الدوحة- فرضت قضايا التضخم والديون الأميركية والارتباط بالدولار نفسها على أعمال منتدى قطر الاقتصادي الذي تستضيفه الدوحة وينتهي يوم غد الخميس 25 مايو/أيار الجاري.
ووصلت معدلات التضخم إلى مستويات قياسية في كثير من دول العالم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار الطاقة وتأثر سلاسل الإمداد وتأثيرات جائحة “كوفيد-19″، ما دفع العديد من دول العالم لرفع معدلات الفائدة متأثرة بقرارات الاحتياطي الفدرالي الأميركي.
وخلال حلقة نقاشية في منتدى قطر الاقتصادي، أكدت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا أن المصارف العالمية اتخذت قرارات متسقة مع مستوى التضخم العالمي، من خلال رفع معدلات الفائدة، مؤكدة أنه ينبغي عليها عدم التراجع والحفاظ على السياسة التي تنتهجها.
ولفتت إلى أنه في حال تم التراجع عن سياسة رفع أسعار الفائدة فإن مشكلة التضخم ستتفاقم وتخرج عن السيطرة، في حين توقعت أن يبدأ التضخم بالانخفاض العام المقبل وأوائل 2025.
ويترقب العالم تاريخ الأول من يونيو/حزيران المقبل، وهي المهلة المحددة لتوفير أموال في الخزانة الأميركية قبل أن تتخلف واشنطن للمرة الأولى في تاريخها عن سداد ديونها، وسط خلاف بين إدارة الرئيس جو بايدن والجمهوريين حول رفع سقف الدَّين العام.
واستبعدت مديرة صندوق النقد تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها، محذرة من أن الاقتصاد العالمي الذي يعاني أصلا من انعدام الاستقرار في غنى عن أزمة سقف الدَّين في الولايات المتحدة.
كما استبعدت حدوث تحول سريع في احتياطيات الدولار، رغم أن هذه الاحتياطات انخفضت من 70% إلى 60% وذلك لحساب عملات أخرى مثل اليورو، موجهة النصيحة بعدم التخلي عن الدولار.
مستويات قياسية
وفيما يتعلق بتعامل الحكومة القطرية مع مشكلة التضخم، أوضح محافظ مصرف قطر المركزي بندر بن محمد بن سعود آل ثاني أن السياسة النقدية في قطر تربط الريال بالدولار الأميركي، مؤكدا أن هذه السياسة مناسبة للاقتصاد المحلي، وأنه لا حاجة فورية لتغييرها، متوقعا أن يظل الدولار هو العملة الرسمية في العالم لتسوية حسابات التجارة العالمية.
وأوضح محافظ مصرف قطر المركزي -خلال جلسة حوارية حول الخطوات التالية للتضخم- أن التضخم كانت له تبعات كبيرة على الاقتصاد العالمي العام الماضي، حيث وصل إلى مستويات قياسية لم تحدث منذ عقود، موضحا أن مصارف العالم ليس أمامها سوى خيار واحد وهو إعادة التضخم إلى مساره الصحيح.
توترات جيوسياسية
وتوقع أستاذ الاقتصاد الفخري في كلية ستيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك نورييل روبيني، أن يواصل التضخم ارتفاعه بسبب التوترات الجيوسياسية والابتعاد عن العولمة، مبينا أن تراجع التضخم لن يحدث بالسرعة المطلوبة.
وقال روبيني -خلال منتدى قطر الاقتصادي- إن هناك عوامل تقلل من احتمالية حدوث نمو اقتصادي وتزيد من ارتفاع معدلات التضخم. وتشمل هذه العوامل الصدمات السلبية وعودة الشركات إلى الداخل والتأثيرات الجيوسياسية، إلى جانب تداعيات التغير المناخي على أزمة الطاقة، وارتفاع أسعار الغذاء، والحروب السيبرانية.
وأشار إلى أن العالم بحاجة إلى بناء مجتمعات مرنة في وجه التغييرات الجيوسياسية، مؤكدا أهمية ضخ الاستثمارات طويلة الأمد لتحقيق النمو ومواجهة التضخم.
الارتباط بالدولار
ويرى بعض الدول إمكانية مواجهة التضخم ونقص الاحتياطي لديها من خلال فك الارتباط بالدولار والتوجه للتعامل بالعملات المحلية ما قد يسهم في تخفيف الطلب المرتفع على العملة الخضراء.
ويعتقد روبيني أن الدولار الأميركي يستخدم بشكل شائع لأجل الحفاظ على القيمة وتسوية المعاملات التجارية، وشدد على أن الولايات المتحدة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تغيرات أسواق المال العالمية لتجعل من الدولار الأميركي عملة مدعومة بالأصول.
وفى الوقت نفسه، أوضح روبيني أن الابتعاد عن الدولار سوف يتحقق عبر الانتقال من عالم أحادي الأقطاب إلى عالم متعدد الأقطاب، حيث ستتخلى بعض الدول عن العملة الأميركية كعملة احتياط، لكن ذلك سيتطلب وقتا، حسب رأيه.
يأتي ذلك فيما توقع مسؤولون خليجيون أن تصمد منطقة الخليج في مواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية، ليس هذا فحسب بل وتحقق نموا واعدا من خلال قدراتها التنافسية التي تمتلكها من حيث موقعها الإستراتيجي كحلقة ربط بين 3 قارات هي آسيا وأفريقيا وأوروبا بالإضافة إلى قدراتها الإنتاجية الهائلة للطاقة.
وفى هذا الشأن، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن النمو الاقتصادي والتطور في البنية التحتية يجعل منطقة الخليج واعدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، موضحا أنه رغم وقوع دول الخليج ضمن منطقة تشهد صراعات جيوسياسية فقد استطاعت أن تصمد في وجه الأزمات العالمية وتنفذ رؤى وسياسات تم وضعها على مدار سنوات شهدت استثمارات في البنية التحتية والتكنولوجيا، مما جعل منطقة الخليج منطقة تنافسية عالمية.
تنافسية منطقة الخليج
وقال وزير المالية القطري علي بن أحمد الكواري إن المنطقة شهدت تنظيم أكبر بطولة رياضية عالمية وهي مونديال قطر 2022 وكانت بطولة ناجحة بكل المقاييس وحظيت بإشادات من العالم أجمع، موضحا أن مثل هذا التنظيم وبهذا القدر من النجاح إنما يدل على شيء واحد وهو قدرة المنطقة على التعبير عن نفسها بقوة مما يعزز التنافسية بها.
وأشار الكواري إلى أن دول الخليج قادرة على التحكم في معدل التضخم بصورة ذكية من خلال توفير بيئة استثمارية جاذبة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.