تينا ترنر، مغنية أميركية أفريقية، تلقب بـ”ملكة الروك آند رول”، حققت ألبوماتها مبيعات ضخمة منذ ستينيات القرن الماضي استمرت 5 عقود، فصنفت من أنجح مغنيي هذا الفن. ولدت في أميركا عام 1939، ورحلت بعد معاناة طويلة مع المرض في 24 مايو/أيار 2023.
المولد والنشأة
اسمها الحقيقي آنا ماي بولوك، ولدت في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1939 في بلدة نوتبوش الريفية في ولاية تينيسي لأسرة زراعية فقيرة. وكانت الابنة الصغرى لفلويد ريتشارد بولوك وزوجته زيلما بريسيلا.
عملت ترنر مع والديها فترة في زراعة وقطف القطن، وعندما انتقل والدها للعمل في منشأة عسكرية خلال الحرب العالمية الثانية، انفصلت عن أختيها اللتين تكبرانها سنا، إيفلين خوانيتا كوري وكاتبة الأغاني روبي ألين بولوك، وانتقلت لتعيش مع جديها حتى انتهاء الحرب.
عاشت بولوك عند جدتها لأمها عند انفصال والديها، وتوفيت جدتها عندما كانت تبلغ من العمر 16 عاما، فذهبت للعيش مع والدتها في سانت لويس.
عملت بولوك أثناء فترة مراهقتها عاملة منزلية لدى عائلة هندرسون، وانضمت إلى كل من فريق التشجيع وفريق كرة السلة النسائي في مدرسة كارفر الثانوية في براونزفيل، ثم تخرجت في مدرسة سومنر الثانوية عام 1958، وعملت بعد تخرجها مساعدة ممرضة في مستشفى بارنز.
التجربة الفنية
نما لدى تينا حب الغناء في سن مبكرة، ففي صغرها كانت تغني في جوقة كنيستها، وفي سن 16 بدأت مسيرتها الفنية مع فرقة “آر آند بي” التي ضمّت بين أعضائها آيك ترنر الذي تزوجته سنة 1962، وقامت بأول تسجيل غنائي لها عندما كانت مغنية مساعدة عام 1958، لكن فرصتها الكبيرة جاءت بعد ذلك بعامين عندما سجلت أغنية “أحمق في الحب”.
وبمحض الصدفة، حققت تينا نجاحا باهرا في أغنية “أحمق في الحب”، بعدما فشل مغنٍ آخر في الظهور بجلسة التسجيل لفرقة “ملوك الإيقاع”، فطُلب منها أن تحل محله مؤقتا إلى أن يستطيع المغني تسجيل الأغنية، ولكنها أبهرت المنتجين ومنسق الأغاني الذي قرر أن يرسل الأغنية إلى شركة تسجيل محلية، وأُصدرت تحت اسم الفرقة الثنائية “آيك وتينا ترنر”.
سرعان ما انتقلت إلى قوائم أغاني البوب الأكثر شهرة، واستفادت الفرقة من نجاح هذه الأغنية من خلال إصدار سلسلة من أغنيات متتابعة ناجحة، بما في ذلك “ستكون على ما يرام” و”أحمق فقير” و”ترا لا لا لا لا”.
وصل نجاح تينا وآيك إلى آفاق جديدة عام 1966 عندما سجلا ألبوم “نهر عميق، جبل شاهق” مع نجم التسجيلات فيل سبيكتور، ورغم أن الألبوم لم يكن ناجحا في الولايات المتحدة، فإنه حقق شهرة في المملكة المتحدة، حيث كانت الأغنية الرئيسية في الألبوم من أنجح 5 أغان في البلاد.
وتجددت شعبية الثنائي عندما أصدرا ألبوم “العمل معا” عام 1971، والذي تضمن إعادة إنتاج أغنية “ماري الفخورة” الشهيرة، والتي وصلت إلى المراكز الخمسة الأولى في الولايات المتحدة، وفازا بسببها بأول جائزتي “غرامي” لهما (جائزة أميركية سنوية)، وأصبحت هذه أغنية أساسية في أي جولة أو حفلة غنائية يقدمها الزوجان.
وحقق الثنائي لاحقا أفضل 5 نجاحات في المملكة المتحدة بأغنية “حدود مدينة نَتبوش” عام 1973، وهي أغنية استُلهمت من حياة تينا ترنر، وظهرت بعدها عام 1975 في فيلمها الأول “تومي”.
انطلاقة فنية منفردة
رغم النجاح الفني الساحق الذي حققه الزوجان، فإن حياتهما الزوجية كانت في تراجع مستمر مع حلول منتصف السبعينيات، وقد عزت ذلك في كتابها إلى إدمان آيك الشديد على الكحول والكوكايين، مما أثر على تعامله معها ومحاولته السيطرة على حياتها ومسيرتها المهنية، حتى بدأت العلاقة تنحى منحى عنف وإساءة جسدية.
وبعد الطلاق رسميا عام 1978، استأنفت ترنر جولاتها الغنائية لتسديد ديونها المتراكمة، وحاولت العودة إلى الساحة الفنية ولكنها فشلت، ومن هذه المحاولات؛ ألبومُها “روف” وبعض الأغاني التي تبعته ولم تحقق أي نجاح يذكر.
ولكن ترنر استعادت أمجادها الموسيقية في النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي، بفضل ألبوم “برايفت دانسر” الذي تضمّن أنجح أغنية لها منفردة “ما علاقة الحب بذلك”، وحقق الألبوم نجاحا نقديا وشعبيا ساحقا، وحقق لها الفوز بنصف جوائز “غرامي” الثماني في مسيرتها، واستطاعت بيع أكثر من 20 مليون نسخة حول العالم.
عادت ترنر إلى الشاشة من بوابة التمثيل عام 1985 في دور بطولة أمام ميل جيبسون في فيلم “ماد ماكس بيوند ثندردوم” (Mad Max Beyond Thunderdome)، والتي ساهمت فيها بأغنية البوب رقم 2 “نحن لا نحتاج إلى بطل آخر”.
عام 2004 أصدرت ترنر ألبوم “بريك إيفري رول 1986” الذي حقق نجاحا واسعا وألبوم “فورين أفيرز 1989” و”وايلدست دريمز 1996″، وواصلت ترنر جولاتها الغنائية حول العالم في القرن الـ21 وظهرت في ألبومات فنانين آخرين، واستمرت نجمة بارزة في عالم الموسيقى، حتى اختارتها مجلة فوغ لتكون صورة الغلاف لنسختها الألمانية عام 2013، والتي نشرت على نطاق واسع.
المؤلفات والإنجازات والجوائز
فازت تينا ترنر بـ8 جوائز “غرامي” خلال مسيرتها التي انطلقت نهاية خمسينيات القرن الـ20 بالولايات المتحدة، وهي أبرز المكافآت الموسيقية الأميركية، كما ألفت كتابا يتناول حياتها الشخصية باسم “آي.. تينا” والذي دخل قائمة الكتب الأكثر مبيعا، فقد كشفت خلاله المغنية عن تفاصيل مثيرة بشأن تعرّضها للعنف الأسري أثناء زواجها من آيك ترنر.
دخلت موسوعةَ غينيس للأرقام القياسية لأكبر جمهور يدفع لحضور مغنٍ منفرد، كما كانت أول فنان يدخل ضمن قائمة أفضل 40 أغنية في 7 عقود متتالية في المملكة المتحدة، وباعت أكثر من 100 مليون تسجيل في جميع أنحاء العالم.
وحصلت المغنية المعروفة على نجمة في ممشى المشاهير في هوليود عام 1986، ونجمة في ممشى المشاهير في سانت لويس عام 1991، وأُدخلت في قاعة مشاهير الروك آند رول مع آيك تورنر عام 1991.
ومن أهم المكافآت التي حصلت عليها مرتبة الشرف من مركز كينيدي، وعدد كبير من الأوسمة الرفيعة طوال مسيرتها الفنية، واحتلت رقم 17 من بين أعظم 100 مطرب في كل العصور بتصنيف “رولينغ ستون”، كما مُنحت درجة الدكتوراه الفخرية عن “أعمالها الموسيقية والفنية الفريدة من نوعها” من كلية الفلسفة والتاريخ بجامعة برن.
ألبوماتها
أصدرت ترنر عددا من الألبومات التي حققت نجاحا باهرا، من بينها:
- “تينا ترنز ذا كونتري أون!” 1974.
- “آسيد كوين” 1975.
- “روف” 1978.
- “لوف أكسبلوجين” 1979.
- “برايفت دانسر” 1984.
- “بريك إيفري رول” 1986.
- “فورين آفيرز” 1989.
- “وايلديست دريمز” 1996.
- “توينتي فور سيفن” 1999.
مؤلفات
- “أنا، تينا: قصة حياتي” 1986.
- “قصة حبي” مذكرات نشرتها عام 2018.
- “السعادة تصبح أنت: دليل لتغيير حياتك إلى الأبد” عام 2020.
- “تينا ترنر: هذه هي حياتي”.
الوفاة
نُشرت أخبار عام 2013 تؤكد أن تينا ترنر البالغة من العمر 73 عاما آنذاك كانت مخطوبة لشريكها الألماني إروين باخ منذ فترة طويلة، وتزوجا في يوليو/تموز من العام نفسه في مدينة زيورخ بسويسرا، وذلك بعد شهور فقط من حصولها على الجنسية السويسرية، وتخليها عن الجنسية الأميركية طوعيا عام 2013.
تداعت على ترنر المشاكل الصحية في السبعينيات من عمرها، فقد أصيبت بجلطة دماغية عام 2013، وشُخصت بسرطان الأمعاء عام 2016، ثم أجريت لها عملية زرع كلية في العام التالي.
وبعد صراع طويل توفيت تينا ترنر الأربعاء 24 مايو/أيار 2023 وكان عمرها آنذاك 83 عاما، بعد معاناة طويلة مع المرض، وقد نعاها محبوها واستذكروا مسيرتها الفنية الثرية، وأوضح المتحدث باسمها برنارد دوهيرتي في بيان أن النجمة الأميركية، توفيت في منزلها بكوسناخت القريبة من زيورخ في سويسرا.
واعتبر البيت الأبيض وفاة “الأيقونة” تينا ترنر بأنها خسارة هائلة، وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار “هذا نبأ محزن للغاية، كانت تينا ترنر أيقونة في مجال الموسيقى”.
ومن بين المشاهير الكثر الذين نعوها؛ ماجيك جونسون أحد أفضل لاعبي كرة السلة في تاريخ اللعبة، حيث أبدى حزنه على رحيل “ملكة الروك الأسطورية”، وكتب عبر تويتر “شاهدتها مرات عدة (في حفلاتها)، وبفارق كبير عن الآخرين كان أداؤها بعضا من أفضل العروض الفنية التي رأيتها في حياتي”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.