“الذئب الأحمر” الإسرائيلي يلاحق خصوصية الفلسطينيين ويعزز الفصل العنصري.. تعرف عليه | حريات


الخليل- بين “قطيع الذئاب” و”الذئب الأزرق” ثم “الذئب الأحمر” تقع خصوصية الفلسطينيين فريسة لأنظمة الاحتلال الإسرائيلي وتقنياته الحديثة، من خلال مئات الكاميرات الذكية المثبتة لتتبعهم.

وبات الفلسطينيون في القدس والخليل المحتلتين جزءا من الجغرافيا المستهدفة بأحدث تقنيات التتبع والتعرف الذاتية التغذية التي يستخدمها الاحتلال، والتي لاقت انتقاد منظمة العفو الدولية لكونها “تمييزا رقميا”.

حواجز إسرائيلية تصوّر الفلسطينيين وتتحكم في حركتهم عبر أنظمة للتعرف على وجوههم (الجزيرة نت)

تطبيق عملي

للتعرف أقرب على التطبيق العملي للتقنيات الإسرائيلية و”الذئب الأحمر”، تنقلكم الجزيرة نت إلى تجربة الستيني الفلسطيني مفيد الشرباتي من البلدة القديمة في الخليل التي تُعد من أكثر مناطق الضفة قيودا ومراقبة.

يسكن الشرباتي في أول شارع الشهداء، الواقع في جزء خاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة من مدينة الخليل، وعلى بعد عشرات الأمتار، يفصل حاجز عسكري إسرائيلي بينه وبين الجزء الخاضع للسلطة الفلسطينية من المدينة.

وتضطر عائلة الشرباتي ونحو 170 عائلة فلسطينية أخرى -تسكن في محيط الشارع- إلى استخدام الحاجز العسكري الإسرائيلي شديد التحصين عدة مرات يوما.

يزدحم الحاجز بعشرات الكاميرات، في حين تحيط عشرات أخرى بمنزل الشرباتي ومنازل جيرانه من الفلسطينيين، وكلها تنقل المعلومات عنهم للجيش الإسرائيلي.

ظل الشرباتي يعتمد في تنقله على معرفة الجنود به أو ببطاقته الشخصية، لكنه اليوم يخضع  للتتبع بالكاميرات عند اقترابه من الحاجز.

ويوضح أنه بمجرد “أن يصل الشخص المَنفذ الخاص بالعبور، تلتقط الكاميرا الأخيرة صورة وجهه، فتظهر قاعدة بياناته كاملة أمام الجندي”. وإذا أفاد هذا النظام بأنه ليس من سكان المنطقة فيُجبر على العودة. أما إن كان منها، فعليه -رجلا كان أو امرأة- الخضوع لتصوير ثانٍ يعتمد على المسح الضوئي “فيظهر الجسد كاملا كأنه هيكل عظمي”.

ويشير الشرباتي إلى عدد كبير من الكاميرات المثبتة على الحاجز من مختلف الجهات ومن الجهة الخارجية تجاه الأحياء الخاضعة للسلطة الفلسطينية، ويقول إن “كل هذه الكاميرات تصورنا الآن”.

ليس هذا فقط، بل يشير الشرباتي إلى بندقية آلية تعمل عن بُعد مثبتة بين الكاميرات، تستخدم لإطلاق الرصاص. ويتابع “نحن في سجن، لا يستطيع كثير من أقاربنا زيارتنا لأن بيانات الجيش تقول بمجرد تصوير وجوههم إنهم ليسوا من المنطقة، بينما يأتي المستوطنون من كل مكان بمركباتهم ويدخلون بكل حرية”.

ويشير إلى تصوير شبه دائم للبيوت وما حولها بطائرة صغيرة، فضلا عن اقتحامها وتصوير سكانها وجمع بياناتهم. وينهي كلامه قائلا “نحن في غابة من الذئاب البشرية والتقنية والعنصرية”.

-كاميرات مراقبة إسرائيلية في البلدة القديمة من الخليل -5 مايو 2023 (عوض الرجوب-الجزيرة نت)
كاميرات مراقبة إسرائيلية متطورة في البلدة القديمة من الخليل تصور الشخص وتنتهك خصوصيته (الجزيرة نت)

انتهاك الخصوصية

من جهته، يشير الباحث الميداني في مؤسسة الحق الفلسطينية هشام عبد الحافظ إلى هامش الخطأ والمخاطر بأنظمة المراقبة “التي تُغذى ذاتيا من خلال تصوير الوجوه”.

وتابع أن “هناك انتهاكا واضحا للخصوصية، الفلسطيني ملاحق؛ أينما يتحرك يتم تصويره من خلال كاميرات حديثة ذات كفاءة عالية ودقة كبيرة مثبتة في أماكن عالية في الخليل”.

وقال إن تلك الكاميرات يتم تركيزها في محيط المنازل الفلسطينية وداخلها، مع أنها قادرة على تصوير الإنسان بكل تفاصيله وكأنه مجرد من الثياب، كما صرحت بذلك سابقا مجندة في الجيش كانت تعمل في مراقبة تلك الكاميرات.

ويضيف الباحث الحقوقي أن تلك المجندة -لم يذكر اسمها- قالت صراحة إنها ترفض تصويرها بتلك الكاميرات في الأماكن العامة، متسائلا: كيف إن كان ذلك في البيت؟

ويقول عبد الحافظ إن “كاميرات الذئاب” الإسرائيلية تُضاف إلى عشرات الكاميرات العادية والعوائق المادية والحواجز المأهولة ونقاط المراقبة العسكرية التي تقيّد وتعوق وتنتهك خصوصية المواطن الفلسطيني في مساحة لا تتجاوز كيلومتر مربع واحد وسط الخليل.

فلسطين-الخليل- حواجز إسرائيلية في البلدة القديمة (الجزيرة نت – عوض الرجوب)
عشرات الأسر الفلسطينية في البلدة القديمة للخليل تواجه نظاما تقنيا إسرائيليا ينتهك خصوصيتها (الجزيرة نت)

التكنولوجيا والفصل العنصري

وذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير -نشرته الثلاثاء الماضي- أن “السلطات الإسرائيلية تستخدم تكنولوجيا التعرّف على الوجه لترسيخ نظام الفصل العنصري (…) وتستخدم نظامًا تجريبيًا للتعرّف على الوجه يُعرف باسم الذئب الأحمر، لتعقب الفلسطينيين وجعل القيود القاسية المفروضة على حرية تنقلهم مؤتمتة”.

وجاء التقرير بعنوان “الأبارتهايد الرقمي”، وتوثق فيه المنظمة كيف يشكل “الذئب الأحمر” جزءًا من شبكة مراقبة متنامية باستمرار ترسخ سيطرة الحكومة الإسرائيلية على الفلسطينيين، وتسهم في الحفاظ على نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الذي تُطبّقه إسرائيل.

وذكرت أن نظام “الذئب الأحمر” منشور عند الحواجز العسكرية في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، حيث يعمل على مسح وجوه الفلسطينيين ويضيفها إلى قواعد بيانات ضخمة للمراقبة من دون موافقتهم.

وتربط المنظمة الدولية بين “الذئب الأحمر” ونظامي  مراقبة آخرَيْن يديرهما جيش الاحتلال الإسرائيلي كان أعلن عنهما في سنوات سابقة، وهما “قطيع الذئاب” وهو عبارة عن قاعدة بيانات واسعة للغاية تحتوي على جميع المعلومات المتوفرة عن الفلسطينيين، و”الذئب الأزرق” وهو تطبيق تستطيع القوات الإسرائيلية الدخول إليه عبر أجهزة الهاتف الذكية والأجهزة اللوحية، ويعرض فورًا المعلومات المخزّنة في قاعدة بيانات “قطيع الذئاب”.

وتشير المنظمة الدولية إلى شبكة كثيفة من كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة تدعم تكنولوجيا التعرّف على الوجه “لإبقاء الفلسطينيين تحت المراقبة شبه الدائمة”.

وعبرت عن خشيتها من خطر تعقب الفلسطينيين “بواسطة خوارزمية أو منعهم من الدخول إلى أحيائهم، استنادًا إلى معلومات مخزّنة في قواعد بيانات تمييزية للمراقبة”.

وتقول المنظمة إن النظام يركز على الخليل وشرقي القدس “لأنهما المدينتان الوحيدتان في الأراضي الفلسطينية المحتلة اللتان تقع داخل حدودهما مستوطنات إسرائيلية”.



Previous post King Charles III and Queen Camilla crowned
Next post إطلاق المسيرتين على الكرملين تم من داخل روسيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *