تحليل اقتصادي
قال تقرير لوكالة رويترز إن مصر تواجه مهمة تزداد صعوبة يوما بعد يوم لجمع السيولة المطلوبة لسداد فاتورة ديونها الخارجية بعدما ارتفع الاقتراض الخارجي في الأعوام الثمانية الماضية إلى 4 أمثاله، للمساهمة في تمويل بناء عاصمة جديدة وتشييد بنية تحتية وشراء أسلحة ودعم عملة مبالغ في تقدير قيمتها.
وأضاف التقرير أن القليل من المشروعات الضخمة في مصر تدر تدفقات إضافية من العملة الصعبة، فيما فاقم المستثمرون الأجانب المتاعب بالعزوف عن مصر وغيرها من الأسواق الناشئة منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا وزيادة تكاليف الاقتراض العالمية.
وتقول الحكومة إنها ستفي بالتزامات السداد، لكنها لم تنفذ التغييرات الاقتصادية الهيكلية التي تعهدت بها منذ فترة طويلة، كما أن محاولتها جمع السيولة عن طريق بيع شركات مملوكة للدولة لم تسفر عن بيع أي أصول رئيسية بالعملة الصعبة منذ نحو عام، وفق التقرير.
ولطالما حث المستثمرون على أن تكون العملة أكثر مرونة، لكن الجنيه المصري -يقول تقرير رويترز- لم يتحرك مقابل الدولار منذ 3 أشهر رغم تعهد لصندوق النقد بتحريره ضمن حزمة مالية بقيمة 3 مليارات دولار تم الاتفاق عليها في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
لطالما حث المستثمرون على أن تكون العملة أكثر مرونة، لكن الجنيه المصري لم يتحرك مقابل الدولار منذ 3 أشهر
شح العملة الصعبة
ووسط شح النقد الأجنبي سحبت مصر من صافي الأصول الأجنبية في النظام المصرفي أكثر من 40 مليار دولار في العامين الماضيين استخدم جزء منها لدعم الجنيه.
وشهد اثنان من مصادر النقد الأجنبي الرئيسية في مصر زيادة، وهما السياحة ورسوم عبور قناة السويس، لكن مصرفيين يقولون إن تحويلات المصريين العاملين في الخارج -وهي مصدر ثالث مهم للعملة الأجنبية- تراجعت بسبب تحويل عدد أكبر من الناس أموالهم عن طريق السوق الموازية، يضيف تقرير رويترز.
ويبلغ الدولار 31 جنيها تقريبا بالسعر الرسمي، لكن السعر في السوق السوداء يصل إلى نحو 39 جنيها.
وأثار شح العملة الصعبة مخاوف بشأن قدرة مصر على سداد الديون الخارجية، ومنذ أبريل/نيسان الماضي خفضت وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية الثلاث النظرة المستقبلية لديون مصر.
وقالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني إن “مواعيد استحقاق الدين الخارجي الكبير لمصر أصبحت تمثل تحديا متزايدا”.
وأظهرت بيانات البنك المركزي الأسبوع الماضي أن المدفوعات المستحقة تشمل 2.49 مليار دولار من الديون قصيرة الأجل في يونيو/حزيران، فيما في النصف الثاني من 2023 تشمل 3.86 مليارات دولار من الديون قصيرة الأجل و11.38 مليار دولار من الديون طويلة الأجل.
فورة اقتراض
ويقول تقرير رويترز إن النهم للاقتراض في مصر بدأ مع عقد مؤتمر اقتصادي في مارس/آذار 2015 بعد مرور أقل من عام على تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي المنصب عندما تم الإعلان عن سلسلة من المشروعات العملاقة، بما في ذلك العاصمة الإدارية الجديدة و3 محطات للطاقة.
كما جذب الاطمئنان الذي قدمه اتفاقان مع صندوق النقد في عامي 2016 و2020 مقرضين متعددي الأطراف وحكومات أجنبية ومؤسسات استثمارية، في حين استفادت مصر -التي استضافت قمة المناخ “كوب 27” العام الماضي- من موجة التمويل الأخضر.
وأظهرت بيانات للبنك المركزي أن القروض الخارجية قفزت إلى 162.9 مليار دولار بحلول ديسمبر/كانون الأول 2022 من أقل من 40 مليار دولار في 2015، كما قفز الاقتراض في الربع الأخير من 2022 وحده 8 مليارات دولار.
وتنقل رويترز عن فاروق سوسة الخبير الاقتصادي في بنك غولدمان ساكس قوله “حازت مصر على إعجاب صندوق النقد والمستثمرين بسبب ما كانت تفعله لاستقرار الاقتصاد الكلي”.
وأضاف “لم تحقق الاستثمارات العائد المأمول من حيث تعزيز القدرة على سداد الديون الخارجية”.
ويقول خبراء اقتصاديون إن مصر -التي يبلغ تعداد سكانها 105 ملايين نسمة، وتعد واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم، وتعتمد أيضا على الواردات في الحصول على سلع غذائية أخرى وفي توفير الوقود- أنفقت الكثير من الأموال المقترضة على مشروعات لن تحقق عائدات سريعة من النقد الأجنبي الذي تحتاجه البلاد.
وتشمل المشروعات:
- العاصمة الإدارية الجديدة التي ستبلغ تكلفة إنشائها شرقي القاهرة 58 مليار دولار.
- محطة للطاقة النووية بتكلفة 25 مليار دولار على ساحل البحر المتوسط.
- إنشاء شبكة سكك حديدية للقطارات عالية السرعة بطول ألفي كيلومتر ستكون سادس أكبر شبكة في العالم، وقالت الرئاسة المصرية إنها ستكلف 23 مليار دولار.
وفي الفترة من عام 2015 إلى 2019 صارت مصر ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم، إذ تعاقدت على ما لا يقل عن 54 طلبية أسلحة، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، يختم تقرير رويترز.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.