أناس يُقتلون ضربا أو حرقا، وآخرون يضطهدون وتحرق منازلهم وأملاكم، ويعتقلون في معسكرات احتجاز بحجة أنهم مهاجرين غير شرعيين؛ والسبب أنهم مسلمون. يحدث ذلك في الهند التي يحكمها الحزب القومي الهندوسي بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي والمتهم بممارسة التمييز ضد الأقلية المسلمة منذ توليه السلطة في 2014.
وعرض برنامج “المسافة صفر” الاستقصائي معاناة مسلمي الهند الذين يشكلون أكبر أقلية بنحو 100 مليون من أصل نحو مليار و400 مليون نسمة، بعد أن تنقل فريقه إلى الولايات الهندية الأكثر توترا، وقدم شهادات صادمة من ضحايا مسلمين، وكشف عن مخططات سرية لمنظمة هندوسية تستهدف المسلمين في مناطق عدة من البلاد.
ويعد محمد صابر وعائلته من ضحايا القمع الوحشي ضد المسلمين، فقد قُتل والده “أفتاب عالم” الذي كان يعمل سائق سيارة أجرة في دلهي لمدة 15 عاما، من طرف 3 أشخاص ركبوا معه السيارة. وقُتل والد صابر لأنه مسلم بعد أن عرفوا أنه لا يشرب الخمر.
ورغم مرور عامين لم يلق القبض على الفاعلين، بل إن الشرطة اعتبرت القضية قضية سطو.
وقبل “أفتاب” قُتل شاب (17 عاما) في ولاية هاريانا، وكذلك شابان مسلمان تم حرقهما في ديسمبر/كانون الأول 2020، ناهيك عن جرائم أخرى ارتكبت بحق المسلمين في ولايات أخرى من الهند ولم يُبلَّغ عنها.
وفي ظل الحكومة القومية الهندوسية الحالية تفجرت عمليات العنف من قبل من يسمون “حرّاس البقر” في الهند، إذ قُتل أكثر من 50 شخصا خلال السنوات الماضية معظمهم من المسلمين.
وفي ولاية أوتار براديش شرقي الهند تعرض محمد قاسم للضرب حتى الموت، من قبل من يسمون “حراس البقر” بحجة أن المسلمين يذبحون البقر الذي له قدسية خاصة لدى الهنود. في حين تعرض آخرون للضرب ومنهم “سمي الدين”.
ويُظهِر الفيلم الذي عرضته قناة الجزيرة ضمن حلقة (2023/6/2) من برنامج “المسافة صفر” جانبا من مخططات الهندوس لاستهداف المسلمين، ففي ولاية “أسام” التي تقع على حدود بنغلاديش ويديرها الحزب الحاكم تم تقديم قانون جديد للمواطنة قد يؤدي إلى طرد مئات الآلاف من المسلمين من الهند.
وبعيدا عن الأنظار تنتشر معسكرات الاحتجاز لمن يسمون “المهاجرين غير الشرعيين” في جميع أنحاء الريف، وهناك 7 مراكز نشطة في “أسام” تحتجز عددا غير معروف من المسلمين في انتظار أن تقرر المحاكم إما ترحيلهم أو لا.
ورغم عيشه في الهند طوال حياته اتُهم “سوميد علي” بأنه مهاجر غير شرعي، ليلقى به وعائلته وآخرين في معسكرات الاحتجاز والتي وصفها علي بأنها سجن، والشيء نفسه حصل مع آخرين قدموا شهاداتهم لفريق برنامج “المسافة صفر”.
وفي ولاية “ماديا فراديش” التي توجّه إليها فريق برنامج “المسافة صفر” يتعرض المسلمون لهدم منازلهم وأملاكهم التجارية من قبل الدولة باسم القانون والنظام، وهو حال أمجد خان الذي هُدم مصنعه لأنه مسلم.
ومن جهة أخرى، سلّط برنامج “المسافة صفر” الضوء على منظمة “الاتحاد الوطني الهندوسي”، وهي منظمة شبه عسكرية تأسست عام 1925 وهدفها تحويل الهند إلى أمة هندوسية، ويصفها المؤرخ الهندي، “ديريندرا كي جاي” بالمنظمة الفاشية، ويقول إن حزب “بهاراتيا جاناتا” بزعامة “مودي” هو كيان من هذه المنظمة التي تدير الدولة عبر أدرعها ومبادئها.
وعرض الفيلم – الذي حمل عنوان “الهند.. من أشعل الفتيل؟”- وثائق رسمية تُنشر لأول مرة عن معسكرات لمتطرفين من الهندوس بهدف استهداف المسلمين.
دور الشرطة الهندية
وتُقر بانوجيوتسنا لاهيري، وهي ناشطة هندوسية من منظمة “متحدون ضد الكراهية” بأن الشرطة الهندية لا تتعامل بعدل وإنصاف مع قضايا قتل واضطهاد المسلمين، بل إنها تغض الطرف عن الدعوات التي تطلق علنا للعنف والاغتصاب والإبادة الجماعية. كما تؤكد أن العنف ضد المسلمين كان قبل مجيء حكومة ناريندرا مودي، لكن الذي يحدث الآن هو أن السلطة لم تعد تتدخل لوقف من يقومون باضطهاد المسلمين.
وحتى عند فتح محضر في قسم الشرطة فغالبا ما تسجل الجرائم تحت جرائم الجنح والجنايات مثل السرقة أو الإخلال بالنظام العام.
ونفس الشهادة يؤكدها، سانجاي هيغدي، وهو محامٍ أول في المحكمة العليا في الهند بقوله إن الشرطة الهندية اعتادت تلبية أوامر الحكومة وهي خاضعة لها بالكامل، وتقدم تقاريرها للسياسيين، مؤكدا أن الحزب الحاكم لا يحب الأقليات لأنه لا يحب أي شخص يفكر بشكل مختلف، وليس لديهم نائب مسلم واحد.
في حين يؤكد المتحدث الرسمي باسم الحزب الحاكم، سودانشو ميتال أن الجميع متساوون في نظر القانون، وأن القضاء مستقل والحكومة لا تتدخل في عمله.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.