توفيق أمين زيّاد.. شاعر المقاومة الفلسطيني | الموسوعة


توفيق أمين زيّاد شاعر وأديب فلسطيني، من رواد شعر المقاومة. ولد في مايو/أيار 1929، وتوفي في يوليو/تموز 1994. كانت أعماله الشعرية والنثرية حول الوطن والأيديولوجيا الشيوعية التي انتمى إليها وهو شاب، وتحولت إحدى قصائده إلى نشيد ثوري.

انتسب زيّاد إلى الحزب الشيوعي في شبابه، وكان عضوا في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) ورئيسا لبلدية الناصرة. اعتقل وفرضت عليه الإقامة الجبرية أكثر من مرة، وعانى طوال عمره من المضايقات والملاحقات لأسباب تتعلّق بمواقفه وشعره.

توفي إثر حادث سير مأساوي، تاركا وراءه إرثا نضاليا طويلا، وترجمت كثير من قصائده إلى لغات مختلفة، وقام باحثون بدراسة وتحليل أعماله.

المولد والنشأة

ولد توفيق أمين زياد في السابع من مايو/أيار 1929، في الحي الشرقي بمدينة الناصرة شمال فلسطين، لأسرة عمالية فقيرة، كانت فلاحة الأرض وحرثها مصدر رزقها.

توفي والده وهو صغير، فاشتغلت والدته في إعداد الخبز وبيعه لتعيل الأسرة. وكان الابن البكر من بين 8 أبناء (4 أولاد و4 بنات) وحمل اسمين (صبحي وتوفيق) فعرف والده بـ “أبو صبحي”.

نشأ زياد في وسط شعبيّ فقير، واتصف بحدّة اللسان، فكان يعبّر عن نفسه بوضوح، وصريحا إلى حد الإحراج، وصاحب نكتة ومزاج مَرِح، ويُعلّق على كل شيء يسمعه، كما كان عنيدا ومشاكسا وعنيفا في الرد على العنف، بشهادة أصحابه.

أتقن لغة الخطابة، ومال إلى الموسيقى والرسم، ورافقته عادة القراءة طول عمره، وكان حلمه أن يصبح طبيبا ولم يتمكن بسبب الظروف السياسيّة والاقتصادية.

كان في الـ 12 من عمره، عندما جاء الجنود للبحث عن بندقيّة والده، فخضع وقتها للاستجواب لكنه لم يبح بمخبئها.

والمبنى الذي كان يدخله طفلا حاملا القوت لوالده المعتقل، عاد إليه بعد 34 عاما محمولا على الأكتاف عندما انتُخب رئيسا لبلديّة الناصرة عاصمة الجليل الفلسطيني.

نشأ “أبو الأمين” كما يكنى، في ظل الانتداب البريطاني، وعاش نكبة عام 1948، وعانى من الأحداث المتصلة بها، وكان عمره آنذاك 19 عاما، فظلت مآسيها محفورة في ذاكرته، وأثرت على تكوينه النفسي والفكري والسياسي، فوجد نفسه في دولة يعد فيها ضمن أقلية عربية تسمى “عرب 48”.

واشتهر بمرافعاته القوية ضد سياسات إسرائيل داخل الكنيست، وأجبر على الخروج من الجلسات مرات عديدة لردوده العنيفة، ولم يحذف قصيدة “العبور الكبير” وتحدى اليمين المتطرف ودخل البرلمان رغم منعه، وأسمى بعد ذلك ابنته “عبور”.

وكان يحب المناديل الفلسطينية، وذكر صديقه فيصل طه أنه جمع عددا منها في مناسبة دعي لها، وما زالت زوجته تحتفظ بها في بيته.

وعام 1966، تزوج زواجا مدنيا من نائلة يوسف صبّاغ في قبرص لكونه مسلما وهي مسيحية، وعاشا في غرفة ونصف الغرفة في البيت القديم لوالديه، ثم بنى منزله على سطحه من تعويضات عمل زوجته.

الدراسة والتكوين العلمي

تلقى زياد تعليمه في مدارس بلدة الناصرة الحكومية، حتى نال الشهادة الثانوية عام 1946، وكان طالبا نشيطا وذكيا ومتميزا في التعبير.

وانتقل إلى الشام ودرس التمريض 3 سنوات، ثم سافر في بعثة حزبية بمنحة دراسية إلى الاتحاد السوفياتي، ودرس الفلسفة والاقتصاد السياسي بين سنتي 1962 و1964، وتعلم الروسية، إضافة إلى إتقانه العربية والإنجليزية والعبرية.

واطلع على أدب الشعراء الماركسيين والعالميين، مما عمق ثقافته الشيوعية وكرسها في عمله تحت لواء الحزب الشيوعي في إسرائيل لاحقا.

وكان زياد منذ شبابه المبكر محبا للمطالعة في مختلف الاتجاهات الأدبية والعلمية، كما أحب المواضيع العلمية وتفوّق في الرياضيّات.

واستقى مناهله الثقافية من دور الكتب القليلة التي تبقت في الجليل والمثلث والمدن المختلطة، وكذلك من المكتبات الخاصة، إذ كان يرتاد مكتبة سمعان نصّار (شقيق القائد الشيوعي فؤاد نصار) ويستثمر مصروفه اليومي في استعارة الكتب.

وكان صاحب المكتبة يعيره المزيد منها دون مقابل، حين لا يتوفر معه المال اللازم لاستعارتها، وحكى زياد أن نصار قدم له كتاب “رسالة الغفران” لأبي العلاء المعري، فاضطر إلى نسخه كاملا (500 صفحة) كي يمتلك نسخته الخاصة في البيت.

واستمد ثقافته الأدبية الأولى من الوسط الأدبي العربي، الذي كان يعيش فيه المثقفون العرب بالأرض المحتلة، واطلع على صحافة الحزب الشيوعي في حيفا، ممثلة في مجلة المهماز وجريدة الاتحاد، وقرأ لكثير من الأدباء الروس، في صحيفة أنباء موسكو التي كانت تورد مجلة الجديد بعض مقتطفاتها.

واطلع زياد على الفكر اليساري العربي، من مجلات الطريق والآداب التي كان يحصل عليها الحزب، وتأثر خلال تلك الفترة بالشخصيات العالمية المناضلة مثل فيديل كاسترو، باتريس لومومبا، تشي غيفارا.

الحياة المهنية

تنقّل ابن الناصرة بين مهن متعددة في شبابه، فعمل في القصارة (الجص) والبناء والرشق والدهان، وفي التجارة، فكان ينقل البضائع من وإلى بلاد الشام. وذكر غسان كنفاني في دراسة له أن الحكومة الإسرائيلية مارست ضغطا على شركة أهلية لتطرد زياد من بين موظفيها بسبب شعره ونضاله السياسي.

صورة غير ملونة لتوفيق زيّاد. زهيرة زياد (زوجة توفيق زياد)، مقابلة مع باحثة الأرشيف الرقمي لمى غوشة، شباط 2019، غيْر مفرغة، أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي.
زياد شارك بمظاهرات شعبية في صباه وانخرط في نضالات طلابية (أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي)

وعمل مُحررا أدبيا في جريدة الاتحاد السياسية الأسبوعية (أول جريدة ناطقة باسم الحزب الشيوعي عام 1944) ثم في مجلة الجديد الأدبية الشهرية حتى 1966.

وعام 1954 فاز بعضوية المجلس البلدي للناصرة بانتخاباته الأولى. ومطلع السبعينيات، أوفدته قيادة حزبه إلى مدينة براغ، ممثلا له في هيئة تحرير مجلة قضايا السلم والاشتراكية، التابعة للحركة الشيوعية العالمية.

وكان عضوا في الكنيست 6 دورات انتخابية، من عام 1973 إلى 1992، عن قائمة “راكاح” ولاحقا عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.

ومطلع يوليو/تموز1975، انتخب رئيسا لمجلس بلدية الناصرة، وكان أول عربي يتولى هذا المنصب 3 فترات انتخابية لما يقرب من 20 عاما، كما كان عضوا في لجنة الدفاع عن الأراضي الفلسطينية.

النشاط السياسي والسجن

بدأ اهتمام زياد بالسياسة في المرحلة الثانوية من دراسته، وتأثر بالأفكار السياسية لثلاثة من أساتذته، وهم رشدي شاهين وجمال سكران وفؤاد خوري.

وشارك في عدة مظاهرات شعبية في صباه، وانخرط في نضالات طلابية مبكرة ضد الاحتلال البريطاني لأرض فلسطين.

واعتنق فكر عصبة التحرر الوطني (تشكّلت عام 1944) وهو في ريعان شبابه، وكان من الذين بقوا في فلسطين، إثر نكبة عام 1948 وقيام دولة إسرائيل.

وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، انضم إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي (التيار المركزي والتاريخي في الحركة السياسية لفلسطينيي 48) وكان مسؤولا عن طلاب البعثات الحزبية التعليمية في جامعات أوروبا الشرقية.

ونشط أثناء الخمسينيات بالعمل النقابي، في إطار مؤتمر العمال العرب. وبعد حله في يوليو/تموز 1953، انضم إلى الكتلة الشيوعية داخل منظمة “الهستدروت” وشارك في المؤتمر الثالث لاتحاد النقابات العالمي بالنمسا.

وعام 1964، انتخب زياد الذي عاش في وسط مسيحي بالناصرة، سكرتيرا للحزب الشيوعي الإسرائيلي. وعقب انقسام الحزب عام 1965، كان ضمن الأعضاء العرب الذي أسسوا القائمة الشيوعية الجديدة “راكاح” والتي أصبح اسمها الحزب الشيوعي الإسرائيلي منتصف الثمانينيات. وعام 1981، أصبح عضوا في مكتبه السياسي، وظل متمسكا بمبادئ الحزب لآخر حياته.

وكان من مؤسسي الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة “حداش” عام 1977، ومن المبادرين لإقامة مؤتمر الجماهير العربية عام 1983، والذي حظر بأمر عسكري من رئيس الحكومة ووزير الدفاع آنذاك مناحيم بيغين.

ودافع زياد من خلال مواقعه عن قضايا التجهيل والمعتقلين، ولعب دورا محوريا في تثبيت قرار إضراب دعت إليه لجنة الدفاع عن الأراضي العربية، في 30 مارس/آذار 1976.

وكان الإضراب آنذاك مقرونا بالمظاهرات ضد مصادرة الأراضي العربية في الجليل، ورفض مشروعات التهويد العنصرية.

واستمرت الثورة في رفض إجراءات فرض ضريبة عامة على السكان العرب، وزيادة الضريبة البلدية، حتى بلغت ذروتها في إضرابات أول مايو/أيار، بمناسبة عيد العمال العالمي.

وقال حينها زياد “لقد أضفنا إلى شعبنا يوما كفاحيا ونضاليا جديدا” ووصف اليوم الذي يحيي الشعب الفلسطيني ذكراه كل عام بأنه “كان له أثر بالغ في مختلف مجالات الحياة في المنطقة”.

واعتبر هذا اليوم فيما بعد “يوم الأرض” الذي أعلن عنه عام 1992 عيدا وطنيا فلسطينيا، وأضحى عنوانا بارزا في موسوعة النضال الفلسطيني.

سجن زياد أكثر من مرة بين عامي 1949 و1967، وتنقل بين سجون طبرية والدامون والجلمة والرملة، المعروفة بظروفها الصعبة وقسوتها وفظاظة سجانيها.

