إثيوبيا.. ازدهار سوق المحافظ الرقمية ينعش اقتصاد البلاد | اقتصاد


يشهد سوق المحافظ الرقمية في إثيوبيا نموا مطردا مع زيادة عدد المحافظ والمشتركين، مما يشجع ازدهار اقتصاد البلاد، بالرغم من التحديات التي واجهتها التجربة جراء الحرب الأخيرة بين الحكومة الفدرالية والمتمردين في إقليم تيغراي.

ومطلع العام الجاري، قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إن اقتصاد بلاده يحقق مؤشرات نمو جيدة رغم تحديات شديدة بسبب مشاكل داخلية وضغوط خارجية خلال العامين الماضيين، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولي توقع نموا بنسبة 5.7% لإثيوبيا خلال العام الجاري.

واعتبرت نورة أنور المحللة الائتمانية في أحد البنوك المحلية والمستشارة الاقتصادية بالمعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية، أن ازدهار سوق المحافظ الرقمية دليل على أنها أصبحت وسيلة مهمة في التعاملات اليومية لدى المواطن الإثيوبي، مشيرة إلى أن استخدام المحافظ تعزز خلال جائحة كورونا بتوجيه من الدولة لاستخدام التسوق الإلكتروني.

وذكر تقرير حكومي، أن عدد المشتركين في سوق المحافظ الرقمية بإثيوبيا بلغ 42 مليون شخص بزيادة 51% عن العامين الماضيين، مما رفع قيمة العمليات المالية عبر المحافظ الرقمية إلى 75 مليار بير إثيوبي (4 مليارات دولار)، في بلاد يبلغ سكانها نحو 110 ملايين نسمة، 80% منهم يعيش في المناطق غير الحضرية.

معاملات سلسة

وأوضحت نورة للجزيرة نت أن إثيوبيا تعمل على حثّ مواطنيها على استخدام المحافظ الرقمية لإجراء المعاملات بسهولة.

وأشارت إلى أن المحافظ الرقمية منذ انطلاقها عام 2018 أصبحت جزءا لا يتجزأ من عادات الإنفاق اليومية لملايين الإثيوبيين، وأحدثت ثورة في المعاملات اليومية بعيدا عن قيود التعاملات النقدية بين الأفراد.

وأضافت نورة أن الاقتصاد الإثيوبي يهيمن عليه النقد، لكن خدمات تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول ساعدت في تقليل اعتماد الناس على حمل النقود من خلال تخزين جميع معلومات الدفع الخاصة بالمستهلك بشكل آمن.

ويعود ازدهار المحافظ الرقمية أو الإلكترونية، لسهولة فتح محفظة إلكترونية، والتي لا تحتاج سوى امتلاك شريحة اتصالات، وجوال ذكي، عكس الإجراءات المعقدة لفتح حساب بنكي، فضلا على أن غالبية سكان إثيوبيا يعيشون في المناطق الريفية والتي تندر فيها البنية التحتية للبنوك والمصارف، مما يجعل المحافظ الرقمية بديلا جذابا لإجراء المعاملات المالية دون الحاجة إلى حساب مصرفي.

ويرى الموظف في بنك آبسينيا الإثيوبي أحمد محمد، أن المحافظ الرقمية تساعد في إنشاء سجلات وحسابات للمواطنين الذين لم يتعاملوا مع البنوك مسبقا، وستفيد أيضا في إدخال الأموال البعيدة من البنوك والمؤسسات المالية، وتمكن الحكومة من مراقبة كل الأموال.

المحافظ الرقمية أصبحت بديلا جذابا لإجراء المعاملات المالية دون الحاجة إلى حساب مصرفي (شترستوك)

خدمات تنافسية

وباتت المحافظ تتنافس في تقديم خدماتها، كتوفير حسابات الادخار، وتحويل الأموال، وإمكانية سحبها نقدا، فضلا عن سداد الفواتير الحكومية، والدفع مقابل السلع والخدمات.

وأرجع الباحث الاقتصادي في شؤون القرن الأفريقي بشير نصر، تزايد المحافظ الرقمية إلى التطور الذي طرأ على التجارة الإلكترونية وانتشار استخدامها في جميع المعاملات التجارية لدى البنوك والمؤسسات المالية المختلفة مما ساعد على خلق تنافس وابتكار وتنوع في المحافظ الرقمية.

وأضاف نصر، في حديث للجزيرة نت، إلى أن ازدهار سوق المحافظ الرقمية بإثيوبيا يعود لتبني الدولة لإصلاحات مالية في جميع المجالات التجارية والاقتصادية، مما انعكس إيجابا على الأداء الإداري والنمو الاقتصادي.

وكان البرلمان الإثيوبي، وافق على الإعلان المعدل لنظام الدفع الوطني، والذي سمح للشركات الأجنبية بالمشاركة في عمليات نظام الدفع لتسهيل مشاركتها دون الحاجة إلى انتظار تعديل قانون البنوك، قبل أن يصدر البنك المركزي ترخيصا لخدمة الأموال عبر الهاتف المحمول لشركة “سفاري كوم” (Safari com)، كأول مستثمر أجنبي يحصل على ترخيص، بعد أن كانت الخدمة حصرية لشركة “إثيو تيليكوم” (ethio Telecom) الحكومية من خلال خدمة “تيلبير” (Telebirr).

وبحسب تقرير لصندوق النقد الدولي عن إثيوبيا، يوجد 5 فروع لبنوك لكل 100 ألف شخص، و60 مليون مشترك في الاتصالات، فيما يمتلك 44% من السكان هاتفا ذكيا، ووصلت تغطية الاتصالات إلى 95% من مساحة البلاد، والإنترنت متاح لـ27 مليون مستخدم.

ولفت الموظف في بنك آبسينيا أحمد محمد، إلى أن القوانين الإجبارية التي أصدرتها الحكومة بدفع معاملات محطات الوقود ورسوم الخدمات الحكومية عبر المحافظ الرقمية هي التي أدت إلى زيادة سوق المحافظ الرقمية.

وكانت هيئة تنظيم الوقود والطاقة بإثيوبيا، أعلنت أن شراء الوقود من المحطات، إلزامي بالدفع عبر إحدى المحافظ الرقمية، لضمان تتبع توزيع الوقود، ما يعني المزيد من المشتركين والمزيد من العمليات المالية.

ويقول محمد إن الاقبال السريع على المحافظ يعد مؤشرا واضحا على أنها جاءت ضمن ثورة رقمية للبلد الذي يحصي 70% من السكان أقل من 25 عاما، وكثير منهم ناشطون اقتصاديا ويعتمدون على الاقتصاد النقدي.

التحول الرقمي

وقال نصر إن التحول الرقمي بدأ بمبادرة من الاتحاد الدولي للاتصالات ونتيجة لتبني دول عديدة بوابة الخدمات الإلكترونية أو ما يعرف بالنظام الإلكتروني للنافذة الواحدة، وهو نظام خدمة شامل يسمح للمتداولين بتقديم جميع المتطلبات المتعلقة بالاستيراد والتصدير والعبور داخل بوابة إلكترونية واحدة.

ويعد هذا النظام أمرا حيويا في تيسير الخدمات وتقليل الوقت وتكاليف العملية المتعلقة بالتطبيق، ويسمح باشتراك المستخدمين العاملين في قطاع التجارة الدولية، ويساعد جمع المعلومات الرقمية على التحليل والتقييم ووضع الخطوط الاستراتيجية المستقبلية لصناع القرار.

وقبل 3 سنوات، أطلق الاتحاد الدولي للاتصالات، مبادرة مراكز التحول الرقمي في إثيوبيا بهدف تعزيز القدرات الرقمية للفئات المهمشة، وقالت وزارة الابتكار والتكنولوجيا إن المبادرة حاسمة لرقمنة الخدمات في جميع المجالات والإسهام في تحقيق إستراتيجية إثيوبيا 2025 الرقمية فيما يتعلق بالمؤسسات التعليمية وقطاع العمل.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post الضرائب: 30 يونيو آخر موعد لسداد القسط الأول من الضرائب العقارية بلا غرامات
Next post بتروجت يدعم سيدات تنس الطاولة بلاعبة الزمالك فرح عبد العزيز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading