أفاد باحثون بأن الخسائر الناتجة عن ظاهرة “النينو” (El Niño) يمكن أن تستمر عدة سنوات بعد الحدث نفسه، بخسائر تصل إلى تريليونات الدولارات في جميع أنحاء العالم، وفقا لدراسة حديثة نشرت يوم 18 مايو/أيار الماضي في دورية “ساينس” (Science).
وتعدّ الدراسة من بين أولى الدراسات لتقييم التكاليف الطويلة الأجل لظاهرة “النينو” وخسائر المشاريع التي تجاوزت تقديرات بحث سابق، حيث خسر الاقتصاد العالمي 4.1 تريليونات دولار و5.7 تريليونات دولار على التوالي في نصف عقد بعد تواتر أحداث “النينو”، ومعظم هذه الخسائر تحملتها أفقر دول العالم في المناطق الاستوائية.
نطاق حدوث “النينو”
“النينو” ظاهرة مناخية تحدث خلال فترات تتراوح بين 4 و12 عاما في المحيط الهادي، وتؤدي إلى دفء مياهه. وتحدث الظاهرة عندما ترتفع درجات حرارة سطح البحر في المنطقة الاستوائية الشرقية من المحيط الهادي بما لا يقل عن 0.5 درجة مئوية فوق المتوسط الطويل الأجل، وهي حالة تؤدي إلى تحولات في أنماط الطقس حول العالم، ولا سيما في بعض الأماكن.
على سبيل المثال، غالبا ما تجلب هذه الظاهرة المناخية عواصف أقوى ومزيدا من الفيضانات إلى بيرو والإكوادور، أما في إندونيسيا وأستراليا فإنها تميل إلى إطلاق العنان للجفاف وحرائق الغابات وابيضاض الشعاب المرجانية.
وفي تصريح للجزيرة نت، أوضح كريستوفر كالاهان الباحث الرئيسي في الدراسة الجديدة باحث الدكتوراه في الجغرافيا الطبيعية بقسم الجغرافيا في جامعة دارتموث كوليج الأميركية، أن ظاهرة “النينو” مكلفة جدا ولها آثار اقتصادية أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقا. إذ إن هذه الأحداث تنتج انخفاضا مستمرا في النمو الاقتصادي، يتجاوز لحظة وقوع الحدث ويتعداه إلى سنوات من النضال الاقتصادي لمحاولة التعافي.
وفي الدراسة الجديدة، حلل المؤلفون بيانات الناتج المحلي الإجمالي لـ147 دولة في الفترة من 1960 إلى 2019، لتحديد التأثير الاقتصادي لظاهرة “النينو”، ووجدوا أنها تؤدي إلى تبعات اقتصادية كبيرة لمدة تصل إلى 5 سنوات بعد الحدث.
على سبيل المثال، كلفت ظاهرة “النينو” في عامي 1982 و1983 الاقتصاد العالمي 4.1 تريليونات دولار، كما تسببت أحداث عامي 1997 و1998 في حدوث خسائر اقتصادية قدرت بـ5.7 تريليونات دولار. وأشار كالاهان إلى أن هذه الدراسة هي الأولى التي تشير إلى مثل هذا التأثير المالي الشديد والطويل الأمد من ظاهرة “النينو”.
كارثة للاقتصادات الهشة
في عام 2017، أشار بحث إلى أن أنماط حدوث “النينو” يمكن أن توجه ضربة اقتصادية قصيرة الأجل لبعض البلدان، وتضخم التفاوتات بين البلدان بشأن تأثيرات تغير المناخ، وتؤثر بشكل غير متناسب على الدول الأقل قدرة على الصمود والاستعداد، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع جامعة دارتموث.
وأشار المؤلف الرئيسي للدراسة إلى أن الظاهرة تمثل كارثة للعديد من المناطق حول العالم، ولا سيما الدول ذات الاقتصادات الهشة في المناطق الاستوائية. كما أن مدة وحجم التداعيات المالية التي كشفتها الدراسة تشير إلى عدم قدرة البلدان المختلفة على التكيف مع المناخ الذي نعيش فيه.
ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية أن تعود أحداث “النينو” بحلول نهاية هذا العام، مع تزايد المخاوف من أن الحدث قد يكون قويا مع ارتفاع درجات حرارة سطح البحر بشكل خاص في المحيط الهادي. وسيكون لهذا تأثير كبير على كل من متوسط درجات الحرارة العالمية وأنماط الطقس حول العالم. لذلك، يعتقد المؤلفون أن تحسين التنبؤ والاستعداد لظاهرة “النينو” سيزيد من قدرة البلدان على التكيف معها.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.