يوسف بن تاشفين اللمتوني مؤسس الدولة المرابطية الكبرى | الموسوعة


أبو يعقوب يوسف بن تاشفين بن ترقنت بن إبراهيم اللمتوني الصنهاجي، أحد الشخصيات التاريخية التي حكمت المغرب الأقصى 40 سنة في القرن 11 الميلادي، وعاش نحو قرن. ويعد أقوى الأمراء الذين حكموا الدولة المرابطية، التي كانت تمتد من مدينة بجاية الجزائية شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا، ومن منطقة بلاد السودان جنوبا حتى بلاد الأندلس (إسبانيا) شمالا، كأكبر دولة في أفريقيا وأوروبا حينها.

المولد والنشأة

ولد يوسف بن تاشفين -ثاني ملوك الدولة المرابطية بعد ابن عمه أبو بكر بن عمر اللمتوني- حوالي سنة 400 للهجرة الموافق 1009 ميلادية في منطقة لمتونة، وهي إحدى قبائل صنهاجة بموريتانيا، ووالده هو إبراهيم بن تورفيت بن وارتقطين، ووالدته هي فاطمة بنت سير بن يحيى بن وجاج بن وارتقطين، ابنة عم أبيه.

نشأ ابن تاشفين على حب الجهاد داخل أسرة ملتزمة بدينها الإسلامي، مثل باقي قبائل صنهاجة آنذاك، كما كان شجاعا وقياديا وهو صغير السن، الأمر الذي مكنه من الالتحاق بالحركة المرابطية التي أسسها الشيخ عبد الله بن ياسين، في منطقة على نهر النيجر في منطقة نائية بالسنغال.

وبعد وفاة الشيخ عبد الله بن ياسين، تولى أبو بكر بن عمر اللمتوني -ابن عم يوسف بن تاشفين- مقاليد الحكم بالحركة المرابطية، وسار على نهج مؤسسها في الجهاد والدعوة إلى الله في منطقة الصحراء.

واستمرت حركة المرابطين في النمو، والتحق بها آلاف المريدين، وواصل أبو بكر بن عمر نهجه في الجهاد وتوحيد البلاد، مستعينا في ذلك بابن عمه الأمير يوسف بن تاشفين وعينه قائدا للجيش، وعمره حينها 48 عاما.

الدراسة والتكوين العلمي

أخذ يوسف ابن تاشفين تعاليم الدين الإسلامي على يد الفقيه الشيخ عبد الله بن ياسين، الذي كان له الفضل في تكوين الجيل الأول من حركة المرابطين، وتعلم منه الفروسية إلى جانب التكوين الديني.

وهكذا تميز تكوين ابن تاشفين بحضور البعد الديني والتربوي والجسدي، مما أهله بعد ذلك لقيادة جيش المرابطين، الذي وحّد به بلاد المغرب والأندلس.

واشتهر يوسف بن تاشفين بقربه وحبه لأهل العلم الذين كان يعينهم لتولي مناصب في القضاء والشؤون الدينية، بهدف تطبيق الشريعة الإسلامية في الحياة اليومية للناس وتنظيم معاملاتهم.

وإضافة إلى ذلك، اهتمَّ ابن تاشفين ببناء المساجد ونشر الدعوة، وكان له الفضل في توحيد المسلمين بالغرب الإسلامي.

وجعله حبه العلم والعلماء وتعلقه بنشر الدين الإسلامي محط حب وتقدير عند رجال العلم، الذين أشادوا به في كتاباتهم وأعمالهم، مثل ما كتبه الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء “كان ابن تاشفين كثير العفو مقربا للعلماء، وكان أسمر نحيفا خفيف اللحية، دقيق الصوت سائسا حازما”.

ووصفه ابن الأثير في كتابه “الكامل في التاريخ” بأنه كان “حليما كريما ديّنا خيّرا، يحب أهل العلم والدين ويحكّمهم في بلاده، ويبالغ في إكرام العلماء والوقوف عند إشارتهم، وكان إذا وعظه أحدُهم خشع عند استماع الموعظة، ولان قلبه لها وظهر ذلك عليه، وكان يحب العفو والصفح عن الذنوب العظام”.

هذه الصفات أسهمت في تكوين شخصية يوسف بن تاشفين القيادية، التي أهلته وهو صغير السن إلى تولي قيادة إمارة البربر، بعدما عينه ابن عمه أبو بكر بن عمر اللمتوني أميرا على إمارة الصحراء، حيث بايعه شيوخها وسادتها وزعماؤها.

التجربة السياسية والعملية

في بداية القرن 11 الميلادي، أصبح المرابطون أسرة حاكمة -بعدما كانوا مجرد حركة صغيرة أسسها عبد الله بن ياسين- وحكموا دولة صغيرة جنوب الصحراء، في منطقة لمتونة على الساحل الأطلسي بين موريتانيا والسنغال، تحت قيادة يحيى بن عمر اللمتوني، الذي كان نائبا للشيخ عبد الله بن ياسين.

وبعد مقتل يحيى بن عمر اللمتوني في معركة “طبفريلة” ضد قبائل جودالا عام 1056، تسلم شقيقه أبو بكر بن عمر اللمتوني قيادة الجيش المرابطي من قبل الشيخ عبد الله بن ياسين.

وتوسع المرابطون في اتجاه الشمال نحو جبال الأطلس، حيث احتلوا مناطق شاسعة، من بينها منطقة برغواطة التي قتل فيها عبد الله بن ياسين سنة 1059، وكذلك منطقة أغمات التي تزوج أبو بكر بملكتها زينب بنت إسحاق النفزاوية، وكانت الملكة سليلة تجار من قبيلة نفزاوة الزناتية، ومشهورة بجمالها وثرائها.

كان أبو بكر قائدا عسكريا مقتدرا، فاستولى على سهول سوس الخصبة وعاصمتها أغمات بعد عام واحد من وفاة شقيقه، واستمر في بسط سيطرته على المناطق في الصحراء بمساعدة ابن عمه يوسف بن تاشفين، وعهد إليه بعد ذلك بقيادة منطقة سوس والمناطق التابعة لها بعدما سيطروا عليها بالكامل.

وقبل سفره إلى موريتانيا، طلق أبو بكر زوجته زينب النفزاوية لأنه لم يكن متأكدا من عودته من سفره، وإن عاد ما هي المدة التي سيعود بعدها.

وكان يخشى عليها من تعب السفر وحرارة الصحراء، فطلقها وقال لها “إذا انقضت مدتك فانكحي ابن عمي يوسف بن تاشفين”. ويعكس هذا النوع من الثقة من جانب أبي بكر التقديرَ الكبير الذي كان يخص به ابن عمه يوسف بن تاشفين والمكانة التي كان يحظى بها عنده، ناهيك عن القوة التي اكتسبها كشخصية عسكرية قوية في غيابه.

وتزوج بها يوسف بن تاشفين بعد تمام عدتها، وظلت الرفيقة القائمة بشؤون زوجها حتى وفاتها عام 464 الموافق 1071.

ثم بدأ يوسف بن تاشفين بسط سيطرته على مناطق أخرى وإخضاعها لحكمه، انطلاقا من مدينة “سجلماسة” التي اتخذها قاعدة جنوبية لدولته، وأصبحت مركز تجمع للصنهاجيين الصحراويين الجنوبيين، وخصوصا من قبائل لمتونة ومسوفة وجدالة.

وكان ذلك قبل أن يواصل بناء مدينة مراكش سنة 1062، التي كان قد أسسها قبله ابن عمه أبو بكر بن عمر اللمتوني، واتخذها ابن تاشفين بعد ذلك عاصمة للدولة المرابطية، وتحولت مع مرور الزمن إلى أهم مدينة للدولة المرابطية في الغرب الإسلامي.

وغزا ابن تاشفين مملكة تلمسان (في الجزائر) وأسس مدينة الجزائر الحالية، وامتد حكمه إلى الشرق الأقصى حتى وهران. وعلى مستوى المغرب، امتد حكم ابن تاشفين إلى جبال منطقة الريف والمناطق الصحراوية العتيقة ثم مدينة فاس، قبل أن يصل إلى مدينة طنجة.

وفي عام 1060، عاد أبو بكر اللمتوني إلى المغرب لاستئناف قيادة الجيش، لكنه وجد يوسف بن تاشفين قد زادت سلطته، وأصبح قائدا كبيرا لا يشق له غبار، ورأى بذلك أن أي محاولات لاستعادة منصبه غير مجدية، فقرر العودة إلى أطراف الصحراء جنوبا لتسوية الاضطرابات هناك، وترك ابن تاشفين يواصل فتوحاته تجاه الشمال.

استغاثة ملوك الطوائف

في الوقت الذي كان فيه ابن تاشفين يواصل فتوحاته ببلاد المغرب، ويعمل على استتباب الأمن والاستقرار بالدولة المرابطية، كان المسلمون في بلاد الأندلس يعيشون الويلات بسبب القمع والاضطهاد من قبل ملوك الإفرنجة الصليبيين.

وكان ملوك الطوائف الأندلسية يدفعون الجزية والهدايا كل عام إلى ألفونسو السادس ملك قشتالة لنيل رضاه.

وعندما ضاقوا ذرعا من تصرفات ملك قشتالة، أعلنوا التمرد عليه وامتنعوا عن دفع الجزية، وأقدم أمير إشبيلية المعتمد بن عباد على قتل كل الأشخاص الذين كلفهم ألفونسو السادس بتحصيل الجزية والهدايا.

تَمَرُد المسلمين جعل ملوك الإفرنجة (ملوك إسبانيا وفرنسا والبرتغال) يتفقون على طرد كل المسلمين من بلاد الأندلس، خاصة بعد سقوط طُليطلة.

وذلك عندما خرجوا بجيش جرار من جليقية وليون، وقاموا بغزو أغلب الممالك التي كانت تحت حكم المسلمين هناك، إذ كان المسلمون في الأندلس يحكمون 22 دويلة صغيرة، ولكل دويلة ملك، في ما سمي عهد “ملوك الطوائف”.

واستمر ذلك الغزو إلى أن وصلوا إلى إمارة إشبيلية، وعملوا على إحراقها وإحراق كل القرى والمناطق المحيطة بها، كما حاصروا قلعة سرقسطة حصارا شديدا.

وعندما كانت قلعة سرقسطة على وشك السقوط، وبدأ الخناق يشتد على ملوك الطوائف الذين كانوا يعيشون في البذخ والترف، قاموا بالاستنجاد بيوسف بن تاشفين أمير الدولة المرابطية، ليدافع عنهم ويقيهم شر ألفونسو السادس وحلفائه.

ولم تكن مسألة الاستنجاد والاستغاثة بالأمير المرابطي محل إجماع من قبل ملوك الطوائف، لخشيتهم من تبعات هذه الفكرة على ملكهم.

وفي هذا الاستنجاد خلد أمير إشبيلية المعتمد بن عباد كلمته التاريخية “رعي الجِمال عند ابن تاشفين خير عندي من رعي الخنازير عند ألفونسو”. في إشارة إلى أن العيش تحت حكم ابن تاشفين خير له من العيش تحت حكم ملك قشتالة ألفونسو السادس.

واستجاب ابن تاشفين -الذي تجاوز عمره حينها 70 عاما- لنداء الاستغاثة الذي وجهه ملوك الطوائف، وجهز جيشا ضخما دخل به مدينة الجزيرة الخضراء التي كانت تحت حكم المعتمد بن عباد، فحصنها وجعلها قاعدة خلفية لقواته العسكرية.

وبدأ في تبادل الرسائل مع ملك قشتالة، ودعاه إما للإسلام أو الاستسلام ودفع الجزية، لكن ألفونسو رفض ذلك، الأمر الذي دفع يوسف بن تاشفين إلى عبور البحر بجيوشه ودخول الأندلس.

وانضمت إليه جيوش بعض ملوك الطوائف استعدادا لمعركة “الزلاقة” الفاصلة التي جرت سنة 479 هـ الموافقة لسنة 1086، وغيّرت تاريخ الأندلس ومددت حكم المسلمين هناك 4 قرون.

معركة الزلاقة

التقى الجيشان في سهل الزلاقة بإسبانيا، حيث كان يقود الجيش المرابطي المسلم الأمير يوسف بن تاشفين، في حين كان ملك قشتالة ألفونسو السادس يقود الجيش القشتالي المسيحي.

وبدأت المعركة يوم 12 رجب 479 هـ الموافق 23 أكتوبر/تشرين الأول 1086م، وانتهت بعد عدة أيام بهزيمة ساحقة للجيوش القشتالية، وتمكن بذلك المسلمون من استرجاع مدينة بلنسية وبسط سيادتهم من جديد على الجزيرة الخضراء، التي كانت قد سُلبت منهم قبل ذلك.

ووضع يوسف بن تاشفين خلال هذه المعركة خطة محكمة، يقال إنه استلهمها من خطة الصحابي الجليل خالد بن الوليد في موقعة الولجة في فتوح فارس، بحيث عمل على تقسيم جيشه إلى 3 جيوش:

  1. جيش المقدمة الذي ضم 15 ألف جندي، وكان يقوده المعتمد بن عباد.
  2. جيش ثان كان خلف الجيش الأول وضم 11 ألف مقاتل، وكان على رأسه الأمير ابن تاشفين.
  3. الجيش الثالث الذي كان بمثابة الحرس الخاص له، الذي قدر عدد عناصره بـ4 آلاف مقاتل من أمهر الرماة والمحاربين.

ومكنت الخطة ابن تاشفين من استخدام عنصر المفاجأة، خاصة عندما دخل أرض المعركة بحرسه الخاص وباغتوا من الخلف جيش ألفونسو، الذي كان عدده يصل إلى 80 ألف مقاتل، وأصبح محاصرا بين جيش المقدمة بقيادة ملك إشبيلية المعتمد بن عباد وجيش المقاتلين الأشدّاء بقيادة ابن تاشفين من الخلف.

وهزموا بذلك وانكسرت شوكة الصليبيين، وأصيب ملك قشتالة ألفونسو السادس إصابة بليغة في رجله، ظلتّ تلازمه طوال حياته. وتقول الروايات إنه خرج فارا من هذه المعركة الكبرى بـ500 مقاتل فقط من أصل 80 ألفا، قُتل منهم نحو 24 ألفا وأُسر الباقون، ولم يدخل معه طُلَيْطِلَة إلا 100 فارس.

بعد هذه الهزيمة، رفع ألفونسو الحصار عن العديد من الممالك في الأندلس، وفي الوقت نفسه عاد ابن تاشفين إلى المغرب بشكل مفاجئ بسبب وفاة ابنه وولي عهده أبي بكر، وترك وراءه نحو 3 آلاف مقاتل من جيشه تحت تصرف ملك إشبيلية المعتمد بن عبّاد.

وعاد ابن تاشفين إلى الأندلس مرة ثانية عام 481 هـ الموافق لـ1088م، حينما استغاث به ملوك الطوائف مرة أخرى، بعدما حاصر ألفونسو السادس حصن لييط، فاستولى ابن تاشفين على إمارة غرناطة، وطائفة مالقة، وتمكن المعتمد بن عباد من بسط سيطرته على الحصن.

وعاد بن تاشفين مرة أخرى إلى المغرب، قبل أن يعود في المرة الثالثة إلى الأندلس، وحاصر طليطلة التي كان يقطنها ألفونسو، واستولى بعدها على إسبانيا الإسلامية (بلاد الأندلس) كلها وذلك خلال عام 496 هـ الموافق لـ1103.

تطهير حديقة الأندلس

بعد انتهاء معركة الزلاقة بنصر مؤزر لجيش المرابطين، مدد حكم المسلمين على بلاد الأندلس 4 قرون، لاحظ بن تاشفين الذي اعتاد الزهد والإيثار وشظف العيش تباين ظروف حياته ومستوى عيشه مع مستوى عيش ملوك الطوائف الأندلسية.

إذ كانوا يرفلون في ملذات ونعم لا يستحقونها، لعجزهم عن حماية الممالك الأندلسية وعن ضعفهم أمام الفتوحات الصليبية في الدفاع عن الإسلام والمسلمين، وهو ما جعل فقهاء الدولة المرابطية يصدرون في حقهم فتاوى تجيز خلعهم من مناصبهم لعدم قدرتهم على تطبيق الشرع في الحكم، وعجزهم عن حماية الإسلام في الأندلس.

وبعد ذلك، جهز ابن تاشفين جيشا لتطهير بلاد الأندلس من ملوك الطوائف، وبسط سيطرة دولة المرابطين كاملة عليها. وكان من بين أسراه المعتمد بن عباد ملك إشبيلية، الذي كان قد تحالف مع ألفونسو ضد بن تاشفين حينما عاد الأخير إلى الأندلس في المرة الثالثة بسبب تهديده لملكه.

وهو ما جعل ابن تاشفين يعامله معاملة قاسية، جزاء له على سوء صنيعه (تحالفه مع ألفونسو) من جهة، وعلى حياة البذخ التي كان يعيشها وهو عاجز عن حماية أرضه ودينه من جهة أخرى.

وتقول الروايات التاريخية إن ابن تاشفين أدلى بعد ذلك بمرافعة واسعة بسط من خلالها دوافع حكمه القاسي على المعتمد بن عباد. ومن ذلك قوله “تقولون لنرحم الرجل فقد كبر سنه وذهبت دولته، ولم يعد يملك من الأمر ما سلّم حتى قَتل منا نفرا كثيرا، وقد لقينا منه ما لم نلق من الروميّ وجيشه، فما بالكم تذكرون آخر الأمر ولا تذكرون أوّله، وتذكرون العاقبة وتنسون الأسباب تتشفّعون لي فيه وتقولون ارحموا عزيز قوم ذل، وما ذل حتى أذل، وإنما إذلاله إذلال رجل واحد، وكان ذله ذل أمة بأكملها”.

لقب أمير المسلمين

بعد فتحه بلاد الأندلس وانتصاره على الصليبيين ومبايعة ملوكها وأمرائها له، أصبح الأمير يوسف بن تاشفين مؤسس الدولة المرابطية الكبرى الممتدة من السنغال جنوبا إلى إسبانيا شمالا ومن مدينة بجاية الجزائرية شرقا وحتى المحيط الأطلسي غربا.

مدخل ضريح بن تاشفين
مدخل ضريح يوسف بن تاشفين المتوفي عام 1106 بالمغرب (الجزيرة)

وهذا الأمر دفع أتباعه إلى مطالبته بالانفصال عن السلطة العباسية في العراق، وإضافة لقب “أمير المؤمنين” إلى اسمه بعدما كان يسمى بلقب “الأمير” فقط، وهو اللقب الذي كان مشتركا بين العديد من قادة الدولة المرابطية.

لكن ابن تاشفين رفض هذا الطلب -حسب ما ذكره ابن خلدون- كون لقب “أمير المؤمنين” هو لقب خاص بالخليفة العباسي حينها أحمد المستظهر بالله، علما أن هذا الأخير لم يكن يشكل أي تهديد على يوسف بن تاشفين أو على دولته أو حكمه، كونه كان ضعيفا لا يملك من أمره شيئا.

بعد رفض ابن تاشفين لقب “أمير المؤمنين” اقترح عليه أتباعه مرة أخرى بدل ذلك لقب “أمير المسلمين”، فأرسل عبد الله بن محمد بن العربي المعافري الإشبيلي، وولده القاضي أبو بكر بن العربي سفيرين له إلى الخليفة العباسي في بغداد، يحملان له طلب تقليد الولاية وبعض الهدايا، فبعث إليه الخليفة بمرسوم الولاية.

ولاقى هذا الموقف من ابن تاشفين إكبار العلماء والسلطة العباسية في بغداد، فتسمى لأول مرة في التاريخ الإسلامي بلقب “أمير المسلمين”، بعد أن أعلن الخضوع والولاء للخليفة العباسي أحمد المستظهر بالله.

وهكذا أسس “أمير المسلمين” السلطان يوسف بن تاشفين أكبر دولة إسلامية حينها، جامعة بين بلاد السودان وبلاد البربر والعرب، حيث ضمت مملكته أجزاء من السنغال، وموريتانيا الحالية، وأجزاء كبيرة من الجزائر، والمملكة المغربية الحالية، وأجزاء كبيرة من “الفردوس المفقود” بلاد الأندلس.

الوفاة

توفي أمير الدولة المرابطية يوسف بن تاشفين في شهر محرم عام 500 هـ الموافق 1106م، عن عمر قارب 100 عام، بعدما عانى من المرض في آخر سنة من عمره، ودفن بمدينة مراكش المغربية حيث يوجد قبره.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post النائب حازم الجندى يطالب بحل مشكلات التمويل أمام شركات البناء والتشييد
Next post الجيش استهدف موكباً فرنسياً بالخرطوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading