عمان- عندما يُقدّم موظف استقالته، فإنه يتطلّع -غالبا- إلى الخطوة التالية في حياته المهنية. ولكن إذا شعر ببعض الأسف أو أدرك أن القرار كان خطوة خاطئة، قد يفكّر في ما إذا كان الانسحاب خيارا أم لا. فلماذا يلجأ الموظف إلى الاستقالة من العمل؟ وكيف يمكنه التراجع عن هذا القرار؟
يرى المستشار في الموارد البشرية والمدرب في إدارة الأعمال محمد تملي أن عددا كبيرا من الاستقالات سببها ضعف التواصل بين المدير المباشر والموظف، رغم أن لهذا التواصل أهمية قصوى ويساعد المدير القائد في الحفاظ على موظفيه الأكفاء.
ويبين تملي في حديثه إلى الجزيرة نت أن عملية التواصل الإدارية المنهجية تتخذ أشكالا عدة، مثل اجتماع المدير مرة كل شهر على الأقل مع كل موظف لديه، ليعرض عليه عددا من الأسئلة المفتوحة والتي من شأنها أن تساهم في تحفيز الموظفين ورفع الانتماء إلى المؤسسة، وبالتالي تمنع حدوث الاستقالة.
وأيضا، من الأساليب الإدارية المهمة التي يقوم بها قسم الموارد البشرية الناجح في أي شركة هي مقابلة الاستقالة، والتي يطرح فيها قسم الموارد البشرية عددا من الأسئلة ليستطيع حصر الأسباب الرئيسة والمتكررة التي تؤدي إلى استقالات الموظفين بهدف الوقوف عند هذه الأسباب والحد منها. وقد يلجأ القسم، أحيانا، إلى سحب الاستقالة ومعالجة المشكلات، خصوصا مع الموظفين الذين يتمتعون بكفاءة عالية، وفق تملي.
القبول أم الرفض؟
بعض المديرين يراودهم تساؤل “في حال تقدم موظف باستقالة وتم قبولها، وبعد يوم أو يومين قدّم الموظف طلبا بسحب الاستقالة والرجوع عنها، فهل أقبل ذلك أم لا؟”.
يجيب تملي عن هذا التساؤل قائلا إنه كلما كانت خبرة المدير كبيرة… سيكون قادرا على اتخاذ القرار الأصوب؛ لأن مثل هذه القرارات تعد إستراتيجية وترتبط بالخبرات العملية، لِما لها من أثر في بيئة العمل مستقبلا.
ويشير إلى أنه يمكن أن نضع معيارا واحدا لقبول سحب الاستقالة ومعيارا آخر لرفض سحب الاستقالة، ففي حال كان الموظف قدم استقالته بسبب مشكلات شبه شخصية في العمل مع الموظفين أو المديرين، وتكررت لأكثر من مرة، فلا يُقبل طلب سحب استقالته، بل يتم التعجيل في إجراءاتها.
أما في حال كان سبب استقالة الموظف حصوله على عرض عمل آخر أو حصول أمر معه أثّر في رضاه الوظيفي، وهو موظف متميّز يتمتع بكفاءة عالية، ويمكن معالجة سبب استقالته من دون أن ينعكس ذلك سلبا على بقية الموظفين، فيتم قبول طلب سحب الاستقالة، بل يمكن أن تبادر الإدارة إلى عدم قبول الاستقالة من الأساس، وفق تملي.
قبل قرار “الاستقالة”
تقول مدربة المهارات الحياتية جين سلايطة إن الاستقالة من القرارات المهمة في الحياة، لما لها من آثار على حياة الشخص ودخله المادي.
وتشرح سلايطة للجزيرة نت قائلة “إذا اتخذتَ قرار الاستقالة وأنت في حالة توتّر وغضب، هنا يرتفع لديك إفراز هرمون الأدرينالين والكورتيزول في الجسم، ما يؤدي إلى ضيق في الأوعية الدموية المغذية للرأس، وبالتالي يقل وصول الدم إلى الرأس. وهذا من شأنه أن يسبّب نقصا في التركيز وتشوّشا في الرؤية، فيكون قرارك خاطئا على الأغلب”.
وتكمل “بالتالي، تُدخل نفسك في ظروف جديدة وأنت غير مستعد لها، ما يُشعِرك بالذنب والندم ولوم الذات. هذه المشاعر السلبية ستراودك بالإضافة إلى الظروف المستجدة جراء أخذ القرار المتسرّع. وكأنك وضعت نفسك في صندوق مغلق بسبب الغضب والتسرّع”.
وعليه، تنصح المدرّبة سلايطة باتباع الخطوات التالية قبل اتخاذ أي قرار:
- لا تتخذ القرار وأنت في حالة غضب وخوف وتوتر.
- اختر يوما تكون فيه هادئا ومرتاحا نفسيا وجسميا قبل اتخاذ القرار.
- حدد القيم المهمة لك، وفق أهميتها. مثلا، يمكنك أن تكتب على ورقة وتعدّد فيها تأثير الاستقالة مثلا على حياتك، على النحو التالي: ما تأثير قرار الاستقالة على الوضع المادي؟ وما تأثيرها على وضعي الصحي النفسي؟ وما تأثيرها على أطفالي ثم على علاقاتي الاجتماعية؟
- اكتب ورقة عن تأثير استمرارك في العمل على القيم المهمة بالنسبة إليك: ما تأثير العمل على الدخل المادي؟ والصحة الجسدية والنفسية؟ وما تأثيره على علاقاتي الاجتماعية؟ وما تأثيره على تطوير هواياتي؟
وتختم سلايطة أنه بعد كتابة الورقتين، ستتعرف أكثر وبوضوح على الأمور المهمة لديك، وتكون مستعدا لتقبّلها. هنا يكون قرارك مدروسا، وعن وعي وحكمة.
سحب الاستقالة!
نشر موقع “ماي كارير فيوتشر” (mycareersfuture) تقريرا تضمن مجموعة من النصائح لسحب طلب الاستقالة بشكل احترافي، أهمها:
- صياغة خطاب سحب الاستقالة: يجب توثيق أي طلب يتم إجراؤه في الإطار المهني، ويُعد خطاب الاستقالة الخاص بك نموذجا لذلك. وفي خطاب التراجع الخاص بك، اعتذر عن أي إزعاج تسببت به، واشرح أسباب العدول عن استقالتك.
- حدد موعدا للاجتماع الفردي مع مديرك: اعرض التحدث إلى مديرك شخصيا لشرح الأمر بشكل واضح. بهذه الطريقة، يمكنك مناقشة المشكلات التي واجهتك بعد استقالتك الرسمية بصراحة. ويعد هذا، أيضا، وقتا مناسبا لمديرك لفهم كيفية تحسين تجربة عملك.
- لا تترافع أو تهدّد: من الجيد أن تستعد لأسوأ السيناريوهات التي يتم فيها رفض خطاب الاستقالة الخاص بك. تجنّب مناشدة مديرك أو استجوابه، لأن هذا يبدو غير مهني ويقوّض صفاتك الإيجابية. والأهم من ذلك، لا تهدّد مديرك لأن ذلك سيؤدي بالتأكيد إلى إحداث شرخ في علاقتك المهنية.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.