الفقراء قبل الآلات.. لماذا يحتاج الاقتصاد العالمي إلى المزيد من المهاجرين؟


مقدمة الترجمة

هل ستؤثر الأتمتة والذكاء الاصطناعي على مستقبل العمالة البشرية حقا؟ من الواضح أن ذلك يحدث بالفعل، لكن وفقا لاقتصادي التنمية الأميركي والخبير السابق بالبنك الدولي لانت بريتشِت، في مقاله المنشور بمجلة “فورين أفيرز”، فإن ذلك ليس حتميا. فعلى النقيض من النظرة السائدة حول كون الأتمتة اتجاها ينبغي أن يتكيف معه البشر بالضرورة، يرى بريتشِت أنها مدفوعة بندرة مصطنعة في العمالة هي التي تدفع الشركات لتفضيل الآلات على البشر، خاصة في الدول الغنية. في المقابل، هناك طوابير من العاملين في البلدان الأكثر فقرا ممن لديهم القدرة والاستعداد لتلبية هذا النقص في العمالة حال أُتيحت لهم الفرصة لفعل ذلك، وهو ما يخلق فوائد متبادلة لهؤلاء العمال أنفسهم ولبلدانهم الأصلية، وكذلك للبلدان التي يهاجرون إليها.

نص الترجمة

نحن نعيش في عصر تكنولوجي، أو هكذا قيل لنا. تَعِدنا الآلات بنقلة في كل جانب من جوانب الحياة البشرية، ستسيِّر الروبوتاتُ المصانعَ، وتهيمن السيارات بدون سائق على الطرق، ويدير الذكاء الاصطناعي أنظمة الأسلحة. يشعر السياسيون والمحللون بالقلق من عواقب مثل هذه التطورات، ويخشون من الضرر الذي قد يلحق بالصناعات والأفراد، ويرون أن على الحكومات أن تتدخل للحد من تكاليف التقدم. غالبا ما تتعامل هذه المناقشات مع التغيير التكنولوجي على أنه شيء يجب التكيُّف معه، كما لو كان قوة من قوى الطبيعة؛ يغمر أعراف وطبائع الحياة الحديثة الراسخة. يبدو الحال وكأن ليس ثمة شيء يمكنه كبح جماح التغيير، وأن التقنيات الجديدة ستعيد تشكيل المجتمعات، وكل ما يمكن للناس فعله هو معرفة أفضل السبل لمسايرة الأوضاع.

وأكثر ما تكون هذه النظرة وضوحا في مناقشة الأتمتة وتأثيرها على فرص العمل. لقد علَّق متجر البقالة المحلي الذي أرتاده في ريف ولاية يوتا الأميركية، وبلا أدنى شبهة سخرية، لافتة تعلن دعم الشركة للعمال الأميركيين على حساب آلات الدفع الذاتي، وهي أجهزة تكنولوجية تعتمد على جهد الزبائن بدلا من جهد الموظف. لقد سال حبر كثير في شرح كيف تهدد الأتمتة بعض العمال ذوي المهارات المتدنية وما يجب أن تفعله الحكومات للمساعدة، على سبيل المثال، يمكن للبلدان دعم مبادرات إعادة التدريب، أو تجديد أنظمة التعليم، أو الاستثمار في مخططات إعادة التوزيع. وفي الوقت نفسه، تأمل العديد من الحكومات في أن تتمكن الآلات من إنقاذ اقتصاداتها من عواقب التدهور الديموغرافي والشيخوخة. ويذهب المتفائلون بالتكنولوجيا إلى أن الولايات المتحدة والعديد من الدول الغنية الأخرى بحاجة إلى الأتمتة لتعويض تضاؤل عدد مَن هم في سن العمل من السكان والفجوات التي تلوح في الأفق في القوى العاملة، ويستبشرون بأن التكنولوجيا سوف تقضي على المشكلات الديموغرافية إلى غير رجعة.

لا تستطيع الشركات توظيف عمال من الخارج حتى بأجور أعلى بسبب القيود المفروضة على الهجرة، لذلك يضطر قادة الأعمال في الولايات المتحدة إلى اختيار الآلات على حساب الأشخاص. (شترستوك)

لكن هذه النقاشات والحجج تغفل نقطة جد بسيطة. فرغم أن التغيير التكنولوجي قد يبدو هائل الأثر، فإنه ليس قوة من قوى الطبيعة، بل من عمل البشر. لقد حسَّنت التكنولوجيا حياة البشر بشكل جذري بالطبع، لا أحد يريد أن يعيش بدون كهرباء أو مراحيض دافقة أو تدفئة مركزية. ومع ذلك، في حالات أخرى، فإن السياسات الجديدة، وليست التقنيات الجديدة، هي ما تحتاج إليه المجتمعات أكثر من أي شيء آخر. غالبا ما تكون الأتمتة حلا يبحث عن مشكلة، إنه اختيار اتخذه الناس، وليس حتمية، وبالتأكيد ليس ضرورة.

على سبيل المثال، تواجه الولايات المتحدة مشكلة ندرة سائقي الشاحنات. وقد قدَّرت جمعية النقل بالشاحنات الأميركية أن في عام 2021 بلغ العجز في عدد السائقين المطلوبين 80000 سائق، وأن بالنظر إلى عمر السائقين الحاليين، سيتحتَّم تعيين أكثر من مليون سائق جديد في العقد المقبل. وللتعامل مع هذا العجز، استثمر العديد من أباطرة التكنولوجيا، ومنهم مؤسس أمازون جيف بيزوس، في البحث والتطوير للمركبات ذاتية القيادة، وهي تقنية من شأنها أن تقلل من الطلب على السائقين. بالنسبة لبيزوس، هذه التكنولوجيا منطقية من الناحية المالية للشركات، إذ تعتمد أمازون على تكاليف الشحن المنخفضة لإبقاء أسعارها منخفضة. لكن هذا ليس له منطق اقتصادي أوسع، لأن الملايين من الناس ستسعدهم فرصة العمل بقيادة الشاحنات في الولايات المتحدة، هم يحتاجون فقط إلى السماح لهم بالعمل في البلاد.

لا توجد ندرة عالمية في الأشخاص الذين قد يرغبون في أن يعملوا في مجال شاحنات المسافات الطويلة في الولايات المتحدة، حيث يبلغ متوسط الأجر لمثل هذا العمل 23 دولارا في الساعة، بينما يتقاضى سائقو الشاحنات في العالم النامي نحو 4 دولارات في الساعة. ومع ذلك، لا تستطيع الشركات توظيف عمال من الخارج حتى بأجور أعلى بسبب القيود المفروضة على الهجرة، لذلك يضطر قادة الأعمال في الولايات المتحدة إلى اختيار الآلات على حساب الأشخاص والقضاء على الوظائف من خلال استخدام التكنولوجيا. ولكن إذا تمكَّنوا من عرض وظائفهم على مستوى عالمي، فسيكون لديهم حافز أقل لتدمير تلك الوظائف واستبدال الناس بالآلات. إن الحقيقة الثابتة للحدود الوطنية تُوجِّه الشركات نحو الاستثمار في التكنولوجيا التي لا تستجيب للندرة العالمية، ولا يحتاج إليها أحد حقا.

إن الدافع إلى صنع آلات تؤدي أدوارا يمكن أن يؤديها الناس بسهولة لا يهدر المال فحسب، بل يؤدي إلى إبقاء مَن هم أشد فقرا فقراء. (الجزيرة)

إن ما ينطبق على قيادة الشاحنات يصح أيضا في العديد من الصناعات الأخرى في العالم الصناعي الغني التي تتطلب عمالا غير محترفين في بيئات عمل محددة. فقد قدَّر تقرير صدر عام 2021 عن شركة الخدمات المالية “ميرسير” (Mercer) أن بحلول عام 2025 ستواجه الولايات المتحدة نقصا بنحو 660 ألف مساعد صحة منزلية وفني مختبر ومساعد تمريض، بينما تزيد الحواجز التي تَحُول دون الهجرة من سوء التوجيه الرهيب للموارد. ففي الاقتصادات الأكثر إنتاجية في العالم، تنجذب رؤوس أموال وطاقات قادة الأعمال -ناهيك بوقت ومواهب العلماء والمهندسين المتعلمين تعليما عاليا- نحو تطوير تكنولوجيا تَحِد من استخدام أحد أكثر الموارد وفرة على هذا الكوكب: قوة العمل. إن قوة العمل الخام هي أهم الأصول (وغالبا ما تكون الوحيدة) التي يمتلكها الأشخاص ذوو الدخل المنخفض في جميع أنحاء العالم. إن الدافع إلى صنع آلات تؤدي أدوارا يمكن أن يؤديها الناس بسهولة لا يهدر المال فحسب، بل يؤدي إلى إبقاء مَن هم أشد فقرا فقراء.

من المؤكد أن بعض المخاوف الاجتماعية والسياسية المتعلقة بالحركة العابرة للحدود الوطنية للمهاجرين الاقتصاديين مشروعة، بما في ذلك تلك المتعلقة بكيفية إدارة هذه التدفقات من الناس، والتأثير على العمال الوطنيين الحاليين، وخلق التوترات الاجتماعية. ومن حق المدافعين أيضا أن يقلقوا بشأن كيفية حماية العمال المهاجرين من الاستغلال. فمن منظور الشركات والصناعات الفردية، تُعَدُّ محاولة الحصول على ذكاء اصطناعي لقيادة شاحنة أقل مؤونة من تقليل الحواجز البيروقراطية لقيود الهجرة.

