أوضح مقال نشرته مجلة فورين بوليسي (Foreign Policy) الأميركية أن زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الولايات المتحدة خلال الأيام القادمة، تأتي في سياق سعي البلدين معا لحماية مصالحهما الإستراتيجية.
وأكد المقال -لكاتبه ريشي ينغار- أن “زواج المصلحة” بين الهند والولايات المتحدة صار ذا أهمية كبرى في الوقت الحاضر، في ظل الأزمة التي فجرتها حرب روسيا على أوكرانيا، ومسارعة القوى العالمية الكبرى لعقد تحالفات لحماية مصالحها الإستراتيجية.
فالهند -بحسب ينغار- في حاجة إلى تنويع مصادر واردتها من السلاح، إذ كانت تعتمد بشكل كبير على السلاح الروسي، والآن مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وجدت نيودلهي الفرصة مناسبة لتحقيق هذا الهدف عبر عقد صفقات مع واشنطن؛ فيما تستغل الولايات المتحدة هذه المناسبة لـ”فطم” الجيش الهندي عن السلاح الروسي.
كما أن التقارب الروسي مع الصين رجّح كفة الداعين لتقوية العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة، إذ إن الخلافات الحدودية الحادة بين نيودلهي وبكين لم تجد لها بعد حلا، وتبحث الهند عن تقوية ترسانتها العسكرية، وتنويع حلفائها للحفاظ على مصلحتها الإستراتيجية في شرق آسيا، خاصة أن الصين بدأت تعزز شراكاتها الآسيوية، وتقوي سلطانها في المحيط الهندي.
وبحسب الكاتب، فزيارة مودي لواشنطن الأسبوع القادم ليست زيارة شكلية، إذ تريد واشنطن أن تقوّي عمقها التصنيعي والدفاعي مع الهند، وتعزز تعاونها في مجالات الإنتاج المشترك لمحركات الطائرات، والمدافع البعيدة المدى، والمركبات العسكرية، وذلك إلى جانب تقوية التعاون في مجالات الذكاء الصناعي واستكشاف الفضاء وتكنولوجيا الدفاع.
الاقتصاد
اقتصاديا، يوضّح ينغار أن الولايات المتحدة تسعى للاستفادة من اليد العاملة الهندية النشطة وخاصة في مجال التكنولوجيا، وقد وقّعت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو ونظيرها الهندي بيوش غويال شراكة في مجال سلسلة توريد أشباه الموصلات، بينما أسفرت زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لنيودلهي مؤخرا عن مبادرة لتعزيز التعاون التكنولوجي المتطور بين جيشي البلدين، والذي عرف بنظام “INDUS-X”.
وتأمل واشطن أن تنجح -من خلال تعاونها الوثيق مع الهند- في تقليل اعتمادها على الصين التي نجحت خلال العقود الماضية في ترسيخ مكانتها كأرضية ثابتة للصناعة العالمية.
صعوبات
ويؤكد ينغار أن العلاقة بين البلدين لا تخلو من مشاكل، إذ توجد عقبات يسعى الطرفان للتغلب عليها، خاصة على الصعيد الاقتصادي، حيث إن تاريخ الهند في فرض الحمائية والروتين البيروقراطي، أثقل كاهل الشركات الأميركية في الماضي، وجعل من الصعب إنشاء بنية تصنيعية منافسة لما أنشأته الصين.
وأكد الكاتب أن السجل الديمقراطي للسلطات الهندية مع المسلمين وأقليات أخرى قد يكون “أحد ضحايا” زيارة مودي لواشنطن، إذ إن رغبة الأميركيين في إثارة المخاوف بخصوص حملات العنف ضد الأقليات وقمع حرية التعبير، قد تصطدم بضرورة حماية المصلحة الأميركية العليا، حيث إن الضرورات الإستراتيجية تفرض الصمت لعدم التأثير على المصالح الإستراتيجية الكبرى.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.