بأوامر من صدّام خليفة حفتر.. استمرار اعتقال أستاذ جامعي في بنغازي | حريات


منذ أواخر يونيو/حزيران الماضي، يقبع الأكاديمي والأستاذ الجامعي الليبي الدكتور بالقاسم العَبِيدِي في سجن تابع لجهاز الأمن الداخلي الموالي للواء المتقاعد خليفة حفتر بمدينة بنغازي على خلفية نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويناهض العبيدي سيطرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر وأبنائه على شرق ليبيا المعروف تاريخيا باسم “بَرْقَة”.

ففي مساء الاثنين 26 يونيو/حزيران الماضي، وقبيل عيد الأضحى، اعتقلت قوّة مسلحة تابعة لجهاز الأمن الداخلي الأستاذ الجامعي بالقاسم العبيدي خلال مداهمة وُصفت بـ”العنيفة” لمنزله، تعرض فيها للضرب المبرح أمام زوجته وأبنائه، وتم خلالها تحطيم أبواب ونوافذ في منزله. وعقب اعتقاله، نُقل على وجه السرعة إلى مقر تابع لجهاز الأمن الداخلي، ومُنعت عنه الزيارة لأيّام.

الدكتور بالقاسم أخذت من صفحته الشخصية على الفيسبوك ، يظهر فيها مع أطفاله،وفي قاعة المحاضرات في الجامعة وحاملا لراية الاستقلال الوطنية الليبية
عائلة العبيدي اتهمت السلطات بتغييبه وإخفائه قسرا (مواقع التواصل)

“إخفاء قسري”

ولد الدكتور بالقاسم العبيدي عام 1972، وهو أب لولدين و3 بنات، ويعمل أستاذا جامعيا في قسم الجغرافيا بكلية الآداب بجامعة بنغازي، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة شيفيلد البريطانية.

وتحدث العميد في الجيش الليبي عبد الحميد صالح العبيدي (المقيم في العاصمة طرابلس) عن تفاصيل عملية اعتقال ابن عمه بالقاسم، وقال للجزيرة نت إن أسرته وأبناء عمومته علموا بمكان اعتقاله بعد أيام وهو سجن تابع لجهاز الأمن الداخلي في بنغازي.

ووفق ما أكده العميد العبيدي، فإن مصادر أمنية أخبرت عائلة بالقاسم أن عملية الاعتقال كانت بأوامر وتعليمات مباشرة من صدام خليفة حفتر، على خلفية ما وُصف بالنشاط المكثف لبالقاسم على وسائل التواصل الاجتماعي الذي اتسم بالنقد المستمر لحفتر وأبنائه.

ومنذ اعتقاله، لم تتخذ إجراءات قانونية في حق بالقاسم ولم يُعرض حتى الآن على النيابة العامة أو إحدى المحاكم المختصة؛ “فاعتقاله يعتبر إخفاء قسريا وتغييبا بالقوة”، وفق ما ذكره ابن عمه.

وقال العميد إن ابن عمه يعاني مرض السكري وأمراضا في الكلى، و يتلقى علاجا يوميا لمرض السكري، وهناك تخوفات من تراجع حالته الصحية، “خصوصا بعد تعرضه للتعذيب وحلق شعر رأسه”.

يرفض الحكم العسكري

وأكدت مصادر أمنية لعائلة بالقاسم أن اعتقاله ممتد “إلى أجل غير مسمى”، غير أن أحد أفراد أسرته تمكّن من زيارته تحت رقابة مباشرة من أحد أفراد جهاز الأمن الداخلي “وكانت الأوامر تقضي بذلك”.

وقال العميد عبد الحميد العبيدي إن ابن عمه الدكتور بالقاسم “ليس لديه توجّه سياسي، وليس محسوبا على أي تيار أو تنظيم أو جماعة أو طرف سياسي في ليبيا، ولم يحمل السلاح في يوم من الأيام، بل إنه يدعو دوما إلى قيام دولة مدنية، ويرفض الحكم العسكري وينتقده بشدة، وهذا واضح في منشوراته على موقع فيسبوك”.

وذكر العميد العبيدي أن جامعة بنغازي لم تُبَلَّغ حتى الآن باعتقال بالقاسم، مما قد يتسبب في فصله من العمل جراء تغيّبه. في حين أكّدت مصادر للجزيرة نت من الجامعة أنه يرتبط بعلاقات ودية ووثيقة مع طلبته وزملائه من أساتذة الجامعة.

 

 

“قطيع في مزرعة”

وإلى جانب عمله أستاذا جامعيا، دأب الدكتور بالقاسم قبيل اعتقاله على نشر آرائه الشخصية عن تطورات الأوضاع في ليبيا وخصوصا في شرق البلاد بلهجة محلية حادة أحيانا عبر صفحته على موقع فيسبوك.

وقال في أحد منشوراته إن حفتر حوّل الليبيين القاطنين في مناطق سيطرته إلى قطيع يقودهم أبناؤه، وإن برقة -وهو الاسم التاريخي لشرق ليبيا- أصبحت مزرعة لحفتر يديرها مع أبنائه، وأي معارض لهم سيُتهم بأنه ضد الجيش الوطني.

كما انتقد الدكتور بالقاسم -في منشوراته- بشكل حاد مجلس النواب الليبي ورئيسه عقيلة صالح، واتهمهم بأنهم مجرد ممثلين في المشهد الليبي، ولا سلطة لهم في ظل وجود سلطة حفتر شرق البلاد.

وقال بالقاسم العبيدي، في منشورات سابقة، إنهم -النواب وعقيلة صالح- لا يستطيعون استدعاء حفتر ومساءلته عن الحروب التي خاضها طوال هذه السنوات، أو عن الأموال التي صرفها وعن كيفية اتخاذه قراراته وتواصله مع أجهزة مخابرات دول أجنبية ومنحه الرتب العسكرية بالتجاوز.

وفي أحد منشوراته، وصف رئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل بأنه “ولي برقة” في إشارة إلى العلاقة الوثيقة بين حفتر وداعميه في مصر. كما ذهب في منشورات أخرى إلى تشبيه حفتر بالرئيس الليبي السابق معمر القذافي.

ولم تقتصر انتقادات العبيدي في صفحته على خليفة حفتر، بل وصف الحقبة التي حكم القذافي فيها ليبيا بأنها كانت “همجية” لا يوجد فيها قانون أو رادع، وسادتها الواسطة والمحسوبية والفوضى.

مناخ من الخوف

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أعلنت -في بيان سابق- انزعاجها الشديد من استمرار عمليات الخطف والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري للمواطنين والشخصيات العامة من قبل مختلف الجهات الأمنية في ليبيا.

وقالت إن من شأن هذه الأعمال أن تنتج مناخا من الخوف، وأن تزيد من التوترات بين المجتمعات المحلية والقبائل. وأوضحت أن استمرار هذه السلوكيات لا يمكن أن يساعد على المضي قدما لإجراء انتخابات شفافة وشاملة وإنجاز المصالحة الوطنية.

وطالبت البعثة الأممية السلطات الليبية والتشكيلات الأمنية بالإفراج عن جميع المحتجزين تعسفيا، وضمان إجراء تحقيقات مستقلة في جميع المزاعم المتعلقة بعمليات الاحتجاز والاختطاف خارج نطاق القانون، وتقديم مرتكبيها إلى العدالة.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post يوضح مؤيدو مسقط رأس مايك بنس – والنقاد – مسار 2024 الصعب
Next post نتطلع للتعاون مع الخليج بمجالات الاقتصاد والذكاء الاصطناعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading