أعلن الرئيس السنغالي ماكي سال أنه لن يترشح لولاية ثالثة في انتخابات العام المقبل، منهيا سنوات من عدم اليقين بشأن مستقبله السياسي الذي ساعد في تأجيج احتجاجات المعارضة الدامية الشهر الماضي.
وفي خطاب للأمة بثّه التلفزيون السنغالي العام مساء أمس الاثنين، اعتبر سال أن دستور السنغال كان سيسمح بترشيحه على الرغم من انتخابه بالفعل لولاية ثانية في عام 2019.
واستدرك قائلا “حتى لو كان لي الحق، شعرت بأن واجبي ليس الإسهام في تدمير ما بنيته لهذا البلد.. لقد قلت إن ولاية 2019 كانت آخر ولاية لي، وأعلم أن هذا القرار سيكون مفاجأة لكل من تربطهم صداقة معي.. السنغال أكثر من مجرد أنا، إنها مملوءة بالأشخاص القادرين على نقلها إلى المرحلة التالية”.
وتابع “كان هناك الكثير من التكهنات بشأن ترشحي لهذه الانتخابات… ركزت أولوياتي قبل كل شيء على إدارة بلد وفريق حكومي متماسكين، والتزمت بالعمل من أجل النهوض، لا سيما في سياق اجتماعي اقتصادي صعب. وضميري وذاكرتي مرتاحان لما قلته، وكتبته وكررته، هنا وفي الخارج، أن ولاية 2019 كانت ولايتي الثانية والأخيرة”.
وطلب سال من الحكومة بذل كل ما في وسعها لتنظيم انتخابات شفافة في فبراير/شباط المقبل، لكن لم يتضح على الفور من الذي قد يترشح على بطاقة حزب سال السياسي.
مخاوف واحتجاجات
وكانت هناك مخاوف واسعة النطاق من أن إعلان سال بشأن مستقبله السياسي قد يثير موجات جديدة من الاضطرابات في جميع أنحاء الدولة الواقعة في غرب أفريقيا والتي يُنظر إليها منذ مدة طويلة على أنها معقل للاستقرار في منطقة مضطربة سياسيا.
وأثارت شائعات عن اعتزام سال تمديد فترة حكمه نوبات من الاضطرابات منذ 2021 راح ضحيتها العشرات، وأثرت على النظرة إلى السنغال باعتبارها نموذج الديمقراطية المستقرة في غرب أفريقيا.
وكان زعيم المعارضة عثمان سونكو قد دعا بالفعل إلى مزيد من المظاهرات في جميع أنحاء البلاد لو أعلن سال بدلا من ذلك عن نيته الترشح مرة أخرى في فبراير/شباط 2024. وطالما دعا سونكو الرئيس إلى الانسحاب علنا من الانتخابات، واتهم حكومة سال برفع دعاوى قضائية ضد زعيم المعارضة في محاولة لتهميش المنافسة قبل الانتخابات.
واندلعت موجة من الاحتجاجات الدامية الشهر الماضي على قضية حكم فيها على سونكو بالسجن لمدة عامين بعد إدانته بإفساد الشباب. وتقول الحكومة إن 16 شخصا على الأقل قتلوا في الاضطرابات بينما قالت المعارضة إن الرقم أعلى وهو 19.
رؤساء ودساتير
أصبح سال رئيسا للسنغال في عام 2012 بعد فوزه على الرئيس عبد الله واد الذي أدى قراره بالترشح لولاية ثالثة مثيرة للجدل إلى مظاهرات عنيفة في الشوارع، ليعترف واد في النهاية بالهزيمة بعد جولة الإعادة بينه وبين سال.
وفي عام 2016 عدّل سال دستور السنغال ليضع حدًّا للرئاسة بفترتين، وقد أكد أنصاره أن ولايته الأولى بموجب الدستور السابق لا ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار، وفي نهاية الأسبوع الماضي سُمع سال يقول إن المجلس الدستوري للبلاد سيسمح بترشيحه، مما أثار تكهنات بأنه سيعلن ترشحه لولاية ثالثة.
وينص الدستور السنغالي على أنه “لا يمكن لأحد أن يخدم أكثر من فترتين متتاليتين”، لكنه اعتبر أن هذا الفصل لا ينطبق عليه لأنه خدم ولايته الأولى قبل التعديل الدستوري.
يذكر أن عددا من الرؤساء الأفارقة حاولوا بالفعل البقاء في السلطة في السنوات الأخيرة من خلال تعديل دساتيرهم أولًا، ومنهم الحسن واتارا من ساحل العاج الذي فاز بولاية ثالثة في عام 2020.
وفاز آخر، هو ألفا كوندي من غينيا، بولاية ثالثة في العام نفسه أيضًا ولكن لم يبق طويلا إذ أطاح به انقلاب عسكري بعد أقل من عام من وجوده في السلطة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.