لكن تفضيل الأجهزة على حساب الناس يُعَدُّ خطأ، وهو يقود العالم إلى فقدان المكاسب الاقتصادية والإنسانية الحقيقية التي يمكن أن تأتي من السماح للناس بالانتقال إلى حيث يحتاجون بدلا من محاولة ابتكار آلات يمكن أن تحل محل البشر. إن رفض السماح للناس بعبور الحدود الوطنية بوصفهم مهاجرين اقتصاديين، وخاصة للانخراط في وظائف تتطلب مهارات عمل أساسية فقط، يشوه بشكل كبير مسار التغيير التكنولوجي بطرق تجعل الجميع، وخاصة فقراء العالم، أسوأ حالا.

صعود الآلات

شاحنة Peterbilt 579 المجهزة بنظام Aurora للقيادة الذاتية، جنوب دالاس، الولايات المتحدة. (رويترز)

تذهب إحدى وجهات النظر الشائعة في الغرب إلى أن حكومات المجتمعات الغنية لا تحتاج إلى جلب المزيد من العمال إلى بلدانهم، بل لها ببساطة أن تفرض قيودا إذا كان التقدم التكنولوجي يدمر ما يسمى بالوظائف منخفضة المهارات. لكن هذا ليس هو الحال فحسب. فصحيح إن بعض التغييرات التكنولوجية مدفوعة بالتقدم في العلوم الأساسية، لكن غالبا ما تفترض المناقشات حول مستقبل العمل أن مسار ونمط التغيير التكنولوجي قد تم تحديدهما بالفعل، وأن التأثيرات على الوظائف والعاملين هي مجرد عواقب طبيعية للتقدم الحتمي للعلم. لكنَّ الاقتصاديين طوروا بشكل متزايد فهما دقيقا للكيفية التي أعاد بها التغيير التكنولوجي تشكيل أسواق العمل والأجور، وكيف أن الابتكار هو نتيجة -وليس مجرد سبب- للتكاليف التي تواجهها الشركات.

لعقود من الزمان، كانت المناقشات الاقتصادية والسياسية حول أسواق العمل والتكنولوجيا تميل إلى التركيز على الكيفية التي تعكس بها التحولات في الأجور مهارات العمال، حيث تم التعامل مع “المهارة” على أنها مرادف لـ”المهارة المعرفية”، مع مستوى التعليم الرسمي للعامل باعتباره معيارا تقريبيا للمهارات المعرفية. وخلص التحليل الشائع إلى أن التطورات في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ساعدت على زيادة دخل العمال ذوي التعليم العالي، وخفضت الدخول الخاصة بالعمال الأقل تعليما وذوي المهارات المنخفضة. لكن ليس هذا ما حدث حقا، فرغم ارتفاع أجور ذوي المهارات العالية في الولايات المتحدة منذ عام 1979 مقارنة بأجور أصحاب الدخول المنخفضة الأكثر عددا، كان ارتفاع الأجور في المهن ذات الأجور المنخفضة تقليديا من حيث النسبة المئوية أكثر من الوظائف ذات الدخل المتوسط، بل وبقدر المهن العليا في بعض الفترات.

يُظهِر البحث الذي أجراه الاقتصاديان “ديفيد أوتور” و”ديفيد دورن” مع آخرين أن الطلب على المهن المختلفة استجابة للتكنولوجيا لا يتغير في علاقة خطية بسيطة مع مهارة العامل، ولكنه يعتمد على طبيعة المهام التي يجب أن يؤديها. على سبيل المثال، تشمل الوظائف في مهن الخدمة، مثل إعداد الطعام، والتنظيف، وأعمال الحراسة، والصيانة، والمساعدة الصحية الشخصية، والأمن، الكثير من المهام اليدوية غير الروتينية التي يصعب أتمتتها أو استبدالها بالعمل عن بُعد، لأنها تتطلب الوجود المادي المباشر للعامل، وبالتالي تظل هذه الوظائف مطلوبة، وظلت أجورها مرتفعة حتى في أعقاب التقدم التكنولوجي.

مما لا شك فيه، حدثت تغييرات ثورية حقا في كيفية تواصل الناس، والبحث عن المعلومات، وتنظيم البيانات ومعالجتها، والترفيه عن أنفسهم. لكن الفكرة القائلة إن التغير التكنولوجي السريع في بعض قطاعات الاقتصاد في العقود الأخيرة قد أدى إلى تسريع تحول الاقتصاد بأكمله هو مفهوم بعيد عن الواقع. الحق أن نمو الإنتاجية الاقتصادية في البلدان الصناعية بالمقياس الاعتيادي لنمو “إنتاجية العامل الكلي” (الذي يقيم الإنتاجية بقسمة إجمالي الإنتاج، أو الناتج، على التكاليف، أو المدخلات) كان أبطأ بكثير في العقود الأخيرة مما كان عليه بين أوائل القرن العشرين و1970. وقد شهدت كل دولة متقدمة تقريبا تباطؤا كبيرا في نمو الإنتاجية منذ عام 1980.

وفي الوقت نفسه، انخفض المعروض من العمال للمهام اليدوية غير الروتينية بشكل ملحوظ في البلدان الصناعية الغنية، وذلك بفضل الانخفاض الكبير في الخصوبة وارتفاع مستويات التعليم. ويستمر عدد الوظائف المتاحة بعدم التناسب مع عدد المرشحين المحليين المتاحين لشغل تلك الوظائف. ويتوقع كتيب التوقعات المهنية لمكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة أن بين عامي 2021-2031، ستشهد الفئات المهنية التي تتطلب أقل من درجة جامعية، ويكون متوسط الدخل الحالي لها أقل من 40 ألف دولار، ارتفاعا صافيا بأكثر من خمسة ملايين وظيفة جديدة، بما يشمل نحو 924000 وظيفة من مساعدي الصحة المنزلية والرعاية الشخصية و419000 من الطهاة. ولكن وفقا لتنبؤات الأمم المتحدة الديموغرافية، فإن عدد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20-40 عاما في الولايات المتحدة (دون احتساب أي هجرة) سينخفض بأكثر من ثلاثة ملايين في الفترة نفسها. إن المستقبل الديموغرافي متوسط المدى للمواطن الأصلي المولود في العالم الصناعي الغني واضح بالفعل، بحلول الأربعينيات من القرن الجاري، سيكون ثمة عجز بالملايين في أعداد المولودين في البلدان المتقدمة المتاحين لأداء المهام الأساسية اليدوية وغير الروتينية في الاقتصاد.

لقد أدت الزيادة التي تجاوزت تريليون ضِعْف في القوة الحاسوبية خلال القرن الماضي إلى تغيير جذري في تلك المهن التي كان يقوم فيها الناس بمهام روتينية ومتكررة. فالنساء الأميركيات من أصول أفريقية اللواتي جعلن الهبوط على سطح القمر ممكنا (واشتهرن في فيلم “Hidden Figures”) عملن في وكالة ناسا بوصفهن “أجهزة حاسوب”، حيث انشغلن بإجراء العديد من الحسابات التي يمكن للآلات الآن إجراؤها في لحظة. لم يعد هناك أجهزة حاسوب بشرية، والآلات التي تسمى أجهزة الحاسوب أكثر فاعلية بشكل ملحوظ من البشر في إجراء الحسابات. ولكن قوة الحوسبة لن تضيف إلى العديد من المهام شيئا ذا بال، فالآلات لن تتفوق على البشر في العناية الشخصية، ولن تحل محل الطهاة، وكذلك لن تكون الآلات بالضرورة أفضل من البشر في قيادة الشاحنات.

إذا انتشرت الشاحنات ذاتية القيادة في نهاية المطاف على الطرق الأميركية، فلن يكون ذلك دليلا على مسيرة التقدم العلمي التي لا تكل، بل سيكون استخدامها دليلا على شيء آخر تماما: تبعات الحواجز أمام حركة العمالة التي تخلق حوافز مالية خاصة ضخمة، وبدورها تدفع الأشخاص والشركات القوية إلى القيام باستثمارات هائلة في الموارد البشرية النادرة في الابتكار التكنولوجي، مع النتيجة الأوسع لاستبدال الأشخاص بالآلات. في نهاية المطاف، تختار الشركات الأميركية الأتمتة لأن من الأسهل بكثير حل المشكلات الفنية الصعبة للغاية، مثل تلك التي تحاول آلات الدفع الذاتي والمركبات ذاتية القيادة حلها، مقارنة بمعالجة البلدان للعقبات الاجتماعية والسياسية التي تمنعها من السماح للأجانب بالقيام بهذه الوظائف.

الفخر بالمكان

(AFP)

عادة ما تؤثر أمور اعتباطية مثل محل الميلاد والقومية والمواطنة بشكل عميق على حياة الناس. إن محل ميلاد المرء والأماكن التي يمكن أن ينتقل إليها تؤثر جذريا على ما يمكن أن يكتسبه من مال عبر مسار حياته. أما تقييد حركة الناس عبر الحدود فتخلق بونا شاسعا في الأجور بين العمال المتساوين في القدرة على الإنتاج.

في بحث أجريته مع مؤلفين مشاركين، نظرنا في أجور العمال المولودين والمتعلمين في 42 دولة مختلفة، وعقدنا مقارنة بين أرباح أولئك الذين بقوا في بلدانهم الأصلية مع أولئك الذين عملوا في الولايات المتحدة. كما قمنا بتعديل هذه الأرباح لتناسب الفروق في أسعار السلع والخدمات بين البلدان لمراعاة الاختلافات في القوة الشرائية. لقد تراوح الفارق في الأجور بين العمال المتساوين في القدرة على الإنتاج بين 42 دولة درسناها والولايات المتحدة من ضعفين إلى عشرة أضعاف لصالح العمال في الولايات المتحدة، بمتوسط يقارب أربعة أضعاف الأجر. هذه النسب واضحة عبر المهن المختلفة (بما في ذلك النوادل وسائقو الشاحنات) وعبر مستويات التعليم والمهارة المتباينة.

تُعَدُّ هذه الفجوة في أجور الأشخاص المتساوين في القدرة على الإنتاج أكبر تشوّه في الأسعار أدت إليه السياسة في عالمنا اليوم، وربما في تاريخ البشرية بأسره. إن عوائق الهجرة تنتج ندرة مصطنعة في اليد العاملة. تعاني العديد من الصناعات في الولايات المتحدة من أجل العثور على يد عاملة يمكن تحمل كلفتها، فيما يدفع هذا العجز الشركات للبحث عن حلول من خلال الأتمتة والتقنيات الأخرى غير الضرورية وغير الفعالة.

إن التجربة تشهد على أن السماح بدخول المزيد من العمال إلى بلد ما يغير بالفعل أنماط الابتكار. لقد أجرت الولايات المتحدة هذه التجربة من قبل، لكن في الاتجاه المعاكس. ففي منتصف القرن العشرين، سمحت الولايات المتحدة بالهجرة الموسمية للعمال الزراعيين من المكسيك تحت عنوان برنامج براسيرو. وفي نهاية المطاف، أبطأت الحكومة من عمل البرنامج وأوقفته تماما في عام 1964. وفيما عقد باحثون مقارنة لأنماط التوظيف والإنتاج بين الولايات التي فقدت عمال براسيرو وبين الولايات التي لم تحظَ بوجودهم، تبيّن لهم أن القضاء على هؤلاء العمال لم يؤدِّ إلى زيادة توظيف العمال المحليين في القطاع الزراعي على الإطلاق، بل كانت استجابة أصحاب المزارع لندرة العمال الزراعيين هي تزايد الاعتماد على الآلات والتكنولوجيا المتقدمة، إذ تحولوا، على سبيل المثال، إلى زراعة المنتجات المعدلة وراثيا التي يمكن حصادها بواسطة الآلات، مثل الطماطم ذات القشرة السميكة، وحادوا عن زراعة محاصيل مثل الهليون والفراولة التي تضيق معها فرص الحصاد الآلي. قد تكون الحاجة أم الاختراع، لكن الضرورة الزائفة هي أم الاختراعات الغبية.

طريق المقاومة الأقل

من الناحية الاقتصادية، لا يُعَدُّ المهاجرون بديلا للعامل الأميركي، بل مكمل لوجوده، إذ كلما زاد عدد المهاجرين، ارتفع متوسط أجر المواطنين. (شترستوك)

يُصِر أنصار الحد من الهجرة على أن ذلك أمر ضروري من أجل حماية أجور المواطنين الحاليين، لكن هذا ليس صحيحا. لقد مرت أزمنة من القرن الماضي شعرت فيها الحكومات بالقلق من عدم القدرة على توفير الوظائف الكافية للمواطنين، لكن التركيبة السكانية المتغيرة في العالم الصناعي الغنيّ قد غيّرت هذا المنطق تماما. فالتحدي في المستقبل المنظور سيدور حول العثور على عدد كافٍ من العمال لشغل الوظائف المتاحة. حتى البلدان التي لم يكن من عادتها الترحيب بالمهاجرين، مثل اليابان، تميل الآن بقوة إلى توظيف العمال من الخارج. ولم يكن لتلك البلدان ذلك إلا بعلمها أن المهاجرين لا يضيرون حتما بأجور المواطنين.

من الناحية الاقتصادية، لا يُعَدُّ المهاجرون بديلا للعامل الأميركي، بل مكمل لوجوده، إذ كلما زاد عدد المهاجرين، ارتفع متوسط أجر المواطنين. إن وجود المزيد من المساعدين الشخصيين، على سبيل المثال، لا يقلل من أجور العمال المهرة، مثل الممرضين، بل يرفعها بالأحرى، من خلال توفير المزيد من وقتهم للمهام التي تحتاج إلى مهاراتهم الفريدة. وبالطبع قد يتنافس بعض العمال الأميركيين الأقل تميزا على الوظائف مع المهاجرين، لكن القيود المفروضة على الهجرة ليست طريقة فعالة ولا ناجحة لمساعدة هؤلاء العمال المحليين.

إن أول خاسر اقتصادي بسبب القيود التي تضعها البلدان الغنية على تنقل العمالة هم فقراء العالم. كما أن برامج التنمية حسنة النية ومبادرات تقديم المعونات لا يمكن أن تساوي فائدة السماح لشخص من بلد فقير بالعمل في بلد أكثر ثراء وإنتاجية. يجب على مواطني الدول الغنية، إذا أرادوا مساعدة فقراء العالم، أن يعوا أن جميع مشاريع التنمية، على أهميتها، وبرامج مكافحة الفقر، والمساعدات الخارجية للدول الفقيرة ليس لها إلا ضئيل الأثر مقارنة بمزايا مجرد السماح للناس بالانتقال إلى البلدان الغنية التي تحتاج إليهم، حيث سيعملون نظير أجر مستمر مستحق مقابل إنتاجيتهم.

إن ظاهرة الفقر العالمي اليوم ليست ظاهرة “فقراء” بقدر ما هي ظاهرة أناس محاصرين في “أماكن فقيرة” غير قادرين على مغادرتها بسبب ما يحد حركتهم من قيود. (رويترز)

على سبيل المثال، تناولت دراسة تم الاستشهاد بها على نطاق واسع عام 2015 ونُشرت في مجلة “ساينس” (Science) آثار برنامج مكافحة الفقر الذي اعتمد على منح الماشية عبر ستة بلدان فقيرة، بهدف زيادة دخل الأسر التي تعاني من فقر مزمن. أنفق البرنامج 4545 دولارا لكل أسرة في أول عامين. وبحلول العام الثالث، ارتفع الاستهلاك المنزلي السنوي بمتوسط 344 دولارا فقط في خمسة من البلدان الستة التي حقق فيها البرنامج نتائج إيجابية؛ إثيوبيا، وغانا، والهند، وباكستان، وبيرو. وبالنظر إلى فشل العديد من المحاولات من خلال مشاريع مماثلة لزيادة دخل الفقراء، فقد اعتبر المؤلفون هذا المكسب المتواضع البالغ 344 دولارا في الاستهلاك المنزلي السنوي من خلال إنفاق 4545 دولارا أميركيا نجاحا كبيرا.

على النقيض من ذلك، يقترح بحثي أن العمال غير الحاصلين على شهادة الثانوية العامة سيتقاضون، في المتوسط، ما يصل إلى 13119 دولارا سنويا في الولايات المتحدة أكثر من نظرائهم في الدول الخمس التي شملتها الدراسة. حتى مع إنفاق 10% من فرق الأجور في تكاليف السفر للتنقُّل ذهابا وإيابا لمدة عام، فإن السماح للعمال ذوي المهارات المتدنية أنفسهم بالعمل في الولايات المتحدة، بدلا من إرسالهم إلى بلادهم، سينتج زيادة في دخولهم أكبر بـ35 مرة مما أنتجه برنامج مكافحة فقر فعال جيد التصميم والتنفيذ.

إن ظاهرة الفقر العالمي اليوم ليست ظاهرة “فقراء” بقدر ما هي ظاهرة أناس محاصرين في “أماكن فقيرة” غير قادرين على مغادرتها بسبب ما يحد حركتهم من قيود. إنه لمثار السخرية أن تُحصَر أسباب فقر الناس بشكل هزلي في افتقارهم لـ”رأس المال البشري”، إذ الحق أن التوسع الهائل في التعليم في العالم النامي منذ الخمسينيات قد أدى إلى أن نسبة البالغين المتعلمين في بلد مثل هاييتي اليوم أكبر من عدد البالغين المتعلمين في فرنسا عام 1970. لكن هاييتي مكان قليل الإنتاجية تعمه الفوضى بحيث لا يستقيم فيه استثمار أي نوع من رؤوس الأموال، لا سيما رأس المال البشري، ومن ثم فإن أغلب الهاييتيين الذين نجوا من الفقر قد نجوا بترك بلادهم. ولربما يُبدي البعض خوفا من “هجرة العقول”؛ الفكرة الزائفة التي تقول إن الدول الفقيرة تزداد فاقة بهجرة أفضل وألمع عقولها. لكن ليس ثمة دليل على أن الهجرة عموما تضر بآفاق ازدهار الدول، بل الحري بالذكر أن العديد من أغنى دول العالم اليوم -بما في ذلك الدنمارك وإيطاليا والنرويج وإسبانيا والسويد- كان لديها بعض أعلى معدلات الهجرة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

إن القيود المفروضة على التنقل التي تخلق ندرة العمالة في البلدان الغنية تؤدي إلى استمرار الفقر بالنسبة لملايين الأشخاص الراغبين والقادرين على العمل بشكل منتج لكنهم ممنوعون منه. (غيتي إيميجز)

لطالما خلقت الفروق بين الأجور رغبة عميقة في اجتياز الحدود الوطنية. فبين عامي 2015-2017 توجه مركز “جالوب” بالسؤال إلى أناس من جميع أنحاء العالم: هل يريدون الهجرة؟ وإن أرادوا فإلى أي البلاد؟ من هذه العينات، يمكن أن نقول إن 750 مليون شخص سيختارون مغادرة بلادهم بشكل دائم إذا استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وأكثر من هؤلاء مَن هم على استعداد للانتقال بشكل مؤقت. بناء على الاستطلاع، يرغب 158 مليون مهاجر إضافي في القدوم إلى الولايات المتحدة؛ وقد تستقبل كلٌّ من أستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة نحو 30 مليون مهاجر إضافي. هذا لا يعني أن هذه البلدان يجب أن تستوعب أو ستستوعب هذا العدد من المهاجرين، لكن معناه أنه لا يوجد نقص في الأشخاص المستعدين للمجيء والعمل في البلدان الغنية.

إن القيود المفروضة على التنقل التي تخلق ندرة العمالة في البلدان الغنية تؤدي إلى استمرار الفقر بالنسبة لملايين الأشخاص الراغبين والقادرين على العمل بشكل منتج لكنهم ممنوعون منه، كما تدفع الندرة الشركات إلى الاستثمار بإسراف في تكنولوجيا لا تحتاج إليها. بعبارة أخرى، الأتمتة ليست حتمية، ولكنها مدفوعة بندرة مصطنعة في العمالة. إن الشركات، مدفوعة بالحافز المالي، تُفضِّل الآلات على البشر، ومن دون هذا الحافز قد تميل الشركات والأسر إلى خيارات أخرى. إن متاجر “وول مارت” لا تضطرك لحساب مشترياتك على آلات الدفع الذاتي بنفسك لأنها ترى فيك شوقا للعمل لديها، بل لأنها تفتقد للعمالة معقولة الكلفة. كما يمكن للأسر أيضا أن تتخذ قرارات مختلفة تفيد جميع المعنيين، فتظهر أبحاث أُجريت في سنغافورة أن من الأرجح أن النساء ذوات الكفاءات الفريدة سيخترن الوجود في سوق العمل إذا ما توفرت عمالة الرعاية للقيام بالمهام في منازلهن. كما يتيح توفر عمال المساعدة المنزلية للمسنين البقاء بعيدا عن الرعاية المؤسسية لفترة أطول ويؤدي إلى تحسين جودة حياتهم وبتكلفة أقل بكثير.

أبواب في جدران

إن العقبات السياسية هي ما يعوق حركة البشر المنظمة عبر الحدود بهدف العمل، ولا تزال الدول عالقة بين رحى هذا التناقض. (الأناضول)

ليس هينا، بالطبع، معرفة كيف يمكن للبلدان أن تدرك إمكانات العمالة المتاحة في العالم. لقد أدت الآليات الرئيسية للتعاون العالمي -خاصة تلك المؤسسات التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، مثل الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي- إلى تحريك عولمة أسواق السلع ورؤوس الأموال، لكنها لم تضع أي بنية تحتية ذات مغزى لدعم وتعزيز حركة العمالة. لقد تدفقت الأموال وحاويات الشحن بحرية عبر الحدود، وهو ما لم يتح للبشر.

اليوم، تضع كل دولة بشكل أحادي أي قيود تريدها على دخول الرعايا الأجانب. وعلى النقيض من الفكرة الساذجة المعتمدة لدى اليمينيين التي تقول إن الولايات المتحدة تحتفظ “بحدود مفتوحة”، وعلى عكس الزعم المريب بأن العالم “مسطح”، حولت جميع الدول الغنية حدودها إلى منحدرات، وصعّبت من الطرق القانونية لدخولها التي غالبا ما يتعذر استيفاء متطلباتها. لقد فرضت الدول هذه القيود رغم كلفتها الباهظة ونتائجها المتباينة. ففي عام 2022، خصصت الولايات المتحدة 26 مليار دولار لفرض الحدود، وهو أكثر مما كرسته في معظم السنوات لوكالة التنمية الدولية التابعة لها: الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

بدلا من توجيه الموارد إلى السعي الخيالي لتكنولوجيا قتل الوظائف، يجب على الدول أن تسعى إلى التعاون الدولي فيما يتعلق بتنقل اليد العاملة. إن المكاسب المحتملة للدول التي يهاجر منها الناس والمهاجرون أنفسهم والبلدان التي تستقبل المهاجرين هائلة. يجب على الدول الغنية أن تسمح لمزيد من الناس بالعيش والعمل في بلدانهم ليس بدافع الإيثار، ولكن لحساب الضرورة الديموغرافية المتزايدة.

الحل هو إنشاء آلية عالمية لتنقل اليد العاملة، يمكنها أن توظّف العمال بشكل عادل دون تكاليف باهظة وبناءً على معلومات وعقود موثوقة، وعليها أن تضعهم في وظائف تناسب قدراتهم، وأن تحميهم من سوء المعاملة أثناء وجودهم بعيدا عن بلدانهم الأصلية، وأن تسهل عملهم في ظل اتفاقيات تنقل محدودة المدة تيسّر من عودتهم إلى أوطانهم بشكل منظم. ستتطلب التدفقات الأكبر من المهاجرين الاقتصاديين وجود صناعة للتعامل مع المهام الرئيسية المتمثلة في التوظيف والتدريب، والتسكين، والحماية، والعودة. لا يمكن أن يُتوقع من قطاع النقل بالشاحنات، أو قطاع الرعاية الصحية، أو قطاع الضيافة أن يدير الحركة الدولية للعمالة لتلبية احتياجاتهم. بدلا من ذلك، يجب أن تتولى مهمة نقل الأشخاص مجموعة من المنظمات والأفراد والشبكات المتصلة عالميا. بالطبع يجب تنظيم مثل هذه الصناعة ومراقبتها بعناية، ذلك أن أخطار إساءة استخدامها هائلة. لكنَّ قطاعا عالميا أخلاقيا حسن الإدارة يتولى عملية تنقل اليد العاملة يمكن أن يكون قوة خيّرة هائلة من أجل الخير توفّق بين الأشخاص الذين يريدون وظائف مع الشركات التي تحتاج إليهم.

إن المؤسسات الدولية تتعاون بالفعل مع الحكومات والقطاع الصناعي لتحقيق نتائج إيجابية في حركة الأشخاص والأشياء. ولك أن تنظر بعد قراءة هذه المقالة وسترى حولك أشياء كانت جزءا من 11 مليار طن هي حجم ما ينقله الشحن البحري حول العالم كل عام. كما سافر أكثر من 4.5 مليارات مسافر على خطوط الطيران حول العالم في عام 2019، لم ينتج عنها إلا 283 حالة وفاة فقط. لقد تعاونت الحكومات والجمعيات الدولية والمجموعات الصناعية في جميع أنحاء العالم لترسيخ السفر الجوي الآمن. وبالمثل، في عام 2018، سافر 1.4 مليار سائح دوليا، بدعم من مجموعة متنوعة من الصناعات والجمعيات الصناعية التي تسهّل مثل هذه الحركة الهائلة للأشخاص بأمان وموثوقية.

إن العقبات السياسية هي ما يعوق حركة البشر المنظمة عبر الحدود بهدف العمل، ولا تزال الدول عالقة بين رحى هذا التناقض. يتردد السياسيون في وضع القوانين والسياسات واللوائح التي من شأنها أن تسمح لبرامج تنقل العمالة بالازدهار حتى تثبت أن هذه البرامج آمنة وفعالة ومفيدة. لكن الفروق القائمة في الأجور بين البلدان الغنية والفقيرة، وكذلك الطلب الذي لا يمكن إنكاره على اليد العاملة، يعني أن حركة الناس تحدث على أي حال. ودائما ما تكون هذه الحركة غير آمنة، ويتم استغلال المهاجرين فيها وإساءة معاملتهم، ولا يمكنهم العودة بسهولة إلى ديارهم، مما يعني أن فكرة تنقل اليد العاملة ذاتها قد لحقها الوصم.

قد يبدو الأمر متناقضا، لكن عيوب تنقل اليد العاملة في الوقت الحاضر ليست إلا دوافع لتسهيل المزيد من الحركة، ولكن من خلال القنوات القانونية جيَّدة التسيير. إن فوائد السماح للناس بالانتقال إلى الأماكن التي تحتاج إلى عملهم ضخمة لجميع المعنيين بالأمر. ما تحتاج إليه المجتمعات الغنية والديمقراطية هو التوقف عن السعي الأعمى للتقدم التكنولوجي الذي لا يستمد جدواه الاقتصادية إلا بتجاهل ما هو وفير في جميع أرجاء العالم. لقد خلقت البلدان الغنية حوافز قوية لشركاتها ومبتكريها تدفعهم لتفضيل الآلات على حساب البشر، وقد حان الوقت للمراهنة على مستقبل للبشر يبنيه البشر.

___________________________________________

ترجمة: مصطفى عبد الظاهر

هذا التقرير مترجم عن  Foreign Affairs ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post هبوط المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 1.8% بختام تعاملات جلسة منتصف الأسبوع
Next post فيديو.. ثور هائج يحول مباراة للركبي إلى ملعب للذعر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading