رغم أن “عديدا من الثقافات تتضمن تناول الأرز أو المعكرونة أو البطاطس للشعور بمزيد من الشبع، والحصول على سعرات حرارية أكثر”، حسبما تقول مدربة الحمية الغذائية بجامعة كاليفورنيا، أدريان بوسنر، فإن انتشار كثير من الحميات الغذائية التي تُحرّم الكربوهيدرات أسهم في جعل معظم الناس غير متأكدين مما إذا كانت هذه الأطعمة مفيدة بالفعل أم لا.
لكن الحقيقة هي أن عديدا من الكربوهيدرات، التي لطالما أشيع أنها “سيئة”، اتضح أنها جيدة لتزويد الجسم بالألياف والطاقة، والإسهام في توفير العناصر الغذائية الضرورية لنظامنا الغذائي، وذلك بعد أن وضع خبراء التغذية الأمور في نصابها، ودعوا للاستمتاع بها من دون شعور بالذنب، بشرط تناولها باعتدال، وضمن نظام غذائي متوازن.
أدمغتنا تحب الكربوهيدرات
الكربوهيدرات ضرورية لوظائف الجسم، فهي “الوقود الذي تفضله أدمغتنا، لدورها في تحسين المزاج وتقوية الذاكرة”، ففي مطلع مارس/آذار الماضي، وجد باحثون أن “الكربوهيدرات تساعد أدمغتنا على إنتاج السيروتونين، الذي يُعزز الشعور بالرضا، ويُحسن النوم”.
كما يمكن للكربوهيدرات أن تساعدنا في إنقاص الوزن الزائد، حسب مراجعة شملت 15 دراسة، ووجدت أن تناول 3 حصص من الحبوب الكاملة يوميا يرتبط بانخفاض الدهون، ومن ثم انخفاض مؤشر كتلة الجسم. والحصة عبارة عن نصف كوب أرز، أو شريحة خبز، أو نصف كوب حبوب مطبوخة، أو نصف كوب معكرونة مطبوخة، أو نحو 5 قطع بسكويت، أو 3 أكواب فشار.
وهو ما أكدته دراسة نُشرت عام 2018، ووجدت أن “تناول الكربوهيدرات الجيدة يعد أكثر أهمية لفقدان الوزن من حساب السعرات الحرارية”.
أما الدراسة الطويلة الأمد، التي نُشرت عام 2021 بعد مراقبة بيانات محيط الخصر وضغط الدم ومستوى السكر والكوليسترول لأكثر من 3 آلاف شخص في منتصف الخمسينيات من العمر لمدة 18 عاما، فقد أوصت بتناول الكربوهيدرات للتمتع بصحة جيدة.
وأكدت أن “تناول الحبوب الكاملة يوفر فوائد صحية تتجاوز مجرد المساعدة على فقدان الوزن أو الحفاظ عليه، إلى زيادة القدرة على ضبط نسبة السكر وضغط الدم، ودرء خطر الإصابة بأمراض القلب مع التقدم في العمر”. وذلك لغناها بالألياف الغذائية (النخالة) ذات التأثير المُشبع، بالإضافة إلى المغنيسيوم والبوتاسيوم ومضادات الأكسدة، وهو ما يبدد المخاوف المنتشرة بشأن بعض الأطعمة النشوية الأكثر شهرة، مثل:
البطاطس
“سواء كانت مخبوزة أو مسلوقة أو مهروسة، تُعد البطاطس عنصرا أساسيا في غذاء عديد من الأشخاص، كونها لذيذة ومشبعة”، حسب أدريان بوسنر، التي توضح أن “البطاطس تُعد من الخضروات الغنية بالنشا، الذي يجعلها توفر سعرات حرارية أكثر، بعد تحوله في الجسم إلى غلوكوز يُستخدم كطاقة”.
وتضيف أنها “مصدر طبيعي للبوتاسيوم المفيد للقلب والعضلات والجهاز العصبي، وكذلك فيتامين سي (C) المضاد للأكسدة، والواقي من مرض الإسقربوط المميت، بالإضافة إلى ألياف قشرتها المهمة لصحة الجهاز الهضمي”.
وقد أوصت دراسة أجريت عام 2021 مرضى السكري من النوع 2، بإقران البطاطس بأطعمة أخرى، “كجزء من وجبة متوازنة مع البروتين والألياف والدهون الصحية”.
الأرز الأبيض
وهو الغذاء الذي ظل أساسيا ولذيذا ومتعدد الاستخدامات لدى العديد من الشعوب على مدى قرون، قبل أن يتحول بمرور الوقت لإشاعة الاعتقاد بأنه غذاء غير صحي إلى حد ما، يُنصح الناس باستبداله بالأرز البني.
رغم أن للأرز الأبيض عديدا من الخصائص الصحية، “فهو خال من أي سكريات مضافة أو صوديوم، كما أنه يحتوي على العناصر الغذائية الأساسية مثل الكالسيوم والحديد والمغنيسيوم”.
ويُعد خيارا مثاليا لمن يعانون الاضطرابات الهضمية، لخلوه الطبيعي من مادة الغلوتين”، وفقا لما ذكره موقع “هافنغتون بوست” (huffingtonpost).
المعكرونة
لم تسلم المعكرونة مما لحق بالأرز الأبيض من مغالطات، رغم أن تناولها “يرتبط بكمية أكبر من المُغذيات وتحسين جودة النظام الغذائي لدى الأطفال والبالغين الأميركيين، وبالنتائج المفيدة المرتبطة بالوزن لدى الإناث البالغات”، استنادا إلى دراسة نُشرت عام 2020، ووجدت أن “أولئك الذين يأكلون المعكرونة يميلون إلى الحصول على جودة نظام غذائي أفضل، بسبب استهلاك مزيد من حمض الفوليك والألياف والحديد والمغنيسيوم وفيتامين إي (E)، مقارنة بمن لا يتناولونها”.
كما أن المعكرونة -حسب دراسة أخرى نُشرت عام 2021- تُعد طعاما رائعا وصحيا، وخصوصا بالنسبة للنساء بعد انقطاع الطمث، “حيث يمكن لـ3 حصص منها أسبوعيا، أن تُقلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وأمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بتصلب الشرايين لديهن”.
الذرة
تلك الحبات الصغيرة، التي تعزز البصر “لاحتوائها على نوعين من الكاروتينات (اللوتين والزياكسانثين) التي تدعم صحة العين”، بالإضافة إلى الألياف التي تسهم في دعم وزن الجسم الصحي، من خلال تعزيز الشعور بالامتلاء بعد الوجبة، والبروتين والزنك والنحاس والمغنيسيوم، والبوتاسيوم الذي يدعم ضغط الدم الصحي ووظيفة القلب وتقلصات العضلات.
توفر كثيرا من الفوائد الصحية، كباقي الحبوب الكاملة التي وجدت الأبحاث أنها “تساعد في تقليل أمراض القلب، وسرطان القولون والمستقيم، والسمنة، ومرض السكري من النوع 2”. كما يمكن أن تكون مفيدة جدا لمن يتضررون من الغلوتين، “لخلوها منه بشكل طبيعي، مما يجعلها بديلا جيدا للقمح”.
الخبز
رغم أن عديدا من الأنظمة الغذائية توصي بالاستغناء عن الخبز تماما، فإن “هناك بعض أنواع الخبز التي تُعد مفيدة جدا عند تضمينها في نظام غذائي صحي ومتوازن”.
وحسب تقرير صدر عن المكتبة الوطنية للطب عام 2021، فإن “الاستهلاك اليومي من خبز العجين المخمر يمكن أن يؤدي إلى تعزيز التمثيل الغذائي الصحي للميكروبات في القولون”.
كما أظهرت مراجعة منهجية -أجريت مطلع هذا العام- “تأثيرا إيجابيا لهذا الخبز، على نسبة السكر في الدم”.
الموز
غالبا ما يُساء فهم طبيعة الموز بسبب محتوياته من السكر والألياف، “رغم أن الموزة تحتوي على 100 سعر حراري و3 غرامات من الألياف”، مقابل كنز من العناصر الغذائية الأساسية مثل المغنيسيوم وفيتامين “سي”، بالإضافة إلى البوتاسيوم “الذي يرتبط بتحسين صحة القلب، لأنه يخفض ضغط الدم ويحافظ على استقرار ضربات القلب، ويُقلل من خطر السكتات القلبية”، حسب هافنغتون بوست.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.