مراسلو الجزيرة نت
برلين ـ رغم العقوبات الغربية المفروضة على النفط الروسي، فإنه يصل إلى الأسواق الأوروبية عبر سوق بديل، في وقت تشير فيه معلومات وأرقام لمراكز أوروبية متخصصة في الطاقة إلى أن الهند تقوم باستيراد الخام الروسي وتكريره وإعادة تصديره إلى أوروبا.
الأرقام المعلنة من المراكز الأوروبية المتخصصة دفعت مسؤول السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى التلويح باتخاذ إجراءات ضد الهند جراء التفافها على قرار العقوبات الغربية على روسيا.
وقال بوريل “إنه في حال وصول ديزل وبنزين مكرر من الهند وهو من نفط خام روسي، فهذا يعني بالتأكيد التفافا على العقوبات، كما يعني أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستتخذ إجراءات”.
الحكومة الهندية من جانبها ردت على تلك الاتهامات على لسان وزير خارجيتها سوبرامانيام جايشانكار بأنها “تقترح” على المسؤول الأوروبي ومسؤولين آخرين في بروكسل والعواصم الأوروبية الاطلاع على لوائح الاتحاد بخصوص العقوبات، “في إشارة منه إلى التزام بلاده بلوائحها”.
عقوبات متتالية
ومنذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا قبل أكثر من عام، فرض الاتحاد الأوروبي عدة حزم من العقوبات على القطاع النفطي الروسي، ففي ديسمبر/كانون الأول 2022 تم حظر شحنات النفط الروسية عبر البحر إلى الاتحاد، وفي فبراير/شباط 2023 تم حظر استيراد البنزين والديزل ومشتقات أخرى.
ويرى مركز “كبلير” (Kpler) لتحليل البيانات -ومقره العاصمة النمساوية فيينا- أن الإجراءات الأوروبية لم تكن فعالة بسبب وصول النفط الروسي مكررا إلى دول الاتحاد، مشيرا إلى أن الهند تنظر إلى زاوية مصالحها الاقتصادية البحتة بعيدا عن نقاش أمن الطاقة والحرب الأوكرانية، ولا تعدّ نفسها جزءا من “اللعبة السياسية”.
ويقول المختص في تتبع شحنات النفط في مركز “كبلير” فكتور كاتونا، للجزيرة نت، إن صادرات النفط الروسي إلى الهند شكّلت قبل الحرب الروسية على أوكرانيا 1% فقط من احتياجات الهند، مشيرا إلى أنها تتراوح الآن بين 40% و45%، وأن الهند استوردت في أبريل/نيسان 2023 أكثر من مليوني برميل نفط روسي في اليوم.
وبحسب كاتونا، فإن الناقلات التي تحمل النفط الروسي الخام تتوجه الآن إلى موانئ عدة دول أبرزها الهند بدلا من الموانئ الأوروبية، “فعلى السواحل الغربية للهند توجد عدة محطات تكرير بينها محطة جامنجار التي تعد الأكبر في العالم”.
ويضيف الخبير أن بيانات مركز كبلير تشير إلى ارتفاع كبير في الأشهر الماضية في صادرات الهند من البنزين والديزل والمشتقات الأخرى نحو دول الاتحاد الأوروبي، مضيفا أن نيودلهي ليس لديها احتياطات نفطية ضخمة، مما يعني زيادة كبيرة في استيرادها النفط الروسي.
42 مليار دولار في 12 شهرا
أما المركز الفنلندي لأبحاث الطاقة “سي آر إي إيه” (CREA) فاتهم بطريقة غير مباشرة الغرب بتمويل الحرب الروسية على أوكرانيا، مشددا على أن النفط الروسي يصل إلى أوروبا عن طريق الهند.
ويؤكد المركز الفنلندي أن الدول الغربية استوردت في الـ12 شهرا الماضية منتجات نفطية بقيمة 42 مليار يورو من النفط الروسي عن طريق عدة دول على رأسها الهند.
ويشير التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي في الفترة المذكورة كان أكبر مستورد للمنتجات النفطية من تلك الدول، حيث بلغت قيمة وارداته 17.7 مليار يورو، في حين تأتي أستراليا في المركز الثاني بقيمة 8 مليارات، والولايات المتحدة بـ6.6 مليارات، ثم المملكة المتحدة بقيمة 5 مليارات، فاليابان بـ4.8 مليارات يورو.
ووفق المركز، فإن الديزل يأتي في مقدمة المنتجات النفطية المستوردة بنسبة 29%، ووقود الطائرات بنسبة 23%، وزيت الغاز 13%.
العقوبات.. “نمر دون أنياب”
وعن جدوى العقوبات الغربية على روسيا، يقول المختص بتتبع شحنات النفط في مركز “كبلير” فكتور كاتونا إن هذه العقوبات تبقى “نمرا دون أنياب” إذا لم تشمل دولا آسيوية لا سيما الهند والصين، مؤكدا أنه “إذا أراد الغرب إلحاق الضرر بصناعة النفط الروسية فإن السبيل الوحيد لذلك هو منع الهند والصين من شراء النفط الروسي”.
ويختم الخبير بأن مشكلة الدول الغربية، سواء في إطار الاتحاد الأوروبي أو الدول السبع الكبرى “جي 7” (G7) أو الولايات المتحدة، تكمن في أن محاولة منع الهند أو الصين من شراء النفط الروسي “ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط حتى إلى 200 دولار للبرميل الواحد”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.