مراسلو الجزيرة نت
الكويت- مع كل انتخابات نيابية كويتية، تزداد نزعة المعارضة بين المرشحين، وترتفع أصواتهم لمهاجمة أداء الحكومة، في مشهد قد يكون تكتيكا لاستمالة الناخبين.
وخلال حملاتهم لانتخابات مجلس الأمة الكويتي المقرر عقدها في السادس من يونيو/حزيران المقبل، كثير من المرشحين يشهد خطابهم السياسي نبرة مرتفعة في مهاجمة الأداء الحكومي، وتسليط الضوء على التباطؤ في معالجة القضايا الملحة التي تهم شرائح واسعة من المواطنين.
وتأتي هذه النبرة المرتفعة رغم بدء الحكومة -التي صدر مرسوم أميري بتشكيلها برئاسة الشيخ أحمد النواف في التاسع من أبريل/نيسان الماضي- بمعالجة قضايا مهمة وتحسين في قطاع الخدمات.
وكان الخلاف المتصاعد بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت قد أدى يوم 17 أبريل/نيسان الماضي إلى حل مجلس الأمة المنتخب عام 2020 والمعاد بحكم المحكمة الدستورية يوم 19 مارس/آذار الماضي، وإبطال الانتخابات النيابية التي جرت عام 2022.
مأزق تيار المعارضة
غير أن النائب والوزير السابق أحمد المليفي يرى أن الحملات الانتخابية لمعظم المرشحين المحسوبين على تيار المعارضة في انتخابات الأمة 2023 تتميز بالهدوء خلافا للحملات السابقة التي مرت على الكويت، مع وجود دعوات لتحفيز الناخبين للذهاب إلى صناديق الاقتراع بسبب شعور الناخبين بالملل وعدم الإنجاز، وبسبب الصراعات التي تحولت إلى “شخصانية” ولم تكن من أجل التنمية.
ويقول المليفي -في حديث للجزيرة نت- إن المعارضة تمر بمأزق سياسي كبير، لأن مرشحيها ليست لديهم مواد جديدة يقدمونها في ندواتهم الانتخابية، إذ كانوا في السابق يهاجمون الأداء الحكومي، لكنهم اليوم لا يستطيعون مهاجمة الحكومة ورئيسها الذي سيقدم استقالته بعد الانتخابات ليُعاد تشكيلها من جديد، لأنه منح النواب المعارضين في المجلس السابق ما طالبوا به سياسيا.
ويضيف المليفي “إنهم يمنون النفس باستمرار هذه العطايا السياسية مع عودة مجددة للحكومة الحالية بعد إعادة تشكيلها. وكذلك لأن الخصم المباشر للمعارضة (رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم)، قد هاجم أداء رئيس الحكومة، وهم لا يريدون الاصطفاف معه ضد الحكومة”.
وفي الوقت نفسه، يقول المليفي إن مرشحي المعارضة يخشون مواقف قواعدهم الانتخابية التي تنتقد الأداء الحكومي الذي لم يستطع معالجة قضايا كثيرة مهمة، ولذلك المعارضة غير قادرة على أن تتحدث كثيرا خلال الندوات كما فعلت في انتخابات المجالس السابقة.
ويعتقد النائب أن الوضع السياسي سيبقى غير مستقر، وستستمر المواجهة بين فريقي المعارضة ومن يخالفها، “وإن كانت المعارضة حاليا عبارة عن كتل متفرقة، لكن من الممكن أن تتحد بعد الانتخابات خلال انتخاب رئيس مجلس الأمة الجديد إذا ترشح من لا يتفقون عليه، لكنهم سيعودون بعد ذلك للاختلاف من جديد”، على حد تقديره.
ويرى المليفي أن المرشحين في المجالس السابقة كانوا يقدمون رؤى واضحة لبعض القضايا، وهي كثيرة مثل: التعليم والصحة، والإسكان والبنى التحتية، وتعديل التركيبة السكانية، والوضع الاقتصادي وغيرها.
لكنه يقول إن أدوات معالجة هذه القضايا كانت تتعثر نتيجة انشغال المرشحين بصراعات جانبية لا تمثل الأولوية للمواطنين، وهذا سيؤثر على إقبال الناخبين على المشاركة في العملية الانتخابية بخلاف ما كان في السابق، حين كان الناس ينشغلون بالانتخابات قبل شهر من تاريخ الاقتراع، على عكس اليوم، إذ أصبح الكلام في الندوات والدواوين مكررا ولا يتحمّس الناخبون لتوجيه الأسئلة للمرشحين.
وضع غير مستقر
على عكس ذلك الرأي، لا تزال الناشطة السياسية هدى الكريباني ترى نزعة معارضة بنبرة عالية بين المرشحين، بل تقول إن زيادة هذه النزعة والصوت العالي في مهاجمة أداء الحكومة “هذا هو واقع المرحلة”، فالصوت المعارض هو السائد في منابر وندوات المرشحين.
وحسب الكريباني، فإن هذا يدل على السخط العام وحالة عدم الرضا التي سادت بين الناخبين -قبل المرشحين- إزاء أداء الحكومات السابقة، فبرغم وجود بصيص من الأمل تجاه حكومة الشيخ أحمد النواف، فإن “صراع الأقطاب والمصلحة الفردية لا يزال هو المتوغل بين مفاصل العمل السياسي”.
وتضيف الكريباني -في حديث للجزيرة نت- أن ذلك سيؤثر وبشكل سريع على وضع مجلس الأمة (غير المستقر في السنوات الأخيرة)، “إذ إننا ندور في حلقة مفرغة منذ زمن، معتقدين أننا سنغيّر شيئا في نظامنا الديمقراطي البسيط. لكننا بطبيعة الحال متفائلون، لأننا نملك مقومات الشعب الواعي الراغب في التغيير، ولدينا دستور يسمح بأن نُغير مواده متى دعت الحاجة، واليوم نحن أحوج ما يكون إلى ذلك، من أجل مزيد من العمل الديمقراطي الجماعي الصحيح والذي يضمن استمرار المجلس واستقراره”.
وأكدت الكريباني أن نظام الانتخابات القائم يحتاج إلى تغيير، وتصحيح المسار يبدأ بتغيير نظام الصوت الواحد “لأنه كارثي”، ولا حل لهذه المنظومة “المعقدة” -برأيها- إلا من خلال الأحزاب أو نظام القوائم النسبية، وكل حزب أو قائمة تتبنى برنامج عمل وطنيا موحدا وبجدول زمني محدد.
وترى الكريباني أنه “في ظل العمل الفردي لا يوجد برنامج انتخابي فعلي وحقيقي للمرشح بإمكانه أن يُحقق من خلاله طموح ورغبات الناخبين، لذلك يتجه البعض إلى المعارضة المؤقتة التي من ظواهرها الصراخ والوعود وممارسة بعض الحيل الانتخابية لكسب ود الشارع فقط”.
يُذكر أن انتخابات مجلس الأمة الكويتي تقام وفق قانون صدر بمرسوم رقم 20 لسنة 2012، وهو ما يسمى “قانون الدوائر الخمس”، وفق نظام الصوت الواحد. إذ استهدف المرسوم تعديل المادة الثانية من قانون الأصوات الأربعة، وهي أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوت واحد في دائرته الانتخابية، بدلاً من 4 أصوات.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.