مراسلو الجزيرة نت
الخرطوم- تزايد القلق لدى أوساط سودانية ودولية من تعليق العمل في قاعدة وادي سيدنا الجوية -التي تعتبر الرئة الوحيدة التي تربط الخرطوم مع العالم الخارجي- بعد خروج مطار الخرطوم عن الخدمة للتدمير الذي طاله بسبب المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وعدم حسم السيطرة عليه لأي طرف بعد 17 يوما من المعارك.
وشهد مطار وادي سيدنا -الواقع ضمن القاعدة العسكرية- إجلاء نحو 5 آلاف من الدبلوماسيين والرعايا الأجانب من الخرطوم من أكثر من 40 جنسية، أبرزها من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وتركيا ومصر.
وفي نكسة عام 1967، حين دمرت إسرائيل عددا كبيرا من الطيران المصري على المهابط، فتح السودان للقوات الجوية المصرية قاعدة وادي سيدنا الجوية شمالي أم درمان، وأُطلق عليها اسم قاعدة ناصر الجوية، نسبة للرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، كما فتح معسكر جبل أولياء في جنوب غرب الخرطوم للكلية الحربية المصرية لإعادة تأهيل الجيش المصري بعد هذه الحرب.
وفي عهد الرئيس السوداني السابق جعفر محمد نميري بين عامي 1969 و1985، تمت توسعة القاعدة لتشمل وحدات عسكرية أخرى مثل الكلية الحربية ومعهد المشاة والمظلات، كما غُيّر اسمها من قاعدة ناصر إلى قاعدة وادي سيدنا.
ويقع بالقرب من القاعدة مجمع الصافات للتصنيع العسكري المتخصص في صناعة الطيران المقاتل، التقليدي منه والمسيّر، وقد تم عرض بعض منتجات المجمع في معارض عسكرية خارجية.
قاعدة تحت الضوء
ومع اندلاع المواجهات في الخرطوم منتصف أبريل/نيسان الماضي، دمّر الجيش قاعدة قوات الدعم السريع في منطقة كرري المتاخمة لقاعدة وادي سيدنا الجوية، التي كان فيها أكثر من 5 آلاف مقاتل، لمنع تهديد القاعدة الجوية، لأن الطيران كان من عناصر تفوق الجيش فضلا عن الدبابات.
واستُخدمت القاعدة الجوية لانطلاق الطائرات الحربية والمسيَّرات التابعة للجيش، لشنّ ضربات جوية على 11 قاعدة ومعسكرا للدعم السريع حول العاصمة، وعلى نقاط ارتكاز في الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، وعلى الطرق التي تربط العاصمة بالولايات، كما استهدف الطيران عدة أرتال عسكرية كانت في طريقها من إقليمي كردفان ودارفور إلى مواقع القتال في مدن الخرطوم.
وفي تصريح للجزيرة نت، قال مسؤول عسكري -طلب عدم الكشف عن هويته- إن “متمردي الدعم السريع حاولوا 3 مرات اقتحام قاعدة وادي سيدنا لتدميرها وإخراجها من الخدمة، لكنهم فشلوا وجرى دحرهم وتكبيدهم خسائر فادحة، كما سعوا إلى قصفها من مواقع بعيدة ولم يفلحوا في ذلك”، مؤكدا أن القاعدة مؤمّنة تماما بقوات في كامل الجاهزية.
إجلاء الأجانب
وبعد 9 أيام من المعارك، استُخدمت القاعدة العسكرية ومطارها في عمليات إجلاء رعايا الدول في السودان، حيث هبطت طائرات عسكرية من مختلف الدول، مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، وأصيبت طائرة تركية بطلق ناري قرب خزان الوقود، لكنها استطاعت الهبوط وجرى إصلاحها ثم غادرت، واتهم الجيش قوات الدعم السريع باستهداف الطائرة.
وأجرى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) اتصالا مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، نفى فيه استهداف قواته الطائرة. وبعد يومين حذرت الولايات المتحدة وبريطانيا ومصر من مخاطر في إجلاء رعاياها عبر القاعدة الجوية، قبل أن يتم استئناف العملية بصورة عادية.
وذكرت مصادر أمنية أن الجيش كان يشدد الحراسة على تحركات الدبلوماسيين والرعايا الأجانب في رحلتهم من شرق الخرطوم ووسطها إلى قاعدة وادي سيدنا في أم درمان (نحو 22 كيلومترا)، خوفا من المساس بهم. وأكدت المصادر -في حديث للجزيرة نت- أن كل عمليات الإجلاء تمت بنجاح، ولا تزال بعض الدول تجلي رعاياها عبر القاعدة.
محاولات الخنق
وفي هذا الشأن، يرى الخبير العسكري سعد عوض الله أن قاعدة وادي سيدنا باتت المنفذ الجوي الوحيد لخارج البلاد، مما يعزز أهميتها الإستراتيجية، وستستمر محاولات قوات الدعم السريع لتعطيلها، ليس بسبب انطلاق الطيران العسكري منها، وإنما لمنع وصول أي مساعدات عسكرية خارجية عبرها بطريقة سريعة لموقعها، رغم وجود قواعد أخرى لكنها غير مهيأة مثلها.
وأضاف عوض الله -في حديثه للجزيرة نت- أن بالخرطوم قواعد عسكرية أخرى، منها واحدة ملحقة بمطار الخرطوم الذي لم تحسم السيطرة عليه بين الجيش والدعم السريع، وقاعدة ثانية في جبل أولياء جنوب غرب العاصمة، بالإضافة لقاعدة في مروي شمال البلاد، والأبيّض في الغرب، وكنانة في الوسط، وغيرها.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.