بينهم البارودي والإمام ورش.. الجرافات تهدد مقابر رموز مصرية

يتزايد الجدل في مصر يوما بعد يوم، كلما تم تداول أنباء تفيد بهدم قبر يخص أحد الرموز التاريخية أو المشاهير ضمن أعمال الإزالة الجارية حاليا في منطقة المقابر القديمة جنوبي القاهرة من أجل إنشاء جسر مروري.

وكشفت مفتشة بوزارة الآثار المصرية هايدي موسى لموقع “سكاي نيوز عربية” أن أصحاب المقابر هم “من منعوا تسجيلها كأثار وبالتالي فهي لا تتمتع بالحماية ضد الإزالة”.

وخلال الساعات الماضية احتدم الجدل بعد تداول صورة لمقبرة الشاعر الكبير محمود سامي البارودي، رائد مدرسة الإحياء والبعث في الشعر العربي، الموجودة بمدافن السيدة نفيسة وعليها علامة إزالة.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن عائلة البارودي الملقب بـ”رب السيف والقلم” أنه لم يتم إخطارهم من جانب السلطات بإزالة مقبرته.

أيضا احتدمت المناقشات بعد تداول صور لمقبرة الإمام ورش عن نافع شيخ القراء المحققين للقرآن الكريم، وتتجه نحوها أعمال الهدم، ومثلها في ذلك مقبرة الكاتب الراحل يحيى حقي.

وقد حصل موقع “سكاي نيوز عربية” على صور خاصة لمقابر تاريخية لعدد من الرموز منهم شاعر النيل حافظ إبراهيم والعسكريين التاريخيين الأميرلاي علي بك رمزي والفريق إسماعيل باشا سليم، ومدفن محمد راتب باشا سردار الجيش المصري سابقاً، وقدم اقتربت منها أعمال الهدم بعد إزالة جميع المقابر المحيطة بها رغم ما بها من تركيبات ومخطوطات تاريخية.

والمعترضون على قرار هدم المقبر يرون أنها يمكن أن تدر دخلا كبيرا على البلاد لو تم استغلالها كمزارات سياحية، فضلا عن كونها من مكونات الحضارة المصرية لأن بعض المقابر يتخطى عمرها 100 عام، وأيضا يرون أن يمكن اللجوء لحلول هندسية لإقامة الجسر المروري دون الاضطرار لإزالة المقابر.

من جانبها، كشفت مفتشة الآثار بالوحدة الأثرية بالإدارة العامة بالقاهرة التاريخية‎ في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” إن:

• أعمال هدم المقابر تجري في مقابر الشافعي والسيدة نفيسة وجلال الدين السيوطي والمتواجدة جميعا في جنوب القاهرة.
• الهدم يتم بعشوائية تامة ودون الرجوع لمفتشي الآثار حيث تقوم “الجرافات” بهدم المقبرة من سقفها وهي مغلقة ويتم تدمير محتوياتها دون التمكن من رؤيتها وما إذا كانت تستحق التسجيل الأثري من عدمه.
• يأتي بعد ذلك مقاولو الهدم وينقلون مخلفات الإزالة ويدمرون أي محتويات مهمة توجد في المقابر.
• مفتشو الآثار لا يمكنهم منع إزالة أي مقبرة لأن تلك المقابر ليست مسجلة كآثار وبالتالي لا تخضع لقانون حماية الآثار.
• أصحاب المقابر هم من منعوا تسجيلها لأنهم كانوا يرفضون دخول مفتشي الآثار إليها أو تصويرها وبالتالي فهذه المقابر لا تتمتع بأي حماية رغم أن الكثير منها به تركيبات ورسومات نادرة فعلا.
• رغم كل الجدل فلولا أعمال الهدم لم نكن سنرى ما بهذه المقابر من كنوز لم نراها من قبل ولم يمكننا منها أصحابها.
• أنا أيضا تم منعي أكثر من مرة من دخول مقابر في السيدة نفيسة لتصويرها حيث أنني على المستوى الشخصي بخلاف وظيفتي مهتمة بتوثيق الآثار التاريخية.
• هناك مقابر لرموز تاريخية ومشاهير وتحتوي على تركيبات نادرة تم هدم كل ما حولها من مقابر وفي الغالب ستطال الإزالة الجميع.
• مقابر الإمام الشافعي هي الأغنى من حيث التراث الأثري، ولكن للأسف لا يوجد بها سوى مقبرتين فقط مسجلتين في التنسيق الحضاري كطراز معماري مميز وهما فقط المتمتعتان بالحماية ضد الإزالة.
• ملية تسجيل الأثر تحتاج التقدم بطلب ويتم عرضه على القطاع المختص وبدوره يحيله للجن الدائمة التي تشكل لجنتين أخريين من الآثار القبطية والإسلامية تقرران ما إذا كان المكان يستحق التسجيل كأثر ام لا وتستغرق هذه العملية سنوات في بعض الأحيان.
• هناك حديث عن قرار صدر بأن مسولي الآثار بمنطقة المقابر يقومون فقط بتصويرها ليس من أجل التسجيل أو منع هدمها ولكن من أجل الاحتفاظ بتلك الصور فقط.

وكان الجدل قد احتدم قبل أسبوعين حول ما أثير عن اعتزام هدم مقبرة القارئ الشهير الراحل محمد رفعت، ولكن محافظة القاهرة نفت ذلك، إلا أن صورة حديثة حصل عليها موقع “سكاي نيوز عربية” كشفت أن هذه المقبرة أصبحت الوحيدة الباقية في المنطقة بعد هدم كل ما حولها وهو ما يثير الشكوك لدى البعض حول التخطيط لإزالتها بعد توقف الجدل.

والعام الماضي ثار جدل بعد تداول أنباء عن هدم مقبرة عميد الأدب العربي طه حسين المتواجدة في مقابر التونسي بجنوب القاهرة أيضا لإقامة جسر مروري آخر، وبعد تهديد أسرته بنقل رفاته لفرنسا، تراجعت السلطات عن قرار هدمها، ولكن صور حديثة أظهرت إقامة الجسر فوق المقبرة.