من المتوقع أن يزيد حجم سوق الأطعمة النباتية عن 162 مليار دولار بحلول عام 2030، مقابل 29.4 مليار دولار في عام 2020، كما سيتنامى الطلب العالمي على البروتين الحيواني ومنتجات الألبان، والذي من المتوقع أن يبلغ 1.2 تريليون دولار بنهاية العقد الحالي.
وتقول كبيرة محللي السلع الاستهلاكية في موقع “بلومبيرغ” (Bloomberg) جينيفر بارتاشوس إن “صناعة الأغذية النباتية سوف تُصبح أكثر انتشارا كخيار غذائي قابل للتطبيق”، كما توقع عضو الجمعية الأميركية لأمراض الجهاز الهضمي ميغيل فريتاس، في مقال على موقع مجلة “فوربس” (forbes)، أن “تكون الأطعمة النباتية هي النمط الغذائي السائد في الولايات المتحدة في المستقبل”.
ولا تزال ما تعرف بـ”الأنظمة الغذائية النباتية المرنة” غير مفهومة، وتشوبها لدى معظم الناس بعض الأفكار غير الصحيحة؛ فقد وجد استطلاع أجري عام 2022 وشمل أكثر من ألف أميركي تتراوح أعمارهم بين 24 و39 عاما، “أن أكثر من ثلثهم (36%) غير مدركين لما يعنيه النظام الغذائي المرن”.
فوائد ومحاذير
النظام الغذائي المرن (Flexitarian Diet) هو حمية تجمع بين “المرونة” و”النباتية” من دون قواعد صارمة، أو حساب للسعرات الحرارية؛ ظهر في عام 2008 عندما نشرت أخصائية التغذية دون جاكسون بلاتنر كتابا يدعو لاتباعه “من أجل فقدان الوزن، والتمتع بصحة أفضل، والوقاية من الأمراض”.
وتقول الكاتبة إن هذا النظام الغذائي يناسب الأشخاص الذين لا يستغنون عن تناول اللحوم أو الدواجن أو المأكولات البحرية، ولكنهم يتناولون معظم طعامهم من النباتات. وقد جاء في المرتبة الثانية ضمن قائمة أفضل الأنظمة الغذائية للعام 2023.
فهو نظام يلتزم فيه المستهلك بشكل أساسي بالنظام الغذائي النباتي القائم على الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات والمكسرات، ولكن مع منتجات حيوانية أقل من حين لآخر.
ويعتبره الخبراء “طريقة لتحقيق الفوائد الصحية من دون الحاجة للتخلص من الأطعمة المحببة”، بالإضافة إلى مزيد من الفوائد التي أشارت إليها مراجعة أجريت عام 2016؛ مثل “انخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب وضغط الدم والسكري من النوع الثاني، وفقدان الوزن على المدى الطويل، والمساعدة في منع السرطان، وتعزيز صحة العضلات والعظام، والتأثير إيجابيا على ميكروبيوم الأمعاء”، إلى جانب فائدته للبيئة حيث “يُقلل من انبعاثات الكربون الناتجة عن استهلاك اللحوم”، بحسب دراسة أجريت عام 2022.
ورغم فوائده المحتملة، فإن هناك بعض المحاذير التي يجب أخذها في الاعتبار، حيث يمكن أن يؤدي تقليص استهلاك اللحوم إلى نقص بعض العناصر الغذائية مثل فيتامين “بي 12” (B12)، والزنك والكالسيوم. كما أنه في بعض الحالات، قد لا يناسب الأشخاص الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي.
