قدمت دراسة علمية جديدة فهما أعمق لقشرة الأرض من خلال اختبار وإلغاء فرضية شائعة حول سبب انخفاض مستوى الحديد في القشرة القارية وزيادة تأكسدها مقارنة بالقشرة المحيطية.
ويعد التركيب الفقير إلى الحديد في القشرة القارية سببا رئيسا وراء وقوف أجزاء شاسعة من سطح الأرض فوق مستوى سطح البحر كأرض جافة، وذلك ما يجعل الحياة الأرضية ممكنة اليوم.
وتقدم الدراسة التي نشرت يوم 4 مايو/أيار الجاري في دورية “ساينس” (Science) تجارب معملية لإظهار أن الكيمياء المؤكسدة المستنفدة للحديد في القشرة القارية للأرض لم تأت على الأرجح من تبلور العقيق المعدني، كما اقترح تفسير شائع في عام 2018.
فرضية العقيق المعدني
على مر سنوات افترض العلماء أن تبلور العقيق في الصهارة تحت البراكين كان مسؤولا عن إزالة الحديد من قشرة الأرض وسمح لها بالبقاء طافية فوق المحيطات، ولكن في الدراسة الجديدة يشكك المؤلفون في هذه النظرية.
تنقسم قشرة الأرض إلى فئتين: القشرة القارية الأقدم والأكثر سمكا، والقشرة المحيطية الأصغر والأكثر كثافة. تتشكل قشرة قارية جديدة عند تمرير لبنات بنائها إلى سطح الأرض من البراكين القوسية القارية.
وتوجد هذه البراكين القوسية في أجزاء من الكرة الأرضية حيث تغرق الصفائح المحيطية تحت الصفائح القارية، وهي مناطق تسمى مناطق الاندساس.
وتتصف القشرة القارية بانخفاض مستويات الحديد فيها، ومن ثم قدرتها على الطفو وتشكيل اليابسة التي تكوّن القارات التي نعيش عليها فوق مستويات سطح البحر.
ولاختبار فرضية العقيق، حاكى الفريق ظروف الضغط الهائل والحرارة الموجودين أسفل براكين القوس القاري باستخدام مكابس مختبر الضغط العالي لمتحف “سميثسونيان” وفي جامعة كورنيل.
يمكن لهذه المكابس الصغيرة الحجم المكونة من الفولاذ و”كربيد التنجستن” إحداث ضغوط هائلة على عينات الصخور الصغيرة عند تسخينها بواسطة فرن أسطواني.
ووفقا للنتائج، فقد كانت الضغوط الناتجة تعادل 15 ألفا إلى 30 ألف مرة تلك الناتجة عن الغلاف الجوي للأرض، وكانت درجات الحرارة المتولدة بين 950 و1230 درجة مئوية، وهي حرارة مرتفعة بدرجة كافية لإذابة الصخور.
تحليل العقيق في المختبر
وقد أجرى المؤلفون 13 اختبارا معمليا مختلفا تضمنت تعريض عينات من العقيق من الصخور المنصهرة لضغط ودرجات حرارة تحاكي الظروف داخل غرف الصهارة في أعماق قشرة الأرض. وتم تحليل هذا العقيق في المختبر باستخدام التحليل الطيفي لامتصاص الأشعة السينية، ثم مقارنة النتائج مع العقيق بتركيزات معروفة من الحديد المؤكسد وغير المؤكسد.
وقد كشفت نتائج تلك الاختبارات أن العقيق لم يدمج ما يكفي من الحديد غير المؤكسد من عينات الصخور لحساب مستويات استنفاد الحديد والأكسدة الموجودة في الصهارة التي تشكل اللبنات الأساسية للقشرة القارية للأرض. وتشير النتائج إلى أن نموذج بلورة العقيق هو تفسير غير مرجح لسبب تأكسد الصهارة من البراكين القارية واستنفاد الحديد.
وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة إليزابيث كوتريل، الباحثة الجيولوجية في متحف “سميثسونيان” الوطني للتاريخ الطبيعي، إن هذه النتائج تجعل نموذج بلورة العقيق تفسيرا بعيد الاحتمال للغاية لسبب تأكسد الصهارة من براكين القوس القاري ونفاد الحديد، وإن من المرجح أن الظروف في وشاح الأرض أسفل القشرة القارية هي التي تهيئ تلك الظروف المؤكسدة.
وأضافت كوتريل في البيان الصحفي المنشور على موقع “يوريك ألرت” (EurekAlert) أن نتائج الدراسة تطرح مزيدا من الأسئلة تتعلق بتفسيرات الأسباب التي تؤدي إلى الأكسدة أو استنفاد الحديد، وتتساءل: “إذا لم يكن تبلور العقيق في القشرة وهو شيء يتعلق بكيفية وصول الصهارة من الوشاح، فما الذي يحدث في الوشاح؟ كيف تم تعديل مركباته؟”.
وتشير الباحثة إلى أن من الصعب الإجابة عن تلك الأسئلة في الوقت الحالي، لكن النظرية الرئيسة الآن هي أن الكبريت المؤكسد يمكن أن يؤكسد الحديد.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.