بغداد ـ لا نعرف مصيره حتى الآن، غير أنه محتجز في سجن الفيصلية في الموصل مع عدد من السوريين ممن دخلوا إلى العراق عبر الحدود بين البلدين، بهذه الكلمات وصف عبد الله المقيم رسميا في العراق وضع شقيقه مصطفى المحتجز في الموصل بتهمة تجاوز الحدود والدخول بطريقة غير نظامية إلى العراق.
ويوضح عبد الله أن احتجاز شقيقه مصطفى تم في 23 من شهر يوليو/ تموز الماضي حيث ألقت القوات الأمنية العراقية القبض عليه مع آخرين بعد تجاوزهم الحدود السورية والدخول إلى العراق.
وتُوقِف الجهات الأمنية العراقية المئات من السوريين الذين عبروا الحدود طلبا للجوء الإنساني، للتحقق من سلامة موقفهم وعدم ارتباطهم بجهات ومنظمات إرهابية، وهم موقوفون في سجون بين الموصل وبغداد، بعضهم صدرت أحكام بحقهم بتهمة تجاوز الحدود، وآخرون قيد التحقيق.
ونظمت مجموعة من الناشطين ومنظمات إنسانية سورية، الأربعاء الماضي، وقفة احتجاج أمام ممثلية الأمم المتحدة في أربيل عاصمة كردستان العراق، وقدموا مذكرة إلى الممثلية، طالبوا فيها بإطلاق سراح أكثر من 400 لاجئ سوري احتجزتهم السلطات العراقية.
دخول إنساني وسياسي
وقال رئيس منظمة “جاني روج” رشيد علي جان بمؤتمر صحفي عقب الوقفة إن هناك ألفي لاجئ سوري قدِموا إلى العراق في الآونة الأخيرة، احتجزت السلطات العراقية 350 لاجئا منهم في سجن الموصل، و71 آخرين في بغداد، مطالبا الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق ومنظمة الأمم المتحدة بالإسراع في إطلاق سراحهم لكونهم لاجئين، ولكون احتجازهم يتنافى مع مبادئ الدستور العراقي، إذ إن دخولهم إلى العراق إنساني وسياسي.
وأشار جان في حديث للجزيرة نت إلى أن قيام السلطات العراقية بتسليم عدد منهم إلى النظام السوري خطوة غير قانونية وفق القانون الدولي وغير دستورية وفق الدستور العراقي، موضحا أن المحتجزين هم من العرب والكرد السوريين، وأن أسباب احتجازهم لدخولهم إلى العراق كلاجئين وبطريقة غير رسمية.
ولفت جان، وهو سوري الجنسية يقيم في كردستان العراق منذ 12 عاما ويرأس المنظمة التي تتخذ من أربيل مقرا لها “إلى أن بعضهم تم تسليمهم للحكومة السورية، خاصة بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى سوريا منتصف الشهر الماضي”، حيث جرى اتفاق بين الطرفين على تسليم السوريين ممن يعبرون الحدود بشكل غير نظامي.
وبين أن مجموع من تم تسليمهم 15 شخصا بينهم سيدتان، منوها إلى أن المحتجزين دخلوا على شكل دفعات عن طريق مدينة القامشلي صوب الموصل، مضيفا أن منظمته وذوي المحتجزين سلموا ممثلية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في أربيل طلباتهم وقد وعدت الممثلية بالتدخل لحل المشكلة.
مخالفات الإقامة
ولم تعلق وزارة الداخلية العراقية على ذلك، لكنها أعلنت في أوقات سابقة وفي بيانات عدة ترحيل المئات من العرب والأجانب ممن دخلوا العراق بطرق غير نظامية وبينهم سوريون وإعادتهم إلى بلدانهم طبقا للقوانين العراقية النافذة بكونهم مخالفين لشروط الإقامة.
وفي السياق يؤكد المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية علي عباس جهاكير للجزيرة نت، أن وزارته لم تسجل اللاجئين ممن يعبرون الحدود بشكل غير رسمي، وأن الوزارة تعمل على حصر جميع اللاجئين في العراق وخاصة السوريين المتواجدين في المخيمات بغية تقديم المساعدات الإنسانية لهم.
ولم يعطِ جهاكير إحصاء لأعداد جميع السوريين الموجودين بصفة مهاجرين أو لاجئين في العراق، مبينا أن الوزارة بانتظار إحصاء أعداد السوريين في إقليم كردستان لإعلان الحصيلة الكلية رسميا.
ويقدر عدد اللاجئين السوريين في العراق بنحو 260 ألف لاجئ، غالبهم في إقليم كردستان العراق، وذلك حسب أحدث إحصائية رسمية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويحل العراق في المرتبة الرابعة بعد تركيا ولبنان والأردن من حيث أعداد اللاجئين السوريين، بعد اضطراب الأوضاع في سوريا عام 2011.
قوانين وعقوبات
وعن القوانين والعقوبات القانونية التي تنتظر الداخلين إلى العراق بطرق غير مشروعة، يؤكد الخبير القانوني علي التميمي، أن الغاية من الاحتجاز هي التحقيق لمعرفة موقف الأفراد العابرين للحدود العراقية فيما لو كان لهم صلات بالإرهاب أو بالجرائم الجنائية وغيرها من الجرائم، مشيرا إلى أن من تثبت إدانتهم بالإرهاب يمكن محاكمتهم بالعراق وفق المادة (9) من قانون العقوبات العراقي.
ويبين التميمي في حديث للجزيرة نت أن هناك لجانا خاصة مشكلة من الجهات الأمنية والقضائية للتحقق من أن الذين يدخلون العراق بشكل غير رسمي لهم صلات بالإرهاب أم لا، منوها إلى أن لدى العراق قوانين تحاسب من يتجاوز الحدود أو يدخل أراضيه بشكل غير مشروع، وهناك عقوبات مثل الحبس على أن لا يزيد على 3 سنوات، وفق المادة (15) من قانون جوازات السفر رقم (32) لسنة 2015.
رد الجميل
وبشأن أن سوريا سبق وأن فتحت حدودها أمام العراقيين في سنوات العنف الطائفي (2006-2008) يرى الباحث في شؤون الأقليات والأديان سعد سلوم أن الاعتبارات الإنسانية ينبغي أن تكون هي المعيار الأساسي للسياسة العراقية في التعامل مع أي لاجئ يدخل الأراضي العراقية، خاصة وأن لسوريا خصوصية بالنسبة للعراقيين، من خلال استضافة الكثير من المعارضين السياسيين طوال العقود الثلاثة الماضية، وخاصة في فترة العنف الدامي في العراق.
ويعتبر سلوم في حديثه للجزيرة نت أن تلك الاعتبارات الإنسانية، فضلا عن احترام مبادئ الدستور العراقي ينبغي أن تكون هي الفيصل في أي سياسة تجاه اللاجئين، خاصة وأن المجتمع العراقي مازال حتى اليوم هو مجتمع لاجئين ونازحين بسبب الظروف السياسية والأمنية التي مر بها.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.