شائعات تحيط بالريجيم المرن
يرى الخبراء أن هناك بعض “الأساطير” الشائعة حول الريجيم المرن تقف وراء إرباك المتبعين له، مثل:
فهناك فكرة شائعة مفادها أن النظم الغذائية النباتية، بما فيها المرنة، هي الأكثر تكلفة؛ ولعل هذا هو السبب في أن بعض الناس قد يترددون في اتباعها. لكن ماركو سبرينغمان، الباحث في الغذاء بجامعة أكسفورد، يقول “إن هذا ليس دقيقا تماما”، مستندا قي ذلك إلى بحث شارك فيه عام 2021، ووجد أن اتباع نظام غذائي أكثر صحة واستدامة، كالنظام المرن -على سبيل المثال- “يمكن أن يخفض فاتورة الطعام لأكثر من الثلث في الواقع؛ ليس فقط في البلدان ذات الدخل المرتفع فحسب، ولكن في كل مكان”.
وذلك نظرا لانخفاض تكاليف المكونات الأساسية مثل الفواكه والخضروات والبقوليات؛ أما التكلفة المرتفعة فتأتي من “كثرة الإنفاق على الوجبات الجاهزة أو الأطعمة العالية المعالجة مثل البرغر النباتي”.
-
ليس نظاما نباتيا خالصا
أظهر الاستطلاع الذي سبقت الإشارة إليه، أن معظم الأميركيين لا يرون النظام المرن نظاما نباتيا حقيقيا، “رغم أنه يعتمد على تناول النباتات في الأساس، ولكن مع دمج كميات معتدلة من اللحوم ومنتجات الألبان”، كما يقول فريتاس، موضحا أن “كلمة (نظام نباتي) لا تعني أنه من النباتات فقط”.
ويُضيف أن “النظام المرن يمكن أن يوفر الفوائد الصحية نفسها التي يوفرها النظام النباتي الصارم، ولكن دون حرمان تام من المنتجات الحيوانية”، وذلك من خلال بعض الفوائد الإضافية التي يحققها “التنوع العالي لميكروبيوم الأمعاء الذي ينتج عنه”، بحسب دراسة أجريت عام 2022.
-
يقيد تناول منتجات الألبان
فبحسب الاستطلاع، “يعتقد 88% من البالغين في الولايات المتحدة أن منتجات الألبان ليست مدرجة في نظام الريجيم المرن”، لكن الحقيقة أن النظام الغذائي المرن “يشمل جميع مجموعات الطعام التي تُعزز التنوع والتوازن، بما فيها منتجات الألبان من الحليب أو الجبن أو الزبادي، كمزيج مهم لتقوية العظام من الكالسيوم وفيتامين “دي” (D)”.
ويؤكد فريتاس أن منتجات الألبان لا يتم تضمينها في نمط الريجيم المرن فحسب، بل تعدّ مكونا أساسيا ضمن مكوناته لكونها مصادر جيدة للبروتين الكامل، تساعد على تقليل الحاجة لتناول اللحوم، وتقلل من الانبعاثات الضارة بالبيئة، وفقا لبعض الأبحاث.
-
منخفض البروتين وغير مناسب للأطفال
وهناك انطباع آخر لا يزال سائدا، وهو أن النظام المرن ليس مناسبا للأطفال، رغم صدور دراسة مهمة أجريت عام 2016، وأشارت إلى أن الريجيم المرن ليس للبالغين فقط، وأن “اتباع نظام غذائي نباتي مرن يتضمن بعض اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان، يمكن أن يُلبي الاحتياجات الغذائية لأي شخص يزيد عمره عن عامين”.
وترى الدراسة أن دمج بعض مصادر البروتين الحيواني مع مصادر البروتين النباتي “مهم لحصول الأطفال على الكميات المناسبة من البروتين الكامل العالي الجودة”.
كما أظهر الاستطلاع أن 66% من البالغين في الولايات المتحدة يعتقدون أنه “حتى لو كان النظام الغذائي المرن يتضمن منتجات الألبان، فقد لا تكفي لتوفير بروتين كامل عالي الجودة”.
لكن فريتاس يقول إنه “من السهل استهلاك كميات كافية من البروتين عالي الجودة عند اتباع نهج غذائي نباتي مرن يتضمن كمية معتدلة من المنتجات الحيوانية”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.