ملح طعام في الفضاء أيضا.. هل جاءت مياه الأرض من الكويكبات والنيازك؟ | علوم


هل تعلم أن ملح الطعام يمكن أن يكشف أسرارا حول أصل الماء على الأرض؟.. هذا ما اكتشفه فريق من الباحثين من جامعة أريزونا عندما قاموا بتحليل عينة صغيرة من كويكب إيتوكاوا (Itokawa).

تعد الدراسة، التي نُشرت في مجلة “نيتشر أسترونومي” (Nature Astronomy)، هي الأولى التي تثبت أن بلورات الملح نشأت على الكويكب وليس نتيجة تلوثها بسبب التخزين بعد وصولها.

هذا الملح المتوفر على موائد طعامنا بإمكانه أن يفسر لنا كيف تكونت المياه على كوكبنا وكيف بدأت الحياة عليه وما هي المصادر الأخرى للمياه التي قد توجد في الفضاء.

ملح الطعام المتوفر على موائدنا بإمكانه تفسير تكون المياه على كوكبنا
ملح الطعام المتوفر على موائدنا بإمكانه تفسير تكوّن المياه على كوكبنا (شترستوك)

ملح الطعام الفضائي

عندما نفكر في الملح، عادة ما نفكر في البلورات البيضاء التي نرشها على طعامنا فتعزز النكهات وتحسّن المذاق، لكن الملح أكثر من ذلك بكثير. ملح الطعام هو الاسم المعروف لمعدن من المعادن الطبيعية اسمه العلمي هو كلوريد الصوديوم (NaCl).

بدأ الاكتشاف عندما وجد الباحثان شوفان تشي وتوماس زيجا من مختبر القمر والكواكب بجامعة أريزونا، بلورات صغيرة في عينة من كويكب إيتوكاوا.

استخدم الباحثان مجهرا إلكترونيا لتحليل العينة التي جلبتها المركبة الفضائية اليابانية هايابوسا إلى الأرض في عام 2010. وبلغت العينة المستخدمة في الدراسة، وهي عبارة عن جزيء غبار صغير، حوالي 150 ميكرومترا أو ضعف قُطر شعرة الإنسان تقريبا، حيث قام الفريق بقص جزء صغير يبلغ عرضه حوالي 5 ميكرومترات من أجل التحليل.

لكن ما أثار دهشتهم هو ملاحظتهم أن البلورات مربعة الشكل وتشبه تماما كلوريد الصوديوم أو ملح الطعام. هذا لأن كويكب إيتوكاوا يعد من كويكبات “النوع إس” (S-Type)، التي غالبا ما تكون جافة وقاحلة ولا يُتوقع أن تحتوي على المعادن الرطبة الحاملة للماء مثل كلوريد الصوديوم.

ولأن مثل تلك البلورات لا يمكن أن تتشكل إلا في وجود الماء، فإن أصل الكويكب يجب أن يكون قد احتوى عليه في مرحلة ما من تاريخه.

Salt Crystals
الباحثان لاحظا وجود بلورات ملح مربعة تشبه تماما كلوريد الصوديوم أو ملح الطعام في العينة (شترستوك)

هل تلوثت العينات بالملح؟

كان السؤال الذي لطالما طرحته الدراسات السابقة التي وجدت كلوريد الصوديوم في النيازك من نوع مماثل، هل تلوثت العينات بالملح؟ وللإجابة عن هذا السؤال، ونظرا لأنه تم تخزين العينة لمدة 5 سنوات، التقط الفريق صورا للعينة قبل وبعد تخزينها ومن ثم قارنوها.

أظهرت الصور أن توزيع جزيئات كلوريد الصوديوم داخل العينة لم يتغير، مستبعدين احتمال ترسب أي من تلك الجزيئات في العينة خلال تلك الفترة. بالإضافة إلى ذلك، أجرى شوفان تشي، الباحث الأول في الدراسة، تجربة تحكم عن طريق معالجة مجموعة من عينات الصخور الأرضية مثل عينة إيتوكاوا وفحصها بالمجهر الإلكتروني.

وقال تشي في البيان الصحفي المنشور عن الدراسة على موقع فيز دوت أورغ (Phys.org) في 13 يونيو/حزيران الجاري إن “العينات الأرضية لم تحتو على كلوريد صوديوم، لذلك تيقنا بأن الملح الموجود في العينة موطنه الكويكب إيتوكاوا واستبعدنا كل مصدر محتمل للتلوث”.

من جهته، يقول توماس زيغا الباحث المشارك في الدراسة إن “كوكب الأرض يُمطَر يوميا بأطنان من المواد من الفضاء، لكن معظمها يحترق في الغلاف الجوي ولا يصل إلى السطح أبدًا. أنت بحاجة إلى صخرة كبيرة بما يكفي للبقاء على قيد الحياة لاختراق الغلاف والدخول وتوصيل تلك المياه”.

Solar system
الاكتشاف يشير إلى أن عددًا كبيرًا من الكويكبات في النظام الشمسي قد يحتوي على كمية من الماء (شترستوك)

إذًا كيف تكونت البلورات؟

قدر الباحثان قُطر الجسم الأصلي للكويكب بحوالي 100 كيلومتر والذي ربما احتوى على كمية كافية من الماء لملء بحيرة تاهو.

ويعتقد الباحثان بإمكانية وجود الماء على سطح الكويكب إما بالتسخين بفعل النشاط الإشعاعي، أو عن طريق اصطدامات مع كويكبات أخرى، ثم تفاعله مع المعادن الموجودة في الصخور وتشكل بلورات الملح، التي حفظت في العينة.

ويتحدى هذا الاكتشاف فكرة أن النيازك العادية (الكوندريت)، التي تشكل حوالي 87% من النيازك التي تم جمعها على الأرض، هي مصدر غير محتمل للمياه على كوكبنا.

كما أنه يدعم الفرضية القائلة إن معظم، إن لم يكن كل، المياه على الأرض ربما وصلت عن طريق تكون الكويكبات خلال مهد الكوكب المضطرب.

وإذا كان الأمر كذلك، فقد يكون الملح لعب دورا مهما في نشأة الحياة على الأرض، من خلال توفير مصدر للمياه والجزيئات العضوية للخلايا الحية الأولى لكي تظهر وتتطور.

ويشير الاكتشاف أيضا إلى أن عددا كبيرا من الكويكبات في النظام الشمسي قد يحتوي على كمية من الماء أكثر مما كنا نعتقد، وأنه كان بإمكانهم نقل المياه إلى الأرض خلال تاريخها المبكر.

ويأمل الباحثان أن تلهم دراستهم المزيد من التحقيقات حول الكويكبات من النوع “إس” ودورها المحتمل في نقل الماء والمواد المتطايرة الأخرى إلى الكواكب الأرضية.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post شروطكم للدعم المالي تهدد السلم الأهلي
Next post لمواجهة الحمى النزفية.. منع الذبح العشوائي للأضاحي في العراق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading