نشرت الحكومة الباكستانية اليوم الخميس قوات الجيش في العاصمة إسلام آباد للمساعدة في احتواء أحداث العنف التي اندلعت بعد حبس رئيس الوزراء السابق عمران خان على ذمة التحقيق لمدة 8 أيام، مما تسبب في سقوط قتلى وجرحى واعتقال المئات.
وكانت الحكومة وافقت الأربعاء على نشر الجيش في إقليمين أحدهما البنجاب -يضم أكبر عدد من السكان- وفي العاصمة لإعادة فرض الأمن. وقالت شرطة إسلام آباد إن عناصر الجيش دخلوا “المنطقة الحمراء” الحساسة في العاصمة حيث تقع المباني الحكومية.
وقد أعلنت السلطات الباكستانية إلقاء القبض على 7 مسؤولين على الأقل من حزب حركة إنصاف المعارضة بتهمة تدبير المظاهرات التي تلت اعتقال خان، من بينهم شاه محمود قرشي الذي شغل منصب وزير الخارجية في حكومة خان، وزعيمان آخران بارزان هما أسد عمر وفؤاد شودري.
موقف روسي
ودعت روسيا جميع الأطراف الباكستانية إلى إيجاد حل سلمي للخلاف المتصاعد، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا -في مؤتمر صحفي بالعاصمة موسكو- إن روسيا “تتابع عن كثب” الأحداث المتعلقة بتوقيف رئيس الوزراء الباكستاني السابق.
وأضافت “ندعو جميع الأطراف إلى حل الخلافات بالطرق السلمية، ونتوقع ألا تشهد الاحتجاجات الجماهيرية في المدن الباكستانية أي اشتباكات خطيرة”، معربة عن أمل موسكو في أن تعود الأوضاع إلى حالتها الطبيعية “في أقرب وقت”.
وكانت محكمة باكستانية خاصة قد قررت أمس الأربعاء حبس خان على ذمة التحقيق بعد توقيفه الثلاثاء الماضي بتهم الفساد.
وقال شير أفضل مروت المحامي عن حركة إنصاف لوسائل الإعلام إن خان “معنوياته جيدة” لكنه اشتكى من تعرضه للضرب على رأسه من الخلف ورجله من قبل القوات شبه العسكرية التي أوقفته.
وجاء توقيف خان (70 عاما)، لاعب الكريكيت الدولي السابق الذي تولى رئاسة الحكومة من 2018 إلى 2022، في إطار أزمة سياسية طويلة في باكستان، بينما تستهدف عشرات التحقيقات القضائية خان منذ الإطاحة به في 2022.
كما جاء بعد يوم من توجيه الجيش انتقادات لخان وتحذيره من إطلاق “مزاعم لا أساس لها” بعد أن اتهم نهاية الأسبوع الماضي في لاهور ضابط الاستخبارات الكبير الجنرال فيصل نصير بالتورط في محاولة لاغتياله في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصيب خلالها برصاصة في ساقه. كما اتهم سابقا قائد القوات المسلحة السابق بالتسبب في إقالته من منصبه.
ويقول خان إن عزله من منصبه كان إجراء “غير قانوني ومؤامرة غربية”، واتهم الولايات المتحدة بالضلوع في إزاحته من السلطة وهو ما تنفيه واشنطن بشدة.
وكان الجيش قد ساند في بادئ الأمر وصوله إلى السلطة في 2018 قبل أن يسحب دعمه له، ثم تمت إزاحة خان من السلطة عبر تصويت لحجب الثقة عن حكومته بالبرلمان في أبريل/نيسان 2022.
احتجاجات
وبعد توقيف خان اندلعت احتجاجات عنيفة في العديد من مناطق البلاد، واقتحم متظاهرون منزل القائد العسكري للاهور (شرق) وأغلقوا بوابات الدخول إلى مقر قيادة الجيش في روالبندي قرب إسلام آباد. واستخدمت الشرطة الغاز المدمع وخراطيم المياه ضد المتظاهرين في كراتشي (جنوب) ولاهور.
كما أمرت السلطات بإغلاق المدارس في كل أنحاء البلاد وأبقت على تقييد الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي.
وقال حزب خان إن 4 أشخاص على الأقل لقوا حتفهم خلال الاحتجاجات وأصيب 20 آخرون. بينما قال مسؤولو الشرطة إنه تم توقيف أكثر من 1200 متظاهر خلال الاحتجاجات التي استمرت في أجزاء كثيرة من البلاد.
في المقابل، قال مسؤولون -في بيان لوسائل الإعلام- إن 130 ضابطا ومسؤولا جرحوا في أعمال العنف.
وأغلق متظاهرون بعض الطرق المؤدية إلى إسلام آباد ظهر الأربعاء، وكان هناك وجود أمني كثيف في كل أنحاء العاصمة، خصوصا في المنطقة حيث عقدت المحكمة.
وقال المتظاهر نياز علي في بيشاور حيث تم إحراق عدة مبان حكومية “إذا كانوا يظنون أن توقيف عمران خان سيحبط معنوياتنا، فهم مخطئون.. نقف مع عمران خان وسندعمه حتى الموت”.
يشار إلى أن خان، وهو رئيس الوزراء الوحيد الذي أطيح به من خلال التصويت بحجب الثقة في تاريخ باكستان السياسي المتقلب الممتد 75 عاما، يواجه عددا كبيرا من القضايا المرفوعة ضده، تتراوح من الإرهاب إلى محاولة القتل وغسل الأموال، وتم رفع معظم القضايا، التي يصفها خان بأنها “صورية” بعد الإطاحة به.
وفي 11 أبريل/نيسان الماضي، انتخب البرلمان شهباز شريف، زعيم المعارضة السابق، رئيسا للوزراء في البلاد خلفا لعمران خان.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.