استبعد السفير ديفيد شن مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون أفريقيا، تجاوب طرفي النزاع في السودان -الجيش وقوات الدعم السريع- مع دعوة الرياض وواشنطن إلى التوصل لاتفاق جديد لوقف إطلاق النار.
وأرجع ذلك في حديثه لحلقة برنامج “ما وراء الخبر” (2023/6/4) إلى ما يراه من أنه لا رغبة حقيقية لدى أي من طرفي الصراع لإنهاء القتال، بل يسعى كل منهما لحسم المعركة بقوة السلاح، دون التفات لمآسي المدنيين وما يتعرضون له من قتل وتحديات اقتصادية ومعيشية.
يأتي ذلك إثر دعوة الرياض وواشنطن -راعيتي مباحثات جدة- طرفي الصراع بالسودان إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار و”تنفيذه بشكل فعال”، تمهيدا لوقف دائم للعمليات العسكرية، وذلك على وقع اشتباكات عنيفة تشهدها الخرطوم ومدن سودانية أخرى بين قوات الجيش والدعم السريع، في أول يوم بعد انتهاء الهدنة الموقعة بين الجانبين بجدة.
وانتهت هذه الهدنة دون أفق واضح لتجديدها، فيما تبادل طرفا الصراع الاتهامات بعدم الالتزام بها. وكانت السعودية والولايات المتحدة أعلنتا أول أمس الخميس، تعليق محادثات جدة بين أطراف الصراع في السودان؛ نتيجة الانتهاكات الجسيمة والمتكررة لوقف إطلاق النار.
رغبة صادقة
وفي حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر”، يؤكد السفير ديفيد شن على أن السعودية والولايات المتحدة مخلصتان وصادقتان في رغبتهما لإنهاء النزاع المسلح في السودان، وأنهما تفعلان في سبيل ذلك ما تستطيعان، لكنّ طرفي النزاع افتقادا الرغبة الحقيقية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يبدد هذه الجهود والمساعي.
وذكر أنه لا يرى تغييرا في مواقف الطرفين يمكن أن يؤشر لاستجابتهما لدعوة الرياض وواشنطن لاستمرار المباحثات بهدف التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار جديد، مشددا على أنه دون وجود تعاون جاد من قبلهما، فإنه من الصعب الوصول إلى هذا الاتفاق المأمول.
وأشار في حديثه للأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعاني منها الشعب السوداني في ظل استمرار الحرب، وحاجته الملحة لهذا الاتفاق حتى يتسنى للمنظمات الإنسانية التدخل وتقديم الإغاثة العاجلة التي تتزايد الحاجة الملحة لها مع تفاقم الأوضاع في البلاد.
ظاهرة جديدة
فيما يرى الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية اللواء السوداني معتصم عبد القادر الحسن أن الجيش بات مسيطرا على كافة الأوضاع، لافتا إلى أن استيلاء قوات الدعم السريع على منازل المدنيين والمرافق المدنية لا يتعارض مع هذه السيطرة، بحسب وصفه.
وأضاف -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر”- أن هناك ظاهرة جديدة في الميدان، تتمثل في رغبة مجموعات من قوى الدعم السريع في الاستسلام والخروج من المعركة، وهو الأمر الذي رفضته ما وصفها بالقوى المتمردة، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات داخلية بينهما.
وشدد على أن الجيش كان ملتزما بالهدنة رغم تبطيء ذلك حسمه المعركة، حرصا على مصالح المدنيين، وأن القصف الذي يقوم به يستهدف فقط المواقع العسكرية للقوات المتمردة، وفق وصفه، وفي حال التزمت تلك القوات ببنود اتفاق جدة، وخرجت من المنازل والمرافق المدنية، فإن الحرب ستنتهي.
في المقابل، يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني الباشا طبيق، أن هناك حالة من المراوغة الكبيرة من قبل الجيش، تظهر من خلال تضارب تصريحات ممثليه، متهما إياه بعدم الالتزام بالهدن واتفاق جدة، وباستهداف المدنيين بالقصف الجوي الذي تزايدت وتيرته مؤخرا.
وحذر -في حديثه لـ”ما وراء الخبر”- من أن الوضع الحالي ينذر بكارثة كبيرة، في ظل استمرار هذا القصف الذي يقول إن الجيش يحاول من خلاله تحقيق أي انتصار، والاستيلاء على مواقع قوى الدعم السريع، لكن المتضرر الحقيقي منه هم المواطنون ومنازلهم.
وأكد أن قوات الدعم السريع تسيطر على 95% من المواقع العسكرية في ولاية الخرطوم، وأن ما يقال غير ذلك لا يعدو كونه افتراءات ومكابرة من قبل الجيش وأنصاره، لافتا إلى أن وفد الدعم السريع ما زال في جدة ويؤكد التزامه بالقرارات المتفق عليها، ومن ضمنها تكوين لجنة مراقبة من الوساطة لتحديد مواقع سيطرة كل طرف.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.