اتفق ضيوف برنامج “ما وراء الخبر” على أن التدخل العسكري في النيجر بات خيارا مستبعدا في مسار التعاطي مع أزمة الانقلاب العسكري، في ضوء زيارة مبعوثة أميركية لنيامي، ولقائها قادة الانقلاب العسكري.
وبينما أكدت السفيرة سوزان بيج نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق للشؤون الأفريقية أن واشنطن تسعى لقطع الطريق على هذا الخيار؛ ذهب مدير كلية البحوث بمركز كوفي عنان الدولي للتدريب على حفظ السلام كويسي أنينغ إلى أن مسار فرص التدخل العسكري بعد زيارة المسؤولة الأميركية أصبحت ضعيفة جدا، بغض النظر عن موقف باريس.
كذلك رأت ليزلي فارين مديرة معهد “اليقظة” لدراسة العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس والخبيرة في الشأن الأفريقي أن الخيار العسكري لم يعد منطقيا، وأن الخيار المرجح هو إجراء مفاوضات مع العسكريين.
جاء ذلك خلال الحلقة التي خصصها برنامج “ما وراء الخبر” بتاريخ (2023/8/8) للقاء الذي جمع المبعوثة الأميركية للنيجر فيكتوريا نولاند في نيامي مع قادة الانقلاب، باستثناء رئيسه الجنرال عبد الرحمن تياني، أو الرئيس المعزول محمد بازوم، وتأكيدها إجراء “محادثات صعبة” مع الانقلابيين، الذين يدركون مخاطر التحالف مع روسيا، على حد قولها.
وبالتزامن مع ذلك، رفض قادة الانقلاب دخول وفد من الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) والأمم المتحدة، في ضوء تباين مواقف دول جوار النيجر ودول غربية بشأن خيار التدخل العسكري في بلادهم.
وتساءلت الحلقة عن هدف زيارة مسؤولة أميركية بهذا المستوى إلى نيامي في هذا التوقيت، وانعكاسات هذه الزيارة على خيار التدخل العسكري في النيجر، ومغزى هذا الاهتمام الدولي والإقليمي الكبير بما يجري في النيجر، والمسارات المحتملة للأزمة في ضوء انقسام دول الجوار حيال خيار التدخل العسكري.
صعبة وصريحة
وفي حديثها لبرنامج “ما وراء الخبر”، قالت السفيرة سوزان بيج إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لديها رغبة قوية لمعرفة نوايا قادة الانقلاب في النيجر، مع القيام بمحاولات لإعادة بازوم للسلطة بطريقة سلمية، وهو ما جعل محادثات نولاند صعبة وصريحة في الوقت ذاته.
وأوضحت أن واشنطن تفضل أن يتم حل الأزمة عبر المسار الدبلوماسي، كما أنها حريصة على إعادة النظام الدستوري للبلاد حتى وإن تعذر إعادة بازوم للسلطة، وذلك عبر حكومة مدنية، إضافة إلى رؤيتها ضرورة مواصلة العمل مع نيامي لمكافحة الإرهاب.
وأشارت إلى أن حرص واشنطن على تجنب خيار التدخل العسكري ينطلق من قناعة لديها بأن المواجهة العسكرية من شأنها تصعيد الأزمة، كما أنها ستفتح المجال لتجاوزها نطاق النيجر وتوسعها في دول أخرى بالمنطقة، وهو ما سيؤدي إلى اضطرابات واسعة بالمنطقة.
بدوره، يرى كويسي أنينغ أن المسار العسكري بعد زيارة المسؤولة الأميركية بات أبعد مما كان عليه قبلها، مقللا من أثر الموقف الفرنسي في هذا السياق.
سلوك سلبي
واعتبر أنينغ -في حديثه للبرنامج- أن سلوك باريس بشأن الأزمة سلبي ولا يساعد أي طرف من أطرافها، فهو -في تقديره- لا يأخذ في الاعتبار متطلبات المجتمع النيجري واحتياجاته، وهذا لا يعني في المقابل دعم واشنطن للانقلاب، لكنها تستخدم أسلوبا أكثر نضجا عبر فتح قنوات الحوار مع الجميع.
وذهب أنينغ إلى أن فرنسا تنطلق في مواقفها بشأن المنطقة من رؤيتها بأنه ليس من حق مستعمراتها السابقة اتخاذ قرارات مستقلة، مشددا على أن قرار حكم النيجر هو مسؤولية شعبها، وما على الأطراف الأخرى إلا المساعدة بالقدر المتاح والمناسب، على حد تعبيره.
أما ليزلي فارين فرأت أن الموقف الفرنسي كان متشددا، ولم يفتح قنوات تواصل مع المجلس العسكري، وهو ما فتح المجال لواشنطن بأن تأخذ زمام المبادرة وتلعب دورا أكثر تأثيرا.
وتجد فارين في حديثها لما وراء الخبر أن عودة بازوم باتت صعبة للغاية، ومن ثم فإن من الضروري التوجه لإجراء مفاوضات مع الانقلابيين من دون التركيز على توصيف ما يحدث بكونه انقلابا أو غير ذلك، وهو الأمر الذي عملت عليه نولاند في زيارتها، حسب تقديرها.
وبررت فارين تشدد الموقف الفرنسي وتعجل مجموعة إيكواس الأفريقية في الحديث عن مسار التدخل العسكري، لتراكم الانقلابات في المنطقة، حيث يعد انقلاب النيجر الأخير الخامس في أقل من 3 أعوام، وهو الأمر الذي يمكن أن يزيد زعزعة الاستقرار في المنطقة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.