تناول مقال في موقع “إنترسبت” (Intercept) تقنية جديدة تساعد على إعادة تمثيل الجرائم التي ترتكب ضد البشر في العديد من الدول، متسائلا: هل ستسهل هذه التقنية إدانة مجرمي الحرب؟
وبدأت أليس سبري -وهي كاتبة في انتهاكات القوات العسكرية والأمنية وقمع المعارضة في العديد من البلدان- مقالها بمشهد لمدّعٍ عام أمام شاشة حاسوب في قاعة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي عام 2020 وهي تكبّر وتصغّر إعادة تمثيل رقمية مجسمة ومفصلة لجريمة بمدينة تمبكتو في مالي.
وتجولت سبري في الخريطة التفاعلية عبر الميادين والأسواق مكبرة التصاميم السابقة لمباني المدينة نزولا في النهاية إلى مستوى الشارع، وهناك شغّلت مقطع فيديو يظهر زعيما للمتمردين في مالي يمسك سوطا ويرافق رجلين مكلبين إلى منطقة مفتوحة ثم يأمرهما بالركوع ويجلدهما أمام جمع من المارة، بينهم عدد من الأطفال.
واعتبرت الكاتبة هذه التقنية بداية حية لمحاكمة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها الحسن أغ عبد العزيز عضو حركة أنصار الدين الإسلامية -وهي حركة شعبية جهادية قادت التمرد المسلح ضد القوات المالية في بداية تسعينيات القرن الماضي- والمتهم بارتكاب جرائم شتى، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب والاستعباد الجنسي والزواج القسري.
ولفتت إلى أن محاكمة الحسن انتهت أواخر مايو/أيار الماضي، ومن المتوقع صدور حكم عليه في الأسابيع المقبلة.
تأمين الإدانات
وقالت سبري إن المحاكمة لن تحدد فقط مصير رجل اتهمه الادعاء العام بأنه مرتكب جرائم حرب “متحمس”، بل ستجيب أيضا عن سؤال رئيسي يواجه المدافعين عن حقوق الإنسان: هل يمكن أن تساعد منصات الأدلة الرقمية المتطورة -وهي جزء من ترسانة تكنولوجية سريعة النمو والانتشار- في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وفي تأمين الإدانات؟
وأشارت إلى أن قضية الحسن تمثل أول استخدام لنموذج “الانغماس في الواقع الافتراضي” أو “آي في إي” (IVE) في لغة المحكمة الجنائية الدولية، والذي طوّر لملاحقة جرائم الحرب في عام 2016، والتي حُلت بالإقرار بالذنب قبل المحاكمة.
قضية الحسن تمثل أول استخدام لنموذج “الانغماس في الواقع الافتراضي” طوّر لملاحقة جرائم الحرب في عام 2016، والتي حُلت بالإقرار بالذنب قبل المحاكمة
وأضافت أنه من المرجح أن تصبح هذه الأنواع من الأدوات -التي تستخدمها جماعات حقوق الإنسان والمؤسسات الإعلامية بشكل متزايد، والتي ساهمت في تسويات تاريخية في القضايا التي تنطوي على عنف شرطة الولايات المتحدة- جزءا مهما من جهود العدالة الدولية في المضي قدما في تحقيق القضاء العادل.
الفظائع الجماعية
وأضافت أن انتشار هذه الأدوات ومساهمتها المتوقعة في جهود المساءلة الجنائية يثيران عددا من الأسئلة الملحة كما يحذر خبراء حقوق الإنسان، ولا سيما أن فرق المدعين العامين في المحاكم الجنائية الدولية غالبا ما تكون لديهم موارد أفضل من الدفاع، كما أنهما يثيران أسئلة أخلاقية -على سبيل المثال- بشأن استعادة مشاعر الصدمة النفسية للضحايا.
وأفاضت الكاتبة في تفصيل هذه التقنية الجديدة كما طورها خبراء المجال، مشيرة إلى أنها مصممة لتستخدمها كل الأطراف في الإجراءات، بما في ذلك الدفاع.
وأوضحت أن المؤيدين للطبيعة الغامرة لهذه المنصات يمكن أن يجعلوها أكثر فعالية لإشراك الناجين وشهود العيان.
ومع ذلك، فإن هذه الأدوات -كما حذرت إنجلي بارين -وهي مدافعة كينية عن حقوق الإنسان ومحامية حققت في الفظائع الجماعية وعملت خبيرة وشاهدة في الإجراءات الجنائية الدولية- ليست حلا سحريا، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالمجتمعات المفتقرة إلى إمكانية الوصول إلى تقنية معينة.
واستشهدت بارين بزيارة قامت بها مؤخرا إلى قرية في جمهورية أفريقيا الوسطى حيث قابلت شهودا بعد ذبح 30 شخصا.
وقالت “لم يكن لدى أي شخص هاتف ذكي”، لكنها أضافت أن” الأمر يتعلق بطريقة جعل هذا الأمر ذا مغزى للأشخاص المتضررين”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.