التطبيع مع إسرائيل.. تحدّ آخر أمام جنرالات السودان وخشية أميركية من إنهائه | سياسة


واشنطن- دفع اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قبل أسبوعين إلى قلق أميركي من التداعيات السلبية المحتملة على مسار تطبيع العلاقات السودانية الإسرائيلية.

وشهد فبراير/شباط الماضي زيارة علنية لوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين للخرطوم، عقب انتهائها أعلنت وزارة الخارجية السودانية الاتفاق مع إسرائيل “على المضي قدما في سبيل تطبيع العلاقات بين البلدين وتطويرها في المجالات المختلفة”.

وخلال زيارة كوهين التي رافقه فيها وفد أمني ودبلوماسي، التقى الوزير الإسرائيلي كبار المسؤولين السودانيين وعلى رأسهم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان حيث تم بحث آفاق التعاون المشترك بخاصة في المجالات الأمنية والعسكرية، حسب بيان صدر آنذاك من مجلس السيادة.

وفور عودته من الخرطوم، أعلن كوهين أن إسرائيل والسودان ستوقعان اتفاق سلام خلال أشهر في واشنطن بعدما تم الاتفاق على نص اتفاقية تأسيس العلاقات في زيارته للخرطوم.

أميركا تخشى من عدم قدرة الطرفين المتصارعين في السودان على مواجهة التيار الرافض للتطبيع مع إسرائيل (الأناضول)

جزء غير مكتمل

نجحت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في دفع السودان إلى الاعتراف بإسرائيل، وبدء مسار تطبيع العلاقات معها بعدما رفعت اسم السودان من قائمة واشنطن للدول “الراعية للإرهاب” كما تسميها، بينما اعترفت كل من الإمارات والبحرين والمغرب رسميا بإسرائيل عام 2020 وضمن ما يعرف بـ”اتفاقيات أبراهام” التي جرت برعاية الولايات المتحدة وأسست لعلاقات دبلوماسية بين هذه الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي.

ولكن السودان تردد في اتخاذ الخطوات نفسها قبل الحصول على ضمانات أميركية من بينها توفير حصانة قضائية من أي قضايا مستقبلية تخص ضحايا عمليات أو هجمات قديمة، إضافة إلى تقديم دعم اقتصادي ومالي للسودان.

وفي ورقة بحثية نشرها الخبير بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إيهود يعاري، جاء أن أحد تداعيات القتال الذي اندلع بين الجنرالين المتنافسين في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان هو الإنهاء المحتمل للتفاهمات التي توصلت إليها الخرطوم مع إسرائيل حول تطبيع العلاقات.

ويعد معهد واشنطن من أبرز المراكز البحثية المرتبطة بالإدارات الجمهورية والديمقراطية في ما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط. وعمل كبار مسؤولي ملف الشرق الأوسط بوزارة الخارجية في المعهد قبل توليهم قيادة ملفات المنطقة، سواء في حالة ديفيد شينكر بعهد الرئيس ترامب أو باربرا ليف في إدارة بايدن الحالية.

تعقّد ملف التطبيع

لعبت الولايات المتحدة دورا رئيسا في التقريب بين إسرائيل والسودان من خلال إلغائها تصنيف السودان دولة راعية للإرهاب، ورفع العقوبات المرتبطة به، وتقديم المساعدة المالية له، ودفع مؤسسات التمويل الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد إلى الانفتاح على الخرطوم.

ورأى يعاري أن تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل خُطط له أن يحدث فور تثبيت إجراءات الاتفاق الإطاري، بخاصة في ما يتعلق بتشكيل حكومة مدنية وإجراء انتخابات برلمانية تسمح بمصادقة البرلمان السوداني الجديد على الاتفاقية مع إسرائيل. وعبر الباحث عن خشيته مما وصفه “بزيادة نفوذ القوى الإسلامية والقوى اليسارية” المعترضة على التطبيع.

وفي السنوات الماضية ركّزت تل أبيب في علاقاتها بالخرطوم مع المكون العسكري خاصة الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وبدرجة أقل على قوات الدعم السريع.

وأبرز يعاري في دراسته الرفض الشعبي السوداني لفكرة التطبيع مع إسرائيل، واستشهد بفشل محاولة إقامة “جمعية الصداقة السودانية الإسرائيلية” في الخرطوم، وأشار إلى أن المساعدة الإنسانية التي أرسلتها منظمة غير حكومية إسرائيلية لم تنل أي دعاية أو تغطية صحفية.

في الوقت ذاته تحدّث الباحث عن “زيادة عدد زيارات الوفود العسكرية السودانية الرفيعة المستوى التي وصلت في مهمات شبه سرية لطلب المساعدة”.

ورأى يعاري أن “التأخير الذي دام عامين ونصف في تحويل إعلان التطبيع إلى اتفاقية سلام موقعة عرّض العملية برمتها للخطر”، وحتى لو شكّلت في السودان حكومة مدنية على المدى القريب فقد يتبين أنها ستتردد في اختبار المزاج العام من خلال إبرامها معاهدة مع “العدو الصهيوني” كما يشار إلى إسرائيل غالبًا من قبل الصحافة المحلية والمعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي والسياسيين.

وإذا فاز البرهان في منافسته مع حميدتي، فقد يُقنعه حلفاؤه الإسلاميون بوقف التطبيع أو إبطائه على الأقل، كما يعتقد يعاري. وبالمثل، إذا تغلب حميدتي في الصراع القائم، سيتعين عليه أن يأخذ في الحسبان شعور “حزب الأمة القومي” و”الشركاء المحتملين الآخرين تجاه إسرائيل”.

في الوقت ذاته، تخشى معظم الفصائل المدنية في السودان أن تفقد الدعم الأميركي، وقد يتطلب ذلك “تحذير السودان بأنه سيفقد المزايا الأميركية الممنوحة له التزاما مع إعلان التطبيع الأولي”.

وينصح يعاري واشنطن بالضغط على مصر والإمارات والسعودية كي تضغط بدورها على الخرطوم بحيث يتم “توجيه الحكومة المدنية القادمة بعيدا عن ترك مسار السلام الذي مهّد له الجنرالات”.




اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post “النواب” يناقش مقترح نائب التنسيقية بتعديل مادة تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة
Next post ميسى وأسامة فيصل يقودان هجوم المنتخب الأولمبى أمام الكونغو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading