يعتبر القمح من أهم المحاصيل في العالم، لكنه عرضة للإصابة بأمراض مثل الصدأ. فكل عام يُفقد حوالي 20% من الإنتاج العالمي بسبب الآفات والأمراض، أي ما يعادل حمولة 3500 سفينة كاملة من الحبوب، بينما تعد تربية الأصناف المقاومة للتكاثر من أكثر الطرق الاقتصادية والصديقة للبيئة لمعالجة هذه المشكلة الكبيرة.
وحسب بيان صحفي لجامعة الملك عبد الله (كاوست) السعودية نشر في 22 مايو/أيار الماضي، ومن خلال تعاون بحثي نجح فريق من الجامعة في اكتشاف كيفية معالجة أحد أسوأ الأمراض التي تصيب القمح على مستوى العالم، للكشف عن رؤى جديدة حول مقاومة صدأ القمح.
خزان التنوع الجيني
توفر الأقارب البرية للقمح خزانا للتنوع الجيني لتحسين المحاصيل. وعلى سبيل المثال، تم تحديد جين “إل آر 9” (Lr 9) المقاوم لمرض صدأ الأوراق في الأصل في نبات عشب الماعز البري (Aegilops umbellulata).
وفي تجربة رائدة جرت خمسينيات القرن الماضي، نجح الدكتور إرنست سيرز في نقل جزء صغير من كروموسوم يحمل جين “إل آر9” في النبات البري إلى قمح الخبز، مما أثبت أنه يمكن انتقال أجزاء صغيرة من كروموسوم بشكل ثابت من أقارب برية بعيدة.
وتم إطلاق أصناف القمح التي تحمل جين “إل آر 9” أواخر الستينيات، ولا يزال فعالا في العديد من مناطق زراعة القمح.
وفي الدراسة الجديدة استخدم ياجون وانغ الباحث بجامعة الملك عبد الله تسلسلا من جينومات صنف من قمح الخبز يحتوي على جين “إل آر 9” إضافة إلى جين مقاومة صدأ الساق “إس آر 43” (Sr 43) من عشبة القمح البرية الطويلة (Thinopyrum elongatum).
وقام الباحثون باستنساخ الجينين من خلال توليد طفرات ومقارنة تسلسلها مع الجينوم الأصلي.
ولاستنساخ الجينات، طور وانغ طريقة جديدة تعتمد على تسلسل الحمض النووي الريبي المرسال “آر إن إيه” (RNA) بدلا من الحمض النووي “دي إن إيه” (DNA) مما يسمح باستنساخ الجينات الفعالة، ويمكن تطبيقها بسهولة في أي مختبر للبيولوجيا الجزيئية وبطريقة أرخص وأسرع من الطرق الأخرى المتاحة.
ويقول جوتاي يو الباحث المشارك بالجامعة “يمكن الآن دمج الجينات مع جينات مقاومة الصدأ المستنسخة الأخرى في مجموعات متعددة الجينات لإنشاء أصناف ذات مقاومة فائقة ودائمة”.
لاعب جديد بارز
كشف الاستنساخ الجيني أيضا أن الجينات تشفر بروتينات اندماج إنزيمات تلعب دورا بارزا في مقاومة الأمراض بالقمح والشعير، كما تلعب أدوارا مهمة في العديد من العمليات الخلوية في كل من النباتات والحيوانات، بما في ذلك ما يتعلق بالمناعة.
ويوضح أحد أعضاء الفريق قائلا: مسببات الأمراض تفرز بروتينات تخرب العمليات الحيوية في العائل، وتتسبب في حدوث المرض.
ويضيف: يشير عملنا إلى أن اندماج هذه البروتينات مع الإنزيمات قد يسمح للنبات المضيف، الذي تم نقل الجينات إليه، باكتشاف وجود مسببات الأمراض بسهولة أكبر وإطلاق استجابات دفاعية.
لكن اللافت أن جين “إس آر 43” لا يوفر مقاومة جيدة في درجات الحرارة المرتفعة، وبعد استنساخه يمكن الآن للباحثين البدء في كشف الآلية الجزيئية لحساسيته لدرجات الحرارة العالية، وقد يسمح هذا بتصميم نسخة مقاومة للحرارة تتكيف بشكل أفضل مع تغير المناخ.
وفي المستقبل، يأمل الفريق في استنساخ المزيد من جينات المقاومة وهندسة سلالات القمح للحماية من الأمراض عن طريق استخدام التقنيات الوراثية بدلا من المواد الكيميائية.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.