روائع عباسية ومملوكية وعثمانية في أثينا.. 12 ألف أثر بمتحف بيناكي للفن الإسلامي | ثقافة


في متحف بيناكي للفنون الإسلامية بالعاصمة اليونانية أثينا، يسلط أكثر من 12 ألف عمل وتحفة أثرية الضوء على التاريخ والثقافة الإسلامية من عصور مختلفة.

وتم إنشاء المتحف عام 2004 من مجموعات أثرية تعود لِمُقتني التحف الأثرية اليوناني أنطونيس بيناكيس، الذي ولد في مدينة الإسكندرية شمالي مصر عام 1873.

ويضم المتحف مجموعة واسعة وغنية من التحف الأثرية من عدة مناطق، أبرزها الهند وإيران وبلاد ما بين النهرين والأناضول والشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية ومصر وشمال أفريقيا وصقلية وإسبانيا، وكلما صعد الزائر باتجاه الطوابق العليا ازدادت المعروضات تألقا وجمالا، وازدادت تفاصيلها دقة وأناقة، ابتداء من التحف العائدة للعصر الأموي وانتهاء بالتحف العثمانية المختلفة.

ويحظى المتحف بعديد من الأعمال اليدوية التي تعكس الثقافة الإسلامية، والأعمال المصنوعة من السيراميك والذهب والنسيج والخشب والزجاج والصدف ومواد أخرى، وكثير من التحف التركية التي ترجع صناعتها لمدينتي إزنيق وكوتاهية (غرب تركيا)، إضافة إلى أقمشة وسجاد من مدينة بورصة (غرب).

ويضم المتحف كذلك مجلسا لاستقبال الضيوف يعود لأحد أعيان العاصمة المصرية القاهرة، ويعكس بأثاثه ونافورته التي تتوسط الغرفة أسلوب الحياة والفنون التي سادت ما بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر الميلاديين.

ويلحظ الزائر وجوها عديدة في الرسوم المعروضة تبدو فيها عالمية التاريخ الإسلامي، من الوجوه العربية إلى الصينية، ومن الملامح التركية إلى الملامح الفارسية، ولن يفوت المتأمل بالطبع ملاحظة اختلاف الأزياء والملابس تبعا لاختلاف الأعراق والأعمار.

اليونان.. 12 ألف قطعة أثرية بمتحف بيناكي للفن الإسلامي
روائع فنية تاريخية في متحف بيناكي للفن الإسلامي بأثينا (الأناضول)

أهمية المتحف

وقالت مديرة متحف بيناكي للفنون الإسلامية مينا مورايتي إن “معظم القطع الأثرية المعروضة كانت جزءا من المجموعة الخاصة بمقتني التحف الأثرية اليوناني أنطونيس بيناكيس”.

وأكدت مورايتي -لوكالة الأناضول- أن هذا المتحف واحد من أهم المتاحف في اليونان التي تعرض أعمالا أثرية وفنية تنتمي لحضارة أخرى غير الحضارة اليونانية.

وأوضحت أن “متحف بيناكي للفنون الإسلامية متحف مهم للغاية، لأنه يعكس فنون حضارة ومجتمعات ليست بعيدة عن اليونان، ولكنها ذات طابع مختلف تماما”.

وذكرت مورايتي أن المتحف يستقبل يوميا عديدا من الزوار المحليين والأجانب القادمين من بلدان مختلفة، فضلا عن شهرته داخل اليونان وأوروبا والعالم.

اليونان.. 12 ألف قطعة أثرية بمتحف بيناكي للفن الإسلامي
زخارف وكتابات بحروف عربية على قطع أثرية بمتحف بيناكي للفن الإسلامي في أثينا (الأناضول)

مقتنيات عباسية ومملوكية وعثمانية

في الطابق الثاني تقع الغرفة الرخامية العائدة إلى العصر المملوكي، وتظهر فيها التفصيلات الدقيقة والرسومات والزخارف والنقوش البديعة المرسومة بالألوان الطبيعية، أما المصوغات الذهبية فتدل على ذوق فني رائع ودقة في الصنع قد لا يصل إليها صانعو المجوهرات اليوم، كما تدل على رفاهية كبيرة جعلت أهل عصرها يتفرغون للفنون المختلفة وصناعات الترف.

والرسوم المطرزة على قطع القماش تدل على احتكاك الشعوب المختلفة واختلاطها ببعضها بعضا في ظل العهد الإسلامي، كما تدل على زيادة توجه المسلمين بطبقاتهم المختلفة في العصور العباسية وما بعدها نحو بعض الفنون والحرف، وإن كان ذلك يحوي بعض المخالفات الدينية مثل الغناء ورسم المغنيات وتصوير حالة المتيمين من العشق.

اليونان.. 12 ألف قطعة أثرية بمتحف بيناكي للفن الإسلامي
ملابس حربية بمتحف بيناكي للفن الإسلامي (الأناضول)

أما الآيات القرآنية المخطوطة على قطع من البردي والمنقوشة على قطع من الذهب الخالص والتي يظهر فيها الخط العربي القديم دون تنقيط أو تشكيل، فهي تنطق بما عاناه المسلمون الأولون من مشقة لحفظ القرآن الكريم وتحسين طرق كتابته وإضافة المحسنات عليها، حتى وصلت إلى صورتها الحالية.

وأدوات الجراحة المعروضة تبدو على قدر كبير من الاحتراف والدقة لإجراء العمليات الجراحية، لكنها أبت إلا أن تكون قطعا فنية لا تقل عن غيرها من القطع جمالا وإتقانا، رغم أن الغاية من صنعها كان التطبيب، ولم يكن صانعوها يتصورون أن تنتهي في المتاحف التاريخية المختلفة.

أما الأدوات القتالية المعروضة فقد جاءت كذلك تحفا فنية كأنما خلقت للفن لا للقتال، خاصة الخناجر العثمانية التي تعمر بالنقوش والألوان والزخرفات البديعة، بحيث يراودك عند رؤيتك أحدها السؤال التالي: كيف كان حاملوها يركزون على القتال ومنازعة الخصوم ويلتفتون عن القطع الفنية الرائعة التي بأيديهم؟

اليونان.. 12 ألف قطعة أثرية بمتحف بيناكي للفن الإسلامي
خناجر مزينة بالنقوش والألوان والزخرفات البديعة بمتحف بيناكي للفن الإسلامي (الأناضول)

وتقول مورايتي إن “معظم القطع الأثرية التي تعود للعهد العثماني، وخاصة المصنوعة من الأقمشة والسيراميك والمعادن المختلفة، وصلت إلى المتحف في الواقع عن طريق مصر”.

وأكدت أن “تلك القطع الأثرية تسلط الضوء على هوية الفن العثماني، خاصة أشكال الزهور المستخدمة، التي طالما شكلت نموذجا مميزا في الأعمال الفنية العثمانية”.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post الفنانة شاهيناز تنجو من الموت بعد تعرضها لحادث سير
Next post أوسوريو لـ”اليوم السابع”: نحن مستعدون لمواجهة الأهلي أفضل فريق فى أفريقيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading