراسة إلى أن زراعة الأعشاب البحرية تعتبر البديل الأكثر استدامة لتربية الماشية، حيث لا تتطلب أرضا زراعية أو مياها عذبة أو استخدام أسمدة كيميائية، ويمكنها أن تساعد في توفير الغذاء وتحقيق وفورات من خلال زيادة الصادرات.
كما تشير إلى أن زراعة الأعشاب البحرية يمكن أن تساعد على حل مشكلة الجوع وسوء التغذية في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن تزيد زراعة وبيع الأعشاب البحرية من الدخل للمزارعين.
وكما يشير البيان الصحفي للدراسة المنشور على موقع “يوريك ألرت” (Eurek Alert) في الثامن من يونيو/حزيران الجاري فقد شارك في الفريق البحثي باحثون يعملون في المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية وفازوا بجائزة الغذاء العالمية لعام 2021 للبحث والابتكار في تربية الأحياء المائية وأنظمة الغذاء، واستعرض الباحثون الأوراق البحثية والدراسات المتاحة وقواعد البيانات وتقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي.
ووجدت الدراسة أن زراعة الأعشاب البحرية يمكن أن تصبح مربحة بشكل خاص مع تزايد الطلب على منتجات الأعشاب البحرية الغنية بالمغذيات في جميع أنحاء العالم. وستعني هذه الأرباح المزيد من القوة الشرائية للمجتمعات التي تنتج الطحالب الدقيقة وتعالجها وتصدرها.
ويرى باتريك ويب، كبير باحثي الدراسة، وأستاذ التغذية في مدرسة فريدمان بجامعة تافتس الأميركية، أن إنتاج وبيع الأعشاب البحرية يمكن أن يعززا دخل المزارعين في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، لا سيما في المناطق الساحلية في أفريقيا وجنوب شرق آسيا، وسيؤدي بيعها لتحسين التغذية من خلال عمليات الشراء في السوق.
سهلة وصديقة للبيئة
ووفقا للدراسة، فإن الأعشاب البحرية تعتبر محصولا صديقا لكل من المزارعين والبيئة، وقد نمت في أجزاء من آسيا لعدة قرون باستخدام تقنيات بسيطة إلى حد ما.
علاوة على كونها سهلة النمو نسبيا، فإن الأعشاب البحرية لها بصمة كربونية ضئيلة، وقد تساعد أيضا في خفض مستويات الكربون في المحيط، وقد وجدت الأبحاث أن مزارع الطحالب البنية المعمرة تمتص ما يصل إلى 10 أطنان من ثاني أكسيد الكربون لكل هكتار من سطح البحر سنويا، وعند إضافتها إلى علف الماشية، يمكن للأعشاب البحرية أن تساعد بشكل كبير في تقليل انبعاثات غاز الميثان.
وقال ويب -الذي يعمل أيضا مديرا لمختبر ابتكار النظم الغذائية للتغذية في الجامعة نفسها- “ما لم نشهد ارتفاعا ملحوظا في درجة حرارة المحيطات، فإن زراعة الأعشاب البحرية توفر طريقة ليست صديقة للمناخ فحسب، بل لمقاومة التغيرات المناخية”.
منجم ذهب
وبينما تساعد زراعة الأعشاب البحرية البيئة، فإن تغير المناخ قد يشكل حواجز أمام زراعة المزيد منها. وقال الباحثون إن مياه المحيطات تزداد حموضة، وهو أمر غير مثالي لزراعة أعشاب بحرية صحية صالحة للأكل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن القيمة الأساسية للأعشاب البحرية كمصدر للتصدير تتمثل في مستخلصاتها كمكونات، وليس كخضروات بحرية يتم تناولها بالكامل.
وقال الباحثون إنه إذا أمكن معالجة هذه العقبات، فإن فرص تربية الأعشاب البحرية لا حدود لها. وإنه يجب على الحكومات أن تأخذ هذا الأمر على محمل الجد وأن تضع لوائح لسلامة الأغذية، كما سيكون الاهتمام بالاستثمار المحلي والدولي أمرا أساسيا.
ولا يزال إنتاج الأعشاب البحرية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في أيامه الأولى، لكن ويب واثق من وعده، وقال “ربما لم تناقش وزارة الزراعة، أو حتى وزارة الثروة السمكية في هذه البلدان، الأعشاب البحرية مطلقا”. وأضاف “إذا لم يحدث ذلك غدا، في ظل الظروف المناسبة، فقد يحدث بعد غد.. ماذا لو فعلوا؟ قد يكتشفون منجم ذهب”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.