كما وُضِعَ رهن الإقامة الجبرية والاعتقال المنزلي، وتعرض للاعتداء في أكثر من مناسبة، منها إضراب صبرا وشاتيلا عام 1982، وإضراب يوم السلام عام 1988، وإضراب ريشون لتسيون عام 1990، وإضراب مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994.

وفي مايو/أيار 1977، جرت محاولة اغتياله وهو عائد من اجتماع شعبي في طمرة، ونجا منها بأعجوبة.

وشكل السجن تجربة مريرة له، فكان يُكثر من الحديث عنه في أشعاره، واعتبر النقاد أن هذه التجربة كانت قفزة نوعية بفنه إلى مرحلة جديدة في تكوينه الشعري.

ونظم عدة قصائد وهو بالسجن منها “أشد من المحال، من وراء القضبان، 14 تموز” كما نظم قصائد “ادفنوا موتاكم وانهضوا” التي منعت الرقابة الإسرائيلية نشرها.

إضافة إلى قصيدة “ألقوا القيود على القيود، سمر في السجن، كلمات مقاتلة، سجناء الحرية” التي وزعت بآلاف النسخ في الناصرة والجليل، واعتقل عدد من موزعيها.

التجربة الشعرية

بدأت موهبة زياد الشعرية منذ أن كان على مقاعد الدراسة، وكانت محاولاته الأولى على النمط الشعري القديم منذ أواخر الأربعينيات، لكن مواضيعها كانت عبارة عن “مشاعر شاب رومانسي حالم، لم تشغله بعد القضية الوطنية والسياسية” كما قالت زوجته، وذكرت أنه “كان ينقر على الطاولة باليد وفي بعض الأحيان بالقلم ليستدرج الوزن”.

وظهر زياد شاعرا يافعا بعد النكبة بقليل، ثم برز شاعرا ثوريا منذ الستينيات من القرن الماضي، وأصدر خلال تجربته الممتدة إلى التسعينيات أعمالا شعرية في دواوين بدأت تصدر حينها، ولايزال يعاد طبعها إلى اليوم.

يظهر فيها توفيق زيّاد برفقة متروبوليت مدينة القدس ايسيذوروس. مصدر الوصف: زهيرة زياد (زوجة توفيق زياد)، مقابلة مع باحثة الأرشيف الرقمي لمى غوشة، شباط 2019، غيْر مفرغة، أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي.
زيّاد برفقة متروبوليت مدينة القدس إيسيذوروس (أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي)

وتتوزع هذه التجربة زمنيا على 3 مراحل:

مرحلة الخمسينيات:

وسمى النقاد شعرها “القصيدة السياسية” ولم ينشر زياد خلال تلك الفترة سوى عدد طفيف من القصائد. وكانت أولى قصائده “حصاد الجماجم” التي نشرت في أعقاب مجزرة “كفر قاسم” بمجلّة الجديد عام 1957.

ولم تنشر أولى مجموعاته الشعرية “شيوعيون” حتى عام 1970، لإحجام دور النشر العربية عن تقديم الشاعر عبر شعره ذي النزعة الماركسية.

وكانت المهرجانات الشعرية هذه الفترة جزءا لا يتجزأ من الخطاب السياسي، حين اتخذت الصحف الإسرائيلية قرارا بعدم نشر الإنتاج القومي للفلسطينيين.

وتناولت قصائد تلك المرحلة أحداثا عالمية وعربية لها علاقة بالموقف السوفياتي (كوبا، جيفارا، ناظم حكمت، مياكوفسكي، بور سعيد، 14 تموز، الكونغو، عبدان) وكان المضمون هو الأساس لا الشكل الفني.

مرحلة النصف الثاني من الستينيات وأوائل السبعينيات:

وسمى النقاد شعرها “القصيدة المقاومة”. وبدأت كتابات الشاعر الذي شكل ذلك الثالوث الشهير في شعر المقاومة الفلسطينية، مع محمود درويش وسميح القاسم، خلال تلك الفترة بالتبدل النوعي والكمي، وتحول شعره من الأسلوب الخطابي والتقريري إلى التصوير الفني.

وكان “أشد على أياديكم” أول ديوان صدر للشاعر، كرسالة إبداعية وشعبية صورت عذابات الفلسطيني في أرضه المحتلة، وإصراره على البقاء وتحدي مخططات محو الهوية الفلسطينية.

وفي ذلك الديوان برزت ملامحه الشعرية، والتي بقيت منتظمة بخيط إبداعي في أعماله الشعرية اللاحقة، ومنها ديوان “ادفنوا أمواتكم وانهضوا” وهو من أكثر شعره تعبيرا عن جرح الهزيمة العربية (حرب/نكسة 1967) والوعي بضرورة النهوض والمقاومة.

وكذلك ديوان “سجناء الحرية” الذي كتبت قصائده الثمانية بعد نكسة 1967، وظلت ممنوعة، إلى أن نشرت بعد بضع سنوات من ذلك.

مرحلة السبعينيات:

وصف النقاد شعرها بـ “مرحلة التراث الشعبي” وكانت قصائد زياد قد وجدت تعبيراتها وصورها في التراث الأدبي الشعبي، وأغنيات شعبية تراثية، بالإضافة إلى الأمثال الشعبية.

وكان ديوان “أغنيات الثورة والغضب” مما اختلف النقاد في تقييمه، فمنهم من اعتبره أنضج أعماله الشعرية، ومنهم من قال إنه يكاد يكون صياغة جديدة لبعض مأثورات الشعر الشعبي الفلسطيني، محولا فيه القصيدة من لهجتها العامية إلى لغة فصحى.

هناك أيضا ديوان “تهليلة الموت والشهادة” وضم قصيدتين طويلتين الأولى “عمان في أيلول” والتي وصفها بأنها “قصيدة مقطوعة الرأس مع شعب بسبعة أرواح” والثانية “مئة سنة على كومونة باريس” التي روى فيها قصة العمال وبسطاء الناس الذين تصدوا لجنود الاحتلال الألماني.

مرحلة التسعينيات:

كتب فيها الكثير من القصائد المعروفة له في مجموعة “أنا من هذه المدينة” بعد توقفه عن كتابة الشعر لمدة 15 سنة “لانشغاله بالعمل السياسي والبلدي” كما قال، وقدمت زوجته هذه المجموعة.

صورة غير ملونة يظهر فيها توفيق زيّاد وكريم خلف خلال المشاركة في مؤتمر حول القضية الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية. مصدر الوصف: زهيرة زياد (زوجة توفيق زياد)، مقابلة مع باحثة الأرشيف الرقمي لمى غوشة، شباط 2019، غيْر مفرغة، أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي.
زيّاد (الثاني من اليمين) في مؤتمر بأميركا حول القضية الفلسطينية (أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي)

وكان التزام هذا الشاعر الفلسطيني في عموم تجربته على 3 مستويات: البعد الوطني، القومي، الأممي العالمي.

وعندما سُئل عن رأيه وفلسفته في الشعر قال “إنني أؤمن بما يقول الشاعر ناظم حكمت، الشاعر حزبي سياسي، ويجب أن يقرر بناء على ظروفه الاجتماعية أين يقف، فكل شاعر يمثل طبقة، والمستقبل هو الممثل للطبقة التي ستسود، إذن الأدب، هو جزء من المعركة الطبقية، والأديب الحي الذي سيبقى أدبه، هو الأديب الذي يخدم قانون التطور ويتلاءم معه”.

وبقيت مجمل قصائد زياد وأشعاره الحماسية الغاضبة حاضرة في المشهد الفلسطيني والعربي، من خلال صوت وألحان الفنان المصري إمام عيسى، والفنان اللبناني مارسيل خليفة، والمقدسي مصطفى الكرد وحسين نازك، وغيرهم.

وأصبحت قصائده المغناة جزءا من التراث الحي لأغاني المقاومة الفلسطينية، رغم مآخذ النثرية وعدم سلامة الإيقاع الوزني التي ظلت تلاحق معظم الشعر الذي كتبه.

حقول إبداعية أخرى

انصب اهتمام زياد على جمع التراث الشعبي الفلسطيني وإحيائه، واستلهامه في أعمال أدبية معاصرة على مدى نحو 5 أعوام، واعتبر النقاد هذه الفترة من الفترات الغنية في عطائه الأدبي.

وكان كتابه عن الأدب الشعبي الفلسطيني الأول من نوعه في دراسة هذا الأدب في الأرض المحتلة، كما أولى عناية بدراسة الإنتاج الشعري والمسرح الحديث، وفي مجال التنظير لمهام الشعر العربي الثوري في فلسطين.

ودخل زياد عالم القصة لإحياء هذا التراث، ونشر منها في مجلة الجديد، ثم جمعها في كتاب بعنوان “حال الدنيا” وكتب أيضا “صور من الأدب الفلسطيني” والمذكرات في “يوميات نصراوي في الساحة الحمراء”.

وترجم بعض الأعمال من الأدب الروسي، وبعض أعمال الشاعر التركي ناظم حكمت، وأصدر عددا من الأعمال البحثية والنقدية والتراثية، وترك غيرها من المشروعات غير المكتملة.

وكان نشاطه متسعا لندوات ثقافية، أبرزها ندوة الناصرة الأدبية، التي أسسها بالاشتراك مع أدباء وشعراء الأرض المحتلة.

الأعمال الشعرية

  • أشدّ على أياديكم (حيفا 1966).
  • ادفنوا أموتاكم وانهضوا (بيروت 1969).
  • أغنيات الثورة والغضب (بيروت 1969).
  • أم درمان المنجل والسيف والنغم (بيروت 1970).
  • شيوعيون (بيروت 1970).
  • كلمات مقاتلة (عكا 1970).
  • عمان في أيلول (حيفا 1970).
  • تَهليلة الموت والشهادة (بيروت 1972).
  • سجناء الحرية وقصائد أخرى ممنوعة (الناصرة 1973).
  • الأعمال الشعرية، طبعة كاملة (عكا 1985).
  • أنا من هذا الوطن/مختارات شعرية (وزارة الثقافة الفلسطينية – 2016).
من تقرير (عّذب الجمال قلبي..دراسة فولكلورية في نتاج توفيق زيّاد)توفيق زياد مع الراحل ياسر عرفات
زياد مع الرئيس الفلسطيني الراحل عرفات (الجزيرة)

الأعمال النثرية

  • عن الأدب الشعبي الفلسطيني/دراسة نقدية (بيروت 1970).
  • نصراوي في الساحة الحمراء/يوميات (الناصرة 1973).
  • صور من الأدب الشعبي الفلسطيني/مقالات نشرت سابقا في الفجر، وجريدة الجديد (بيروت 1994).
  • حال الدنيا/قصص فولكلورية (الناصرة 1975-1980).

تكريمات

  • وسام القدس للثقافة والفنون والآداب، من منظمة التحرير الفلسطينية، في حفل تكريم الأدباء والمثقفين والشعراء الفلسطينيين بالقاهرة (1990).
  • إنشاء “مؤسسة توفيق زياد للثقافة الوطنية والإبداع” في الناصرة عام 1996، لجمع تراثه ونتاجه الفكري.
  • إطلاق جائزة “توفيق زياد الأدبية” وزارة الثقافة التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية (1995).
  • صدر عنه كتيب “الفارس” في الذكرى الأربعين لوفاته (بلدية الناصرة 1994).
  • إطلاق اسم شارع “توفيق زياد” على شارع الكراجات في الناصرة (1994).
  • إنتاج أول عمل فني توثيقي لحياته، شركة الأرز للإنتاج الفني الفلسطينية (2010).
  • وضع اسمه ضمن 207 من أعلام موسوعة العرب المبدعين بالقرن العشرين، لمؤلفها خليل أحمد خليل.
  • أبرز نزار قباني اسمه على الساحة الأدبية العربية لأول مرة بعد عام نكسة 1967، من خلال قصيدة أنشدها في مهرجان شعري بالقاهرة.
  • إنتاج مسرحية “حادي القوافل” تروي فصولا من حياته النضالية، بالاستناد إلى قصائد من شعره وكتاباته ومواقفه.
  • نصب تذكاري وسط بلدة دورا الخليل، تزينه قصيدته “هنا على صدوركم باقون” وهو من أعمال الفنان يوسف كتلو عمايرة.

قالوا عن توفيق زياد

عز الدين المناصرة (في مقدمة الأعمال الكاملة لزياد) “بدأ حياته السياسية والشعرية معا منذ الخمسينيات، بعد نكبة 1948، والجمهور المفترض هنا، لم يكن سوى “بقية أرض وشعب” يسعى زياد لتعبئتها بكل قواه (القليلة) مقابل شعارات المرحلة (عروبيون، قوميون، ثأر) من داخل بقية فلسطين المحتلة، رفع زياد شعاره “شيوعيون” ظنا منه أن في العالمية الشيوعية ما يشبه الدواء للداء المستوطن هنا.

الشاعر راضي صدوق في كتابه شعراء فلسطين في القرن العشرين “كان زيَّاد شاعرا مقلا في الخمسينيات، فصور بشعره معاناة هذا الشعب وكفاحه ومواجهته للتعسف والاضطهاد في ظل الاحتلال”.

الشاعر سميح القاسم “زياد رائدنا في هذا الميدان (الأدب الشعبي) يعمل على إحياء هذا التراث الشعبي الثمين، نظم الملاحم والقصص من البطولات الشعبية، وعمل على إعادة صياغة الأشعار الشعبية التي كادت تتلاشى، نحن امتداد توفيق زياد في هذا المجال”.

توفيق زياد في إحدى خطبه الشعبية
زياد في إحدى خطبه الشعبية (الجزيرة)

مصلح كناعنة في مقدمة مقال (مجلة التراث والمجتمع، عدد47-2007) “قضى زياد حياته متنقلا بين الزنزانة والمظاهرة والمسيرة والقصيدة والمعركة، متجذرا في أرض الكفاح ومحلقا في فضاء اللغة على أجنحة الكلمات والصرخات في آن واحد”.

الكاتب سوريك في كتاب المتفائل: سيرة حياة توفيق زياد الاجتماعية “هوية زيّاد كشاعر، من جهة، ومحتوى شعره من جهة أُخرى، هما أمران مركزيان لفهم مركزه الاجتماعي والسياسي، ووثيقة صادقة لسيرة حياته”.

الباحث أنطوان شلحت عن نتاج زيّاد الشعري “أرى من الواجب أن نعيد إلى الأذهان أنه كان من جيل الشعراء الذين جسّدوا بواكير حركة الثقافة الوطنية الفلسطينية في أراضي 1948 بعد النكبة، وكانوا بمنزلة وعاء حافظ للهويّة الوطنيّة”.

عبد القادر القط في كتابه الأدب العربي الحديث “إن شعر زياد فيه بعض العيوب الفنية.. لديه قليل من القصائد التي يوازن الشاعر فيها بين الالتزام وبين مقتضيات الفن مثل قصيدة (هنا باقون، على جذع زيتونة، نيران المجوس)”.

الوفاة

توفي زياد في 5 يوليو/تموز 1994 عن عمرٍ ناهز 65 عاما، في حادث سير في طريق عودته من لقاء في أريحا مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

ودفن يوم 6 يوليو/تموز في المقبرة الإسلامية بالناصرة، إلى جوار ضريح الشاعر عبد الرحيم محمود الذي استشهد عام 1948.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post وزير الاتصالات يستعرض تجارب مصر فى بناء مجتمع رقمى مستدام خلال GSR شرم الشيخ
Next post كل المدنيين بالسودان في خطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading