قال موقع ميديا بارت الفرنسي إن 169 ألف أسرة إيطالية أبلغت عبر الرسائل القصيرة نهاية يوليو/تموز الماضي بإلغاء “دخل المواطنة”، وذلك من أجل توفير 3 مليارات يورو باستبعاد الأشخاص “المؤهلين للتوظيف”.
وأضاف الموقع أن هذا القرار يشبه ما جرى تنفيذه في فرنسا، من أجل ممارسة ضغط إضافي على الفئات الأكثر هشاشة لإجبارهم على قبول الوظائف التي يوفرها السوق مهما كانت ظروفهم.
وأوضح الموقع -في تقرير بقلم روماريك غودين- أن الرسائل النصية التي بعثها المعهد الوطني للرعاية الاجتماعية تخبر الأسر أنها لن تحصل بعد الآن على “دخل المواطنة” الذي قُدّم عام 2019، إلا بالنسبة لمن يتمكنون من إثبات “حالة ضائقة اجتماعية قوية”، فسيمدد لهم حتى نهاية العام.
أما بالنسبة لـ88 ألف عائلة مكونة من أفراد يعدّون “قادرين على العمل” فلن يتمكنوا من تلقي هذه المساعدة بعد الآن، والنتيجة أن دخل المواطنة الذي كان يوفر 500 يورو شهريا للشخص سيتوقف نهائيا في يناير/كانون الثاني 2024، وسيُستبدل “ببدل التضمين” الذي سيكون الحصول عليه أكثر صعوبة، ولن يشمل الأشخاص الذين يعدّون “قابلين للتوظيف”.
وعد يميني
وكان حزب “إخوة إيطاليا” (حزب رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني) وعد بهذا الإصلاح في الحملة الانتخابية العام الماضي، بعد أن نوقش داخل الائتلاف مع اليمين الليبرالي.
والهدف المعلن من وراء القرار -كما يقول ميديا بارت- هو توفير 3 من أصل 8 مليارات يورو يكلفها دخل المواطنة الذي يرى الناخبون اليمينيون الذين استقطبهم حزب “إخوة إيطاليا” في انتخابات عام 2022 أنه يساعد من يطلقون عليهم مصطلح “ديفانيستي”؛ أي أولئك الذين يقضون وقتهم على الأريكة مستفيدين من المزايا الاجتماعية، مطالبين “بإعادة إيطاليا إلى العمل”.
وفي دفاع حزب الرابطة المشارك في الائتلاف الحاكم عن دخل المواطنة، قال رئيسه ماتيو سالفيني إن “كل من لا يستطيع العمل يجب أن يستمر في الحصول على المساعدة، ولكن من يبلغ من العمر 30 عاما وليس لديه معاقون أو قاصرون معالون ويرفض العمل؛ فمن الصواب ألا يدعمه دافعو الضرائب الإيطاليون”.
أما متلقو دخل المواطنة -كما يضيف التقرير- فهم في حالة صدمة، وتسبب هذا الإعلان بالنسبة لكثير منهم في يأس حقيقي، وشرحت طالبة (24 عاما) في رسالة إلكترونية إلى صحيفة إيطالية إلى أي مدى سمح لها هذا الإجراء “بالدراسة بكرامة”، مضيفة أن الشعور السائد بالنسبة لها الآن هو أن “الفقر في إيطاليا عيب”.
وبالفعل، اقتحم رجل ستيني عاطل عن العمل -بعد تلقيه الرسالة النصية- مبنى البلدية في تيراسيني بمقاطعة باليرمو، وبيده علبة من البنزين وهدد “بحرق كل شيء”.
كما نظمت مظاهرة في نابولي للدفاع عن دخل المواطنة أمام مقر حزب جورجيا ميلوني، علما أن جنوب إيطاليا الذي يعاني من البؤس استفاد كثيرا من هذا الإجراء الذي شمل تقريبا واحد من 5 أشخاص في صقلية.
حرب على الفقراء
وفي البرلمان -كما يقول تقرير ميديا بارت- أثار وقع الرسالة والفوضى في الخدمات الاجتماعية لإدارة المرحلة الانتقالية هجمات مضادة من قبل المعارضة، فجاءت أقوى ردات الفعل من قبل حزب “إم 5 إس” الذي ندد زعيمه جوزيبي كونتي -الذي كان رئيس الوزراء الذي قدم دخل المواطنة- بشدة بإجراءات الحكومة.
وشدد كونتي على أن “قرار قطع الدعم عن الجزء الأكثر فقرا من السكان بين عشية وضحاها يثير كارثة معلنة”، قبل أن يثير “حربا على الفقراء بدلا من الفقر الذي يسبب أيضا ضررا لاقتصاد البلاد”.
كما أعلن الحزب الديمقراطي (من يسار الوسط) موقفا حازما ومعارضة لإنهاء دخل المواطنة، وقدم مشروع قانون لإقرار حد أدنى للأجور في البلاد، لحماية المستبعدين من دخل المواطنة من الاضطرار إلى قبول أجور الفقر، إلا أن الأغلبية أجلت نقاش مشروعه.
سياسة عنيفة
غير أن الملفت في السياسة الاجتماعية لرئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني -بالنسبة لميديا بارت- هو قربها من السياسة الفرنسية، حيث المنطق السائد للسياسة الاجتماعية هناك هو الضغط على الباحثين عن عمل، وعلى العاملين الأفقر أو الأكبر سنا من خلال التأمين ضد البطالة والمعاشات التقاعدية، وبالتالي خلق ضغط إضافي على الفئات الأكثر ضعفا لإجبارها على قبول الوظائف التي يوفرها السوق مهما كانت ظروفهم.
وأرجع التقرير الأمر إلى ضعف النشاط الاقتصادي في إيطاليا، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي لشبه الجزيرة في الربع الثاني من عام 2023 بنسبة 0.3%، ونما بنسبة 0.6% فقط على أساس سنوي.
وبالتالي لا يوجد حل آخر لضمان خلق الوظائف بمثل هذا النشاط المنخفض سوى تقليل تكلفة العمالة من خلال جعل الأشخاص الذين كانوا غير نشطين حتى الآن يعملون مهما كان الثمن